علي سعد الموسى 

في صلب مقالي لما قبل الأمس كتبت ما نصه أن القيادة العليا للسعودية المتجددة قد أدركت أن قرار التغيير بيد الحاكم لا بيد المجتمع. وعدت في نهاية المقال بالحديث الواضح حول هامش حريات التعبير ومتن حق الاعتراض.

وبكل تأكيد فإن وتيرة الإصلاحات الاجتماعية والثقافية والتعليمية وما تضمنته من قرارات كبرى ومتسارعة في العام الأخير، كانت صادمة وغير متوقعة لبعض من شرائح المجتمع، وهو في النسق التحليلي أمر فطري وطبيعي متوقع. مخطئ من يظن أن برنامج التحول الوطني مجرد معادلات اقتصادية، فحتى هذه المعادلة لن تستقيم دون مواكبة وانسجام مع التحولات الاجتماعية الملازمة. أدرك صاحب القرارات التاريخية في العام الأخير أن المجتمع سيكرر ذات وتيرة الانقسام حول جدالات هذه القضايا، ولكن بصورة أشد وأقوى، خصوصاً وأن هذه القرارات تمس نقاشاتنا البيزنطية المحنطة، مثل قضايا التعليم والمرأة والمناهج والتطرف الديني بجماعاته المختلفة. وخشية من تبعات هذا الانقسام أوقف صاحب القرار جدل النقاش المستفز حول مثل هذه القضايا، وتصدى لأربابها بكل الحزم والعزم.

ثم إن علينا أن ندرك أن «لوبي» الجدل ودهاقنة الانقسام لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة جداً من لحمة المجتمع الواسعة التي أبدت ترحيباً هائلاً بهذه القرارات، بدلالة شاهد العصر «مواقع التواصل الاجتماعي». وفي مثل هذا المخاض وهذه الظروف حتماً ستتأثر هوامش حريات التعبير عطفاً على واقع قفل النقاش حول قضايا كانت فيما سبق تحدث شرخاً تاريخياً بين الأطياف والمدارس. وبكل تأكيد سنتجاوز هذه المرحلة حين يكتشف المجتمع أن أسطوانة التخويف والاختطاف المجتمعي كانت تغذية بإرهاصات لم تحدث في الواقع، وهو ما حصل بالفعل مع بعض القرارات النافذة بالفعل. ما تلاشى تماماً هو حرية الاعتراض الفوضوي التي كانت ذات أزمان وعقود ترتهن أي قرار إصلاحي. سأختم بالمثال ما ذكره لي وزير تعليم سابق من أنه كان يقضي معظم دوامه في إقناع معترضين تسوقهم أوهام وإشاعات لا وجود لها في الأصل.