بينة الملحم

ستةُ أيامٍ من إجازة منتصف العام الدراسي، اخترت القاهرة لقضاء إجازتي هذه فيها، ورغم ترددي عليها خلال العامين الأخيرين مرات عديدة وبعد غياب طويل عنها منذ العام 2009 آخر مرة زرتها فيها.

القاهرة التي أفقه تفاصيلها، قاهرتها لم يستجدّ ويتغير في زيارتي هذه رأيي فيها، وكيف عادت قاهرة التسعينيات تلك التي نعهدها، وانتعاش السياحة وعودة السائح السعودي والخليجي لحضنه العربي مصر «أم الدنيا» سوى ما لفتني أكثر من وعيٍ عكسه المواطن المصري من خلال أكثر من موقف، أدرك فيه ذلك الشعب الوفي لأرضه ووطنه قيمة الأمن والاستقرار لأرضه ولشعبه.

سوى ذلك النهار الذي يمّمت فيه وجهي شطر السفارة السعودية في قلب حي «الدقي» القاهري العريق؛ وما إن دلفت باب ذلك المبنى الأنيق، والذي لا يضاهي أناقته إلا أناقة وحفاوة الاستقبال، وتوجهنا لطرق باب معالي السفير الأستاذ أحمد عبدالعزيز قطان.

إلا أنني وجدت الباب مفتوحاً، واستقبلني معاليه أطيب استقبال. ورغم تنوع وتعدد الأحاديث المهمة التي دارت بيني وبين معالي السفير، إلا أن الانطباع الأولي والعام الذي تشكل لدي كمواطنة قبل أي شيء ما جعلني أتأمل في علاقة المواطنة من خلال صورة المسؤول ومؤسسته وشكل علاقته مع المواطن أو المستفيد عموماً.

هذا «الواقع الذهني» تجاه «المنشأة » أيّاً كانت أو المؤسسة أيّاً كانت، سلبياً كان أم إيجابياً، هو نتاج مجموعة من العوامل التي تتفاعل فيما بينها لرسم معالم تلك الصورة، وممّا لا شك فيه أن الفرد المواطن -بسلوكياته وخلفياته- والمسؤول -بممارساته وأولوياته- يتحركان في إطار مجتمعي أوسع، يموج بظواهر عدة تؤثر على علاقة التعامل -بشكل مباشر أو غير مباشر- وتنتقل بها إلى ملفات أخرى، لا تقع بشكل مباشر في الدائرة الضيقة لاختصاص المؤسسة الحكومية أيّاً كانت، وإن كان عليها التعاطي مع تبعاتها على أداء وسير عملها.