أحمد الفراج

 يبدو أن صراع الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، في الولايات المتحدة وصل إلى مراحل غير مسبوقة، ومن باب الإنصاف، فإن هذا الأمر غير جديد، فقد كان هناك دوما صراع بين الحزبين. هذا، ولكنه لم يصل إلى مرحلة التناحر، التي تشهدها أمريكا حاليا، ولو كانت درجة الصراع، التي تحدث الآن، هي السائدة في زمن الرئيس الراحل، ريتشارد نيكسون، في سبعينات القرن الماضي، لربما ما كنا سنشهد استقالته من الرئاسة، وغني عن الذكر أن كبار الجمهوريين حينها وضعوا مصلحة أمريكا أولا، وتجاهلوا مصلحة الحزب، وتعاملوا مع قضية ووترقيت بكل موضوعية ومهنية، وكان لموقفهم ذاك دور كبير في وصول نيكسون إلى قناعة بأنه لن يستطيع الاستمرار في مواصلة العناد، وبالتالي تجرع الذل، واستقال رغما عنه.

هذا الصراع الجمهوري- الديمقراطي الحالي ليس وليد عهد ترمب، وإن كان تصاعد في عهده بشكل كبير، فقد كانت بدايته مع فوز باراك أوباما بالرئاسة، حينما قرر بعض كبار الجمهوريين في الكونجرس أن يكون عملهم الرئيس هو عرقلة هذا الرئيس الجديد، الذي كسر كل قواعد اللعبة، كأول أمريكي من أصل إفريقي يصل إلى سدة الرئاسة، أي أن موقف هؤلاء الجمهوريين لم يكن من باب المبادئ، بل كان مدفوعا بالعنصرية، للأسف الشديد، ولا يمكن أن ينسى المتابع تصريحات زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، عندما قال، بعد فوز اوباما، في عام 2008، إنه سيكرس كل جهده للحيلولة دون فوز أوباما بفترة رئاسية ثانية!، وجدير بالذكر أنه فشل في ذلك، ما جعل الجمهوريين يقفون حجر عثرة، خلال الفترة الرئاسية الثانية لأوباما!.

هذا الصراع الشرس بين الحزبين تفاقم، بعد فوز ترمب بالرئاسة، فالديمقراطيون لم ينسوا ما فعل الجمهوريون، خلال فترة رئاسة أوباما، وزاد على ذلك أن ترمب فاز، وهو من خارج المؤسسة الرسمية، المظلة الكبرى لكلا الحزبين، فجند الديمقراطيون كل طاقتهم لإعاقة عمله، واستغلوا في ذلك إعلام اليسار، الحاضن الأكبر لأوباما، لشن الهجوم على ترمب بلا هوادة، ومع أن كل الديمقراطيين تقريبا يقفون موقفا صلبا ضد ترمب، إلا أن هناك منهم من تجاوز كل الحدود، مثل عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، السيناتور تشيك شومر، وهو يساري من حلفاء أوباما وهيلاري كلينتون، ويقف موقفا عقديًا شرسًا من ترمب، ووصل الأمر درجة أنه تناسى المصالح العليا لأمريكا، وجعل هدفه عرقلة عمل الرئيس، من باب المناكفة، ولتذهب أمريكا إلى الجحيم، وأتوقع أن يستمر هذا الصراع، وتزداد شراسته، خلال الفترة القادمة، فلنترقب، ونراقب الحراك الديمقراطي في معقل العالم الحر!.