عبدالله جمعة الحاج

من مسار الأمور في قطر حالياً، والطريقة التي تدير بها النخبة الحاكمة دفة الأحداث من تعنت في المواقف واستعداء الجيران والتحرشات الممنهجة تجاههم، وتدهور الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ودعم للإرهاب في كل مكان يتواجد فيه عن طريق تمويله وإيواء كوادره، والارتباط بإيران، وإقامة قواعد أجنبية لدول من المنطقة تنادي نخبها الحاكمة بشعارات وايديولوجيات دينية، وإيواء لقادة جماعة «الإخوان» وكوادرها وفلولها ودعمهم وتشجيعهم على المساس برموز وقيادات العديد من دول المنطقة، يتضح بشكل جلي أن «الإخوان» متغلغلون حتى النخاع في الشأن السياسي القطري، وربما أنهم يحكمون قطر حالياً من خلف الصفوف، فمع اقتحامهم للعديد من المواقع والمراكز الحساسة في الحكومة القطرية، وتمكينهم من السيطرة على العديد من مؤسسات اتخاذ القرار يسيرون المسائل على هواهم بعد أن تمكنوا بخبث ودهاء شديدين من إقناع كبار النخبة السياسية الحاكمة في قطر بأنهم هم دون غيرهم «الخلفاء القادمون».

لكن تلك الأوهام القائمة على سراب، والتغلغل الذي تمكنت من خلاله جماعة «الإخوان» من السيطرة وتسيير الأمور تواجه عقبات كأداء رئيسة تحول من دون وصول «الإخوان» إلى غاياتهم وخططهم الجهنمية في زعزعة أمن المنطقة والعبث بها، تلك العقبات محورها وجود ثلاث دول خليجية مهمة هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بالإضافة إلى مصر، تقوم بكل قوة وثبات بالتصدي لمخططات «الإخوان» من خلال مخلب القط القطري، وتمنع تحقيقها، بل وتحاربها بكل الوسائل المتاحة لديها في مكافحة الإرهاب والتطرف. لذلك فقد أصبح التأثير على شعوب المنطقة ودولها من خلال الشعارات الرنانة الجوفاء عملية غير ممكنة، لأن معظم ما يُطرح حول إقامة دولة الخلافة ودفع البشر إلى الغلو والتطرف أصبح أمراً سمجاً، ولا لون أو طعم لها في أوساط جماهير الخليج العربي المتمسكة بدينها الحنيف وتقاليدها وأعرافها ووسائل عيشها، وفوق هذا وذاك شرعية نظم الحكم فيها التي تمثل جزءاً أصيلاً من تراثها السياسي والثقافي، ومحوراً مهماً في استقرار دولها ومجتمعاتها الضاربة في أعماق التاريخ البشري.

من يحكمون في قطر ومن ورائهم جماعة «الإخوان»، عوضاً عن تبني قضايا الشعب القطري وتطلعاته المشروعة نحو المستقبل المشرق والتنمية الشاملة المستدامة والاستقرار في المعيشة وفي العلاقة مع العالم الخارجي، خاصة أهلهم وأشقاءهم في الخليج العربي، نجدهم، وبعناد شديد منقطع النظير، يتبنون قضايا ويطلقون شعارات لاتهم القطريين في قضايا معيشتهم اليومية أو شؤون أو مصالح وطنهم الحقيقية. وما يقوم به من يحكمون قطر اليوم وبتوجيه من قيادات «الإخوان» وعرابيهم يتحدثون عن قضايا ويقومون بأفعال هي بعيدة عن حفظ الكرامة الوطنية وصيانة ماء الوجه.

وتحقيق الأمن والسعادة وتأمين مستقبل الأجيال الحالية والقادمة من القطريين كأفراد وأسر ومجتمع لدى وطنهم موارد محدودة من مصادر ناضبة من الواجب على من يتولى أمرها صيانتها وتنميتها والحفاظ عليها، لكي تنفع القطريين في حاضرهم ومستقبلهم، وليس هدرها على دعم «الإخوان» والإرهابيين والمتطرفين والأفّاقين في شتى أصقاع الأرض.

ما يحدث في قطر هو جري وراء شعارات وأهداف جوفاء، وإصرار على القضايا التي تمكن «الإخوان» من السيطرة على الدولة القطرية كمرحلة تكتيكية تقودهم نحو إقامة دولتهم المزعومة. ومن هذا المنطلق لا توجد مفاجآت من قبل المتطلعين على حقائق الأمور من النتائج التي تتمخض عنها الزوابع التي يثيرها النظام القطري تجاه جيرانه، والافتراءات بأن دولة الإمارات تستعديه، وهي زوابع لن تعود عليه بأي نتائج إيجابية، بل على العكس هي تجعل من دول المقاطعة أكثر ريبة وشكاً في ممارسة حكام قطر و«الإخوان»، الذين يسندونهم وهم في غيبوبة من أمرهم. خاتمة القول هي إن شعب قطر واع لما يدور حوله، وهو شعب مسالم وقنوع وغير معقد، ونحن واثقون بأنه يريد أن يكون جزءاً من منظومة أشقائه عرب الخليج وليس بعيداً عنهم.