محمد وقيف

«ذي إيكونوميست»

مجلة «ذي إيكونوميست» خصصت إحدى افتتاحيات عددها لهذا الأسبوع للتعليق على نتائج الانتخابات العامة البريطانية، التي تصدرها حزب المحافظين ولكنه خسر أغلبيته المطلقة في مجلس العموم. الصحيفة ذكّرت بأن رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي هي من بادر بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بنية تشكيل «حكومة قوية ومستقرة» والحصول على تفويض شعبي يعزّز موقفها السياسي والتفاوضي أمام الاتحاد الأوروبي في المفاوضات حول إجراءات «الطلاق»، في ما بدا مجازفة آمنة وقتئذ، حيث كانت تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المحافظين بعشرين نقطة وتبشّر بفوز كاسح وولاية جديدة من خمس سنوات. لكن بعد انتخابات الأسبوع الماضي تبين أنها كانت مجازفة غير محسوبة العواقب ورهانا خاسرا، حيث شهدت «واحدا من أكثر الانهيارات دراماتيكية في التاريخ السياسي البريطاني».

الآن، تقول الصحيفة، وفي وقت بدأت تتعالى فيه بعض الأصوات مطالبة بتنحي ماي عن الزعامة بعد هذا الإخفاق، فإنه أياً يكن رئيس الوزراء البريطاني المقبل، فإنه سيجد نفسه أمام ثلاث أزمات؛ الأولى هي حالة انعدام الاستقرار المزمنة التي باتت تميز المشهد السياسي البريطاني، والتي سيصعب التخلص منها. فانتخابات الأسبوع الماضي كشفت عن بلد منقسم على نفسه بين ناخبين يتطلعون للانفتاح وآخرين يفضلون الانعزال، وبين شباب وكبار، وسكان مدن كبيرة وسكان مناطق ريفية، وقوميين ووحدويين. والثانية هي أن الاقتصاد يبدو ماضيا نحو التدهور. ذلك أنه إذا كان الاقتصاد قد تحدى استفتاء البريكسيت بأن نما بأسرع وتيرة في مجموعة السبعة، فإنه كان الأبطأ خلال الربع الأول من هذه السنة. كما أنه إذا كان معدل البطالة هو الأبطأ منذ عقود، فإن استمرار ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات يعني أن الأجور في انخفاض. أما الثالثة، فهي البدء، في غضون بضعة أيام في أهم مفاوضات تجريها بريطانيا زمن السلم، والمقصود بذلك البريكسيت، والتي تشمل، حسب الصحيفة، «تفكيك اتفاقات سياسية واقتصادية تم إبرامها على مدى نصف قرن تربط بريطانيا بالتكتل الذي ترسل إليه نصف صادراتها من السلع، ويأتي منه نصف مهاجريها، والذي ساعد على حفظ السلام في أوروبا وخارجها».

«ذا غارديان»

صحيفة «ذا غارديان» أفردت افتتاحية عددها ليوم الاثنين للتعليق على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي أجريت في فرنسا يوم الأحد الماضي، وأسفرت عن تصدر حزب الرئيس إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» نتائج الاقتراع، وهو ما اعتبرته إنجازا كبيرا على اعتبار أن «حزب ماكرون الفتي لم يكن موجودا في أوائل هذه السنة، لكن يتوقع اليوم أن يفوز بما بين 400 و450 مقعدا من أصل مقاعد الجمعية الوطنية الـ577». الآن، تقول الصحيفة، يبدو أن ماكرون بات في طريقه للظفر بتفويض شعبي حاسم لتحقيق أجندته الإصلاحية، وهو ما تعتبره شيئاً مهماً ليس لفرنسا فحسب، ولكن أيضا للاتحاد الأوروبي حيث تقول: «إن ألمانيا المستعدة للمساعدة على تخفيف الصرامة المالية لمنطقة اليورو سيتعين عليها انتظار الانتخابات البرلمانية الألمانية المرتقبة في سبتمبر المقبل، غير أن برلين لن تكون تحت ضغط كبير من أجل التحرك إذا لم يكن يُنظر إلى ماكرون على أنه يتمتع بالمصداقية كمصلح للاقتصاد الفرنسي».

