خالد الطراح

لم يجمع قاموس العمل السياسي من بين المصطلحات، وحتى العبر والدروس التاريخية، ما يمكن تعريفه بالشماتة السياسية، فالشماتة اقتصر استخدامها على المستوى الاجتماعي، خصوصا في المجتمع المغلق، الذي تسيطر عليه كثير من الظواهر الاجتماعية، كالفئوية والطائفية والقبلية، حيث ينتشر سلوك اجتماعي شاذ عن قيم المجتمع الكويتي يتسم بالشماتة عند من يسيطر عليهم العداء الشخصي تجاه الآخرين متربصين وفرحين بمصاب الغير، حتى لو كانوا غير مذنبين أو غير مخطئين بحق الشامتين!
هؤلاء النفر من المرضى بالشماتة، وهم طارئون على العمل السياسي ككل، كبارا وصغارا، ومنهم أيضا بعض نواب الأمة، سخروا طاقاتهم في التشهير وكيل الاتهامات، ونشر سموم من الشماتة في وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية بعد خروج السجين والنائب السابق مسلم البراك (بوحمود)، الذي نفذ عقوبته، ولم يهرب من حكم قضائي، كما فعل آخرون من سراق المال العام!
سراق المال العام، وهم كثر، وربما ليس آخرهم المتهم فهد الرجعان، مدير عام التأمينات الاجتماعية السابق، الذي لم تحظ قضيته الجنائية و«اعتداؤه على المال العام»، باهتمام شعبي، كما حدث قبل وبعد خروج مسلم البراك، فقد انتفض المصابون بداء الفضاء الإلكتروني في نشر الصور والتسجيلات المفبركة والأقاويل ضد بوحمود، لمجرد أنه أصبح طليقا، وتحدث بعقلانية عن تجربته في المعتقل، وأيضا عن نظرته المستقبلية للعمل السياسي، واعترافه بأخطاء المعارضة التي كان لاعبا رئيسيا فيها، وليس ككمبارس اليوم من سياسيين دخلوا العمل السياسي بدعم من قوى المال السياسي ومتنفذين أيضا!
من الصور التي تم تناولها ونشرها هو تعمّد في الإساءة لبوحمود في نشر صورة الأخ العزيز الدكتور فهد الراشد كضمير الأمة وليس مسلم البراك، كما أطلق عليه منذ سنوات هذه التسمية!
الأخ فهد الراشد حين قدم بلاغه في 20088 ضد المتهم الرجعان، وقف وحيدا مع أسرته في مواجهة طواحين من التحدي والتهديد أيضا، بينما تفرج عدد كبير على تطورات القضية، حتى جاء التوقيع على اتفاقية تبادل المجرمين، ونذكّر عندها من نسي أو تناسى موقف الأخ الراشد!
حين بدأت في الكتابة قبل سنوات مركزا على قضية اختلاسات التأمينات مرات عديدة، حتى إلى الشهور الأخيرة من العام الحالي، اتصل بي مشكورا وزير مالية سابق، مشيدا بما تناولته بالرغم من معرفتي غير الوثيقة بالوزير، وقد قابلت شكره بالامتنان على اتصاله، فالقضية لست بطلها، وإنما بطلها الحقيقي هو فهد الراشد، الذي منحني الثقة في تبادل الأفكار، وأصبحت علاقتنا، لله الحمد، علاقة أخوة حميمة بعد ما كانت علاقة مهنية.
عويل الشامتين لابد أن ينقلب ضدهم على يد المخلصين أمثال بوحمود وغيره، حين تستعيد القوى السياسية قوتها ووحدتها وفاء لتضحيات الآباء والأجداد من مؤسسي الدستور ومن سار على دريهم حتى اليوم.
من بعض ما قيل عن بوحمود إنه نائب خدمات! وكان ردي لو كان هناك نظام حكومي سليم لم يحتج أحد لوساطة بوحمود!
شكرا لبوحمود مجددا على عنائه يوما في زيارتي، ومنحي الثقة في الاستماع لرأيي في قضايا تخص المال العام في المجالس السابقة، بالرغم من أنني لست ناخبا في دائرته، لكن اهتمامه في التواصل معي وسام على صدري ما حييت.