نايف معلا

 من المسلّم به جغرافياً أن البحرين جزيرة تحدها المياه من جميع الجهات، ولكنها أصبحت شبه جزيرة (حكماً وليس حقيقة حتى لا يغضب الجغرافيون) بعد افتتاح جسر الملك فهد الذي يربطها بالسعودية في 1986، ولولا العلاقة السعودية - البحرينية الأخوية المتينة، لما امتد هذا الجسر الذي يمثل أحد مساراته شرياناً والآخر وريداً للقلبين النابضين السعودية والبحرين، بل لست أبالغ إذا قلت هما غرفتان من غرف القلب الواحد!

اليوم، نحن أمام حالة تمثل اتجاها معاكساً لذلك الاتجاه، وهي تحويل شبه جزيرة قطر إلى جزيرة من خلال شق قناة بحرية تمتد من سلوى إلى خور العديد بطول 60 كلم، أي على امتداد حدود السعودية مع قطر، إذ أُعلن عن مشروع ضخم تقدر كلفته الأولية بـ2.8 بليون ريال سعودي، سيتم تنفيذه في غضون 12 شهراً في حال تمت المصادقة عليه! وعلى رغم أن هذا المشروع وطني يستند على سيادة المملكة على أراضيها، كالمقاطعة تماماً التي يصفها النظام القطري وأذرعه الإعلامية بالحصار، واقتصادي يدخل ضمن المشاريع الاقتصادية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، إلا أن ممارسات قطر العدائية ضد المملكة - في تقديري - أحد الدوافع لإطلاق هذا المشروع إن لم تكن سبباً رئيساً، ولو أن قطر أبقت على علاقاتها الأخوية مع المملكة ابتداءً ولم تدبر ضدها المؤامرات أو أنها أثبتت حسن نواياها بانخراطها في عملية المصالحة من خلال توقيعها على المطالب الـ13 التي قدمت لها والتزمت بها، لتُرك على الأقل طريقاً يربط بين البلدين في حال المضي هذا المشروع!

الجزاء من جنس العمل، فالبحرين رسخت بمواقفها الأخوية الصادقة العلاقة بينها وبين السعودية فكان جسر الملك أحد الشواهد التي تجسد عمق هذه العلاقة، بينما قطر أثبتت من خلال ممارستها العدائية المتكررة عن قطيعة مخبوءة للسعودية، فقاطعتها السعودية على العلن في إطار التدابير المضادة، وجاءت قناة سلوى البحرية التي أُعلن عنها أحد شواهد هذه المقاطعة، تماماً كما لو أن بينك وبين جارك المزعج باب لم تكتفِ بإغلاقه فحسب، بل وضعت أمامه حوض أسماك، وحديقة، وقطع أثاث فاخرة! هناك من ذهب