والحقيقة التي لا مراء فيها، تقول الصحيفة، هي أن ثلاثة من أصل أربعة ناخبين فرنسيين لم يصوِّتوا لصالح ماكرون في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بينما اثنان من أصل ثلاثة ممن صوتوا يوم الأحد لم يدعموا حزب «الجمهورية إلى الأمام». غير أن هذا لن يمنع ماكرون من تمرير مخططاته للإنفاق العام ومقترحاته بخصوص تحرير سوق العمل عبر البرلمان في وقت لاحق من هذا العام. ولا شك أنه سيواجه تحديات، ومن ذلك ربما مظاهرات وإضرابات من النقابات التي ستسعى لاختبار تصميم وانضباط مشرعيه المبتدئين. كما أن المخططات التي تروم إدراج صلاحيات طوارئ بخصوص محاربة الإرهاب ضمن القانون الجنائي بعد إنهاء حالة الطوارئ التي دامت 14 شهراً، ستشكِّل نقطة خلاف إضافية.

«ذا فاينانشل تايمز»

تحت عنوان «شعبيو أوروبا أُضعفوا، ولكنهم لم يختفوا»، نشرت صحيفة «ذا فاينانشل تايمز» افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء وسلّطت الضوء فيها على النتائج السلبية التي حققتها الأحزاب الشعبوية عبر أوروبا خلال السنة الحالية، ولكنها حذّرت من أن هذه النتائج، على أهميتها، لا تعني أن الأحزاب الشعبوية لن تعود.

الصحيفة قالت إن خطر الأحزاب الشعبوية كان كبيرا مع بداية 2017، وبدا أنها تشكّل تهديدا فعليا لمستقبل الاتحاد الأوروبي، لكنها الآن أخذت تمنى بالهزيمة تلو الأخرى في الانتخابات التي شهدتها بعض البلدان الأوروبية مؤخراً. وحسب الصحيفة، فإن آخر البلدان التي حققت فيها الأحزاب الشعبوية نتائج سلبية هي فنلندا، التي شكّلت فيها تجربة تقاسم للسلطة مع حزب «الفنلنديين الأقحاح» اختباراً لما يحدث للشعبويين عندما يواجهون إكراهات الحكم وإدارة الشأن العام. وتعتبر أن النموذج الفنلندي يُظهر أن اليمين المتطرف يمكن تحييده بشكل فعال عبر إشراكهم في الحكم وتسيير الشأن العام. فبعد أن أصبحوا ثاني أكبر حزب في البرلمان بقرابة 18٪ من الأصوات، انضم «الفنلنديون الأقحاح» إلى ائتلاف يميني في عام 2015. لكنهم لما دخلوا الحكومة، اضطروا لتلطيف وتليين موقفهم بشأن ثلاثة مواضيع حساسة: الإنقاذ المالي لليونان، وأزمة المهاجرين، والإصلاحات الاقتصادية. وعندما أصابهم الإحباط جراء رؤية خطابهم يفقد حدته وانخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي بالنصف تقريبا، صوّتوا هذا الأسبوع لصالح شحذ مخالب خطابهم من جديد عبر زعيم مشهور بآرائه ومواقفه المعادية للمسلمين. لكن الخطوة جلبت نتيجة عكسية في الأخير.

ثم ختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن الهزيمة التي لحقت بالشعبويين في فنلندا لا ينبغي أن تدفع إلى التقاعس والتهاون، حتى في فنلندا، لأن اليمين المتطرف قد يكون في حالة تراجع، مثلما هو الحال في بلدان أخرى عبر أوروبا، إلا أن الظروف والأسباب التي شكّلت أرضية خصبة لظهوره لم تتغير إلا قليلا، ولهذا، فإنه «سيكون من الحمق الاعتقاد بأن أحدهما سيزول بدون الآخر».