الرياض - خاص

 

يرزح الشعب الإيراني العريق وصاحب الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ تحت حكم ثلة من السباع المفترسة، التي لا تتورع عن ارتكاب أشد ضروب الحكم تعسفا ووحشية، ويتطرق عبدالرحمن مهابادي الكاتب والمحلل السياسي الإيراني إلى أحد ضواري هذه العصابة، "موسوي أردبيلي" المدعي العام السابق في إيران ومن ثم رئيس المجلس الأعلى للقضاء في إيران في حكم الملالي، وكان أردبيلي يحتل منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء طيلة أعوام 1981 - 1989 في نظام الملالي كأعلى منصب في دكتاتورية الملالي في إيران؛ حيث تم إعدام أكثر من 30 ألفاً من السجناء السياسيين خلال أقل من 3 أشهر حسب فتوى الخميني وتأييد المجلس الأعلى للقضاء، ويقول مهابادي "انتبهوا هل تجدون في تاريخ البشر وحشا بهذا المدى من الوحشية أن يرتكب هذه المجازر وبنفس الوقت كنا نسمع تخرصاته في صلاة الجمعة حيث كان يقول: الشعب!"

أي نوع من القضاء هذا الذي يصدر أحكاما فورية بالموت دون محاكمة، ويضيف مهابادي أن أردبيلي بهذه الوحشية أدخل آلافا من أنبل أبناء الشعب الإيراني المناضلين تحت طائلة الإعدامات وعندما تهبط معنوياته الوحشية لمواصلة الإعدامات يلتجئ إلى الخميني، مؤسس هذا النظام ومتبني هذه الإعدامات ليستقوي من أجل مواصلة الإعدامات وارتكاب المجازر أكثر من ذي قبل.

ويسرد مهابادي مسلسل ارتكابات الوحش موسوي أردبيلي، ففي أحد اتصالاته الهاتفية مع أحمد نجل الخميني رفع أردبيلي عددا من الأسئلة إلى الخميني، ورد عليه الأخير قائلا "... في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أي مرحلة، إن كان متمسكا بالنفاق ليحكم عليه بالإعدام. أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة وبخصوص مثل هذه الملفات المطلوب هو تنفيذ الحكم في أسرع وقت.

ويروي أقرباء موسوي أردبيلي قصصا مرعبة عن "قاضي الموت"، ويذكر أحدهم وكان موظفا يقتضي عمله التردد على السجون، وفي أحد الأيام تنبه لوجود غرفة ذات باب عتيق مغلقة على الدوام، وعَنّ له أن يسأل عن سر هذه الغرفة، فأجابوا بأنها مجرد مخزن، ودعوه لتجاهله.. لكن وبعد إلحاح فتحوا له الباب ودخل هذه الحجرة الغامضة، وكانت الصدمة!! .

يقول الشاهد إنه بعدما اعتادت عيناه على الظلام رأى نقاطا لامعة، في البداية تصور أنها لحيوانات أو أي شيء من هذا القبيل، لكن بعد أن تحسنت الرؤية، تبين له وجود عدد من الأطفال الصغار بأعمار تتراوح بين الخامسة والعاشرة، بوجوه شاحبة وأجسام هزيلة، وكان عددهم يناهز المئة، محبوسون في هذه الزنزانة، وعندما شاهد الضحايا الصغار الموظف أحاطوا به وكانوا يبكون ويقبلون عباءته ويديه، وحين سأل عن هويتهم قالوا له إن هؤلاء أطفال المنافقين (يقصدون أعضاء مجاهدي خلق) حيث قُتل آباؤهم، سألهم الزائر المفاجئ "ماذا يفعلون هنا؟ أو ليس لهم أجداد؟ ليس لهم أقرباء يتكفلونهم؟"

في خطبة جمعة لاحقة هاجم المتطرف محمدي كيلاني هذا الموظف على رؤوس الأشهاد قائلا "الذين تذرف دموعهم من أجل أطفال المنافقين لا ينبغي أن يتحملوا مسؤولية.. لماذا لم تبكوا عندما كان آباؤهم يقتلون أفرادنا من الحرس؟».

من هو محمدي كيلاني؟ لقد اختير من قبل الخميني في البداية كحاكم شرع، ومن ثم أصبح رئيساً للمحاكم المسماة بالثورة؛ حيث أعدم في هذا المنصب نجليه وهما مجاهدان كآلاف آخرين أعدمهم هذا الجلاد وكان مثل السباع يقتل السجناء بوحشية لا مثيل لها كما أعطاه أحمدي نجاد "رئيس نظام الملالي آنذاك نوط العدالة درجة أولى"!

مجرم آخر

الملا فلاحيان، وزير مخابرات دكتاتورية الملالي منذ عام 1987 حتى 1995 وضمن مسؤولي الاغتيالات المبرمجة أشار في مقابلة حكومية إلى أبعاد مجزرة 1988 قائلاً: "كانت هذه الإعدامات حسب فتوى الإمام!.. إنهم يجب إعدامهم وهذا حكم خميني" كما أكد الخميني في موقف آخر على نفس الموضوع بأن المجاهدين لا يحتاجون إلى المحاكمة كما بالنسبة لجميع الأحزاب المحاربة فمصيرهم يجب أن يكون الإعدام دون محاكمة، يقول الخميني في فتواه الوحشية ضد السجناء السياسيين الأبرياء: "بما أن المنافقين -يقصد مجاهدي خلق-... ونظرا لأنهم محاربون والموجودون منهم حاليا في السجون مازالوا متمسكين بنفاقهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام.... الترحم على المحاربين سذاجة... متمنيا أن تكسبوا رضا الله بحقدكم وغضبكم الثوري ضد أعداء الإسلام، على السادة الذين يتولون المسؤولية أن لا يترددوا في ذلك أبدًا وأن يسعوا ليكونوا «أشداء على الكفار»... والسلام».

الجدير بالذكر أن أكثر أزلام وسلطات نظام الملالي المتواجدين حالياً في المناصب الحكومية مثل خامنئي، والملا إبراهيم رئيسي نائب رئيس مجلس خبراء النظام ومرشح الرئاسة في مسرحية الانتخابات الأخيرة ومصطفى بور محمدي وزير العدل في حكومة روحاني المقال أخيراً وخليفته "علي رضا آوايي" وغيرهم متورطون شخصياً في ارتكاب هذه المجزرة المشينة التي تعتبر أكبر إبادة للنسل وجريمة ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، المجزرة التي استمرت في الأسابيع والشهور التالية في طهران وكل أرجاء إيران ومازالت تستمر ليومنا هذا.