ثريا شاهين


ثمة قلق تُبديه مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع من الطريقة التي تدار بها السياسة الدولية، التي لم تعد تقليدية مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، وإيمانويل ماكرون إلى الرئاسة الفرنسية.

والقلق سببه أن واشنطن، كما باريس، لم تحسما خياراتهما بشأن الوضع السوري. فالواضح هو الحرب على «داعش» وضرورة إنهاء هذا التنظيم في أقرب وقت. والأميركيون لا يزالون في مرحلة صوغ سياستهم.

ولا شك في أن سياسة ماكرون مختلفة عن سياسة سلفه فرانسوا هولاند، فهو لن يصبح صديقاً للرئيس السوري بشار الأسد، لكنه يبدي انفتاحاً لتسهيل الحل إذا كان ممكناً.

أما ترامب فلا يمكن توقع شيء محدد منه، فله مواقفه، ولوزارة الخارجية مواقفها، ومصالح بلاده الإقتصادية تأتي في الدرجة الأولى، ما يحتم عليه فرض سياسة خارجية معينة، لا يعرف معها إذا ستستمر طويلاً ما دامت مبنية، كما يظهر حتى الآن، على «إدارة الأعمال» لتوفير الأموال للإقتصاد ومده بالسيولة، ثم الاهتمام بمصالح إسرائيل. فالغموض لا يزال يلف المصير السوري، فهل يتم الحفاظ على وحدة سوريا أم سيصار إلى تقسيمها؟. وضمن أي حدود تتحرك الدولة الكردية؟. أما أزمات المنطقة فتؤثر في بعضها، والتوتر في أوجْه كما الإنقسامات والتجاذبات. والقضية الفلسطينية باتت أمراً ثانوياً، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول في الوقت الذي ينشغل العالم باستحقاقاته الداخلية وبالأزمة السورية، أن يقفل وكالة «الأونروا»، ويعمل لكي تشطب مدارسها كلمة «إحتلال» من برامجها، فضلاً عن أن مصير المبادرة العربية لا يزال مجهولاً.

وتقول مصادر ديبلوماسية غربية، إن الإدارة الأميركية تجري مراجعتها لملفات المنطقة، وإن آخر شهر تموز الجاري سيكون مفصلياً، لأنه سيشهد إنطلاقة معالم السياسات الخارجية في عهد ترامب.

ما يهم لبنان هو أن لا تحصل أية صفقات سياسية حول ملفات المنطقة على حساب مصالحه، لاسيما في مسألة النازحين السوريين. أما بشأن العقوبات المحتملة على «حزب الله» وجهات لبنانية أخرى، فيهم لبنان في الأساس عدم إدراجها. وإذا ما أدرجت فألا تؤثر إقتصادياً، ولاسيما أن النسيج الإجتماعي للحزب يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين. ثمة جهات لبنانية تحاول أن تدفع الأمور في اتجاه تخفيف العقوبات على الحزب، لكنها تعتبر أن خطابه ذا السقف العالي السلبي عربياً، قد يؤدي إلى استصدار قرار أميركي أقوى. وبالتالي عدم التوتير من الحزب يساهم في تخفيف حدة العقوبات، لأن الكونغرس يقرأ الخطاب ويبني عليه. 

عدا ذلك، فلبنان مرتاح لسياسة الولايات المتحدة من حيث الاهتمام باستقراره ودعمه، ودعم تنفيذ القرار ١٧٠١، ودعم الجيش والقوى الأمنية، خصوصاً من أجل مكافحة الإرهاب وتأمين السلم الأهلي.

وواشنطن مرتاحة لاستقبال لبنان للنازحين السوريين، ما يحل مشكلة كبرى، نيابة عن كل دول العالم. ويشار إلى أن لبنان ليس أولوية لا على الأجندة الأميركية ولا على غيرها.

أما بالنسبة إلى فرنسا فلبنان يريد أن يستطلع سياسة ماكرون تجاهه وهذا ما يهمه، فهل يفعّل المساعدات للجيش اللبناني بغض النظر عن مصادر التمويل؟ وهل تستمر المساعدات الفرنسية للقوى الأمنية، وبرامج التعاون القائم على المستويات كافة، خصوصاً لمواجهة موضوع النازحين السوريين؟.

والسؤال المطروح، والذي ستتكشف الإجابة عنه لدى حصول الزيارة المتوقعة لاحقاً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لباريس، حول ما إذا ستبقى فرنسا داعمة لمجموعة الدعم الدولية، وملتزمة بها. وتتوقع المصادر، أن يستمر الدعم الفرنسي للبنان، وأن يبقى الدعم أيضاً في إطار الاتحاد الأوروبي لإنعاش الإقتصاد اللبناني. فثمة مشاريع للتنمية مع لبنان ومجالات التعاون فضلاً عن الإهتمام الفرنسي بمؤازرة لبنان في مواجهة ملف النزوح.