عباس الطرابيلى
الشعب يسأل.. والرئيس يجيب
هكذا كتب القدر للرئيس السيسى أن يتحمل أخطاء كل السابقين. وأن يتصدى لحل المشاكل التى لم يستطع هؤلاء التصدى لها.. بل وأن معظمها كانت من صنع هؤلاء!!.
وأمامنا قضية واحدة هى خير مثال.. تلك هى قضية تلوث البحيرات الشمالية وسوء تعاملنا مع هذه البحيرات، ومنذ 70 عامًا على الأقل.
وضرب الرئيس السيسى مثلاً ببحيرة المنزلة، وكيف أن مشاكلها تعود إلى 70 عامًا وأكثر عندما أخذنا نلقى فيها مياه الصرف الزراعى.. ثم الصرف الصحى «دون معالجة» ثم الصرف الصناعى، وكنا بذلك نحل مشاكل القاهرة الكبرى، ثم باقى مدن الدلتا.. بان ننقذ هذه المدن كلها من خطر الغرق فى المجارى.. فكان أن أطلقنا هذه المجارى لتنطلق وتصب فى بحيرة المنزلة.. واستغلت كل المدن ـ فى طريق هذه المصارف ـ باطلاق مجاريها أيضًا إلى المنزلة، وبذلك حولنا البحيرة من مياه نظيفة نأكل منها أسماكًا سليمة، إلى بحيرة مجارى رهيبة وتسبب ذلك فى القضاء على الاسماك الممتازة التى هربت من مياه البحيرة الملوثة.. بعد أن كانت «المنزلة هى الأفضل فى مصر كلها فى توفير أسماك البورى والدنيس والقاروص.. والحنشان.. إلا فيما ندر بالذات عند البواغيز التى تمد البحيرة بمياه البحر المتوسط.
<< وكان الخطأ الرهيب الثانى هو سماح الدولة بجفيف مساحات كبيرة من البحيرة هى كدولة.. وللمواطنين أيضًا وهكذا تقلصت مساحة البحيرة إلى النصف رغم المعلومة الدقيقة أن انتاج الفدان المائى «فى البحيرات» أعلى من انتاج الفدان الأرضى.. بدليل أننا الآن نتحمل مليارات الجنيهات لكى نقيم مزارع سمكية سواء بمنطقة قناة السويس، أو فى بركة غليون بكفر الشيخ.
ليس هذا فقط بل اننا ـ كما كشف الرئيس فى مؤتمر الشباب الأخير ـ اننا نحتاج 100 مليار جنيه لاصلاح اخطائنا فى البحيرات التى تراكمت على مدى 70 عامًا. وذلك يتمثل فى اقامتنا محطات لمعالجة مياه المجارى تتكلف 40 مليار جنيه قبل أن نطلقها فى البحيرات.. وهذه وتلك من أخطاء سياسة الدولة منذ جمال عبدالناصر.
<< وهكذا إذا كان من سبق الرئيس السيسى تسبب فى كل ذلك فى موضوع واحد فقط هو البحيرات.. فإن على الرئيس الآن أن يتصدى للعلاج الذى يحمله ـ إلى حد بعيد ـ خفض الدعم ليوفر ما تحتاجه هذه المشروعات.. ومن المؤكد أن الله أنقذ بحيرة البردويل فى شمال سيناء من خطر التلوث بسبب عدم وجود مشكلة للمجارى هناك.. ولذلك تتنافس دول أوروبا على شراء أسماك البردويل.. بينما نهرب كمصريين من أكل أسماك بحيرة المنزلة الآن، وبعد أن كان فيها أفضل أنواع البورى والدنيس والقاروص وجدنا أنفسنا مضطرين لأكل أسماك المزارع، ومنها ما هو غير سليم!!
<< وإذا كان تراجع الرئيس السادات عن رغبته فى الاصلاح الاقتصادى عام 1977 قد أوقف عجلة هذا الاصلاح.. وأيضًا لم يشجع الرئيس حسنى مبارك على محاولة الاصلاح خشية أن تتكرر أحداث يناير الشهيرة.
هنا تأتى قمة شجاعة الرئيس السيسى، وهذا ليس لضعف الرئيس السادات ولا لخوف الرئيس مبارك، بل لأن الظروف أيامهما لم تكن قد وصلت إلى الخطورة التى وصلت إليها الآن.
<< وهذا هو قدر الرئيس السيسى.. ولكن إرادة الرئيس هنا واصراره على الاصلاح لا تكفى.. بل لابد من مشاركة الشعب فى هذه البرامج.. لأنه بدون دور شعبى قوى وجارف.. لن ينجح الرئيس السيسى كما يتمنى وكما يتمنى كل من يفهم فى هذا البلد.
حتى ولو خشى الناس من تأثير ذلك على شعبية الرئيس السيسى خصوصًا ونحن على اعتاب انتخابات رئاسية جديدة.. وتلك معضلة!!
التعليقات