أنقرة: سعيد عبد الرازق

بينما استمرت عملية «غصن الزيتون» العسكرية التركية في عفرين أمس لليوم التاسع عشر، تحركت أنقرة باتجاه احتواء الخلافات مع الأطراف التي تبدي انزعاجها من العملية، وقام وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أمس بزيارة لطهران في هذا الإطار.


وأضاف كالين، في مؤتمر صحافي في أنقرة، أمس، أنه ستتم مناقشة تلك القضايا مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر اللذين من المتوقع أن يزورا تركيا في بنهاية الأسبوع الجاري وخلال الأسبوع المقبل.
ولفت المتحدث إلى أن بلاده تبذل جهودا لإعادة بناء الثقة مع واشنطن، مضيفا: «لكن في الوقت نفسه، فإن إعادة الثقة مرتبطة بالخطوات الملموسة التي ستتخذها الإدارة الأميركية على الأرض».
وتصاعد الخلاف بين أنقرة وواشنطن بسبب الأسلحة التي قدمتها أميركا لوحدات حماية الشعب الكردية، المكون الأكبر لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في إطار تحالف بينهما في الحرب على «داعش» في مال سوريا، وتطالب أنقرة بوقف الدعم وتقول إنه لم يعد له مبرر بعد أن أعلنت الولايات المتحدة زوال خطر «داعش».


وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أكد عدم وجود أي صفقة مع أي دولة بشأن عملية عفرين، لافتا إلى أن تركيا تلبي جميع احتياجات المدنيين في المنطقة. ونفي جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية الليلة قبل الماضية وجود أي صفقة أو اتصال مع الجانب الأميركي بشأن عفرين. مضيفا: «أساسا لا يوجد أي وجد أميركي بمنطقة عفرين، قد يكون لها وجود استخباراتي فيها، ولا صفقة مع أي دولة بشأن العملية».
وفيما يتعلق بمنبج، جدد جاويش أوغلو تأكيده أن الولايات المتحدة لم تف بتعهداتها حيال انسحاب الميلشيات الكردية منها إلى شرق الفرات. وعن زيارتي تيلرسون وماكماستر إلى تركيا، والتصريحات الأميركية التي تعبر عن القلق من علية غصن الزيتون، قال جاويش أوغلو: «في الأساس يجب على الولايات المتحدة أن تتفهم مخاوفنا وتزيلها، وأحد مصادر مخاوفنا هو التعاون الأميركي مع الميليشيات الكردية». ولفت جاويش أوغلو إلى اقتراح نظيره الأميركي ريكس تيلرسون تشكيل منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا في عفرين، معتبرا ذلك بأنه شأن لجان مختصة للبلدين، وأن أولوية بلاده هي إعادة تأسيس الثقة مع واشنطن. وأشار الوزير التركي إلى أن نظيره الأميركي سيزور بلاده الأسبوع المقبل، وأنهم سيشاركون معه ما تنتظره أنقرة من واشنطن بشكل واضح، قائلا إن فترة المراوغة قد انتهت. وقال وزير الخارجية التركي إنه لا توجد أي خلافات بين تركيا وروسيا بشأن عملية عفرين وإن البلدين على اتصال وثيق بشأن العملية، ولفت إلى أن القوات التركية انتهت من بناء نقطة مراقبة سادسة في محافظة إدلب السورية من بين 12 نقطة سينشئها الجيش التركي.
وقال كالين إن رؤساء تركيا وروسيا وإيران يمكن أن يعقدوا قمة ثلاثية قريباً من أجل تقييم شامل لمساري أستانة وسوتشي والتطورات في سوريا. وأضاف: «نعمل على قمة ثلاثية متعلقة بمساري سوتشي وآستانة، وجاري العمل على تحديد الزمان والمكان للقمة، ويمكن قريباً عقدها لتقييم شامل لمساري أستانة وسوتشي والتطورات في سوريا». وسبق لزعماء الدول الثلاث عقد قمة ثلاثية في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمدينة سوتشي الروسية، بشأن الأزمة السورية.
وزار وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو طهران أمس، وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة استهدفت إزالة غضب طهران بعد اشتباك قوات تركية مع بعض قواتها الموجودة في مناطق سيطرة النظام السوري بالقرب من عفرين وإدلب، ما دفعها إلى مطالبة أنقرة بوقف عملية غصن الزيتون. وأكدت المصادر أن أنقرة ترغب في استمرار التنسيق مع إيران كونها إحدى الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار ومناطق خفض التصعيد في سوريا مع كل من روسيا وتركيا. وأضافت أن العمليات العسكرية التركية في سوريا تم بحثها خلال زيارة جاويش أوغلو.
وفي وقت سابق حثت إيران تركيا على وقف حملتها العسكرية في سوريا، قائلة إن العملية في منطقة عفرين في شمال سوريا تنتهك السيادة السورية وستزيد التوترات في البلد الذي تمزقه الحرب
إلى ذلك كشفت الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، عن قلق الاتحاد من الجبهة الجديدة التي فتحت في سوريا عبر عملية عفرين التي تقوم بها تركيا، لافتة إلى أن الاتحاد يتفهم قلق تركيا بشأن أمن مواطنيها في المدن والبلدات القريبة من الحدود السورية.


وشددت موغريني في تصريحات، الليلة قبل الماضية، على ضرورة إبداء حساسية حيال إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في سوريا، وحماية المدنيين، مشيرة إلى أنهم يتابعون عن كثب عملية «غصن الزيتون» منذ اليوم الأول لانطلاقها. وأضافت: «نشعر بقلق بالغ حيال الجبهة الجديدة التي فتحت في سوريا (في إشارة لعملية غصن الزيتون)، وقلقنا مرده لأسباب إنسانية بالدرجة الأولى».
ولفتت إلى أن الاشتباكات الدائرة في إطار العملية العسكرية تحمل في طياتها خطر قلب التوازنات داخل سوريا، مضيفة: «زيادة وتيرة العنف قد تؤخر التوصل لحل سياسي».
ميدانيا، واصلت المدفعية التركية قصفها لمواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين مع دخول عملية «غصن الزيتون» يومها التاسع عشر، وتركز القصف على منطقة جبل درماك. وأعلنت غرفة عمليات «غصن الزيتون» أمس سيطرة القوات المشاركة في العملية على جبل الشيخ خروز وقراه الثلاث (شيخ خروز الفوقاني والوسطاني والتحتاني) الواقعة شمالي عفرين.
واعتبرت في بيان أن السيطرة على جبل الشيخ خروز تعد تقدماً نوعياً، عقب أيام من المعارك العنيفة التي دارك بين القوات التركية والجيش الحر من جهة ومسلحي وحدات حماية الشعب الكردية من جهة أخرى.
وأحبطت القوات المسلحة التركية محاولة تنفيذ هجوم انتحاري بواسطة سيارة مفخخة، تستهدف مواقعها ومواقع الجيش السوري الحر على تلة استراتيجية غربي عفرين. وأشارت مصادر عسكرية إلى أن محاولة الهجوم تشبه إلى حد كبير أسلوب هجمات تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، وأنها تظهر مرة أخرى العلاقة بينه وبين الميليشيات الكردية.