يوسف القبلان

عندما تكون الأهداف مشتركة لأي منظومة فلا بأس من تعدد الآراء، هذا التعدد فعل إيجابي وإثراء معرفي وفكري يخدم صناعة القرارات واتخاذها بما لا يتعارض مع الأهداف المشتركة.

النظام القطري جعل عضوية قطر في مجلس التعاون والجامعة العربية تقوم بدور لا يخدم الأهداف المشتركة بل يعمل مع قوى خارجية على هدم البيت العربي. كيف يمكن لمنظومة أن تحقق أهدافها المشتركة إذا كان أحد أعضائها يحضر بجسده وقلبه في مكان آخر؟!

القضية مع نظام قطر ليست قضية سيادة أو استقلال أو تعدد آراء؛ هي قضية ممارسات يقوم بها النظام القطري لا تتعارض فقط مع الأهداف المشتركة بل تتآمر ضد أنظمة عربية.

القضية هي سياسة التحريض على الفتنة والفوضى وتقويض الأنظمة التي مارسها النظام القطري منذ أكثر من عشرين سنة.

القضية هي قيام النظام القطري بدور خطير يخدم أعداء العرب ويفتح لهم الثغرات في الخريطة العربية، ويتعاون معهم تحت شعارات خادعة.

نظام قطر توهم أن المال والإعلام والشعارات تؤهله ليكون دولة عظمى فانطلق يعبث في كل مكان، يحرض على الفتنة ثم يدخل كوسيط، يخلق المشاكل ثم يعرض نفسه كحل، يتآمر على جيرانه ثم يدعي المظلومية، يمارس سياسة التناقض ليخدع الجميع ويكذب على الجميع ثم يتوهم أن الكذب تحول إلى حقيقة فيطرب للعبة فيستمر فيها ويتمادى في كل الاتجاهات والمجالات بما فيها المجال الرياضي، فقد انهار هرم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسبب معاول فساد النظام القطري.

على الصعيد الإعلامي لم تكن قناة الجزيرة تخدم أهداف مجلس التعاون، ولا مصالح الوطن العربي، كانت تفعل العكس تماما وكأنها لمن لا يعرفها تنطلق من بلد هو منارة للحرية والديموقراطية، هذه القناة التزمت بسياسة التحريض والكذب وخداع البسطاء بالشعارات ومناصرة الثورات الشعبية. تفعل ذلك لتغطية أهدافها الخفية كذراع سياسي يمهد الطريق لقوى إقليمية لتعبث بأمن الوطن العربي. هذا الاعلام الكاذب يحتضن التنظيمات الإرهابية ويجمل صورتها ويدعي أنها أصوات معارضة تطالب بالديموقراطية، وعندما يرتفع صوت المعارضة الإيرانية للنظام في إيران تتجاهل قناة الجزيرة هذه الأصوات.

إن موقف الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب من النظام القطري لم يأت من فراغ، رد الفعل القوي من هذه الدول هو نتيجة تراكمات وتاريخ من الممارسات العدائية. النظام القطري هو الذي بدأ بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، هو الذي ثبت تمويله لمنظمات إرهابية، هو المحرض على الفتنة، هو الذي سلك الاتجاه المعاكس لأهداف ومصالح الوطن العربي، هو الذي أعطى لنفسه دورا أكبر منه فحاول اكتساب القوة بالمال والإعلام، ونجح لبعض الوقت ثم انكشف ليس أمام العرب فقط بل أمام المجتمع الدولي، ومن هنا تصبح القضية قضية دولية وليس عربية فقط لأن العالم يعاني من آفة الإرهاب ويسعى لتحقيق تضامن دولي لمكافحته بكل مراحله بداية من التطرف الفكري والتحريض والتخطيط والتمويل والتنفيذ؛ والمطلوب من قطر أن تنهي علاقتها بأي مرحلة من تلك المراحل وأن تتجه إلى البناء والتنمية البشرية والعلوم والاقتصاد وأن تكون عضوا إيجابيا في المنظومة الدولية ومشاركا في تعزيز الأمن والسلام وأن تضع يدها مع الجميع لمكافحة الإرهاب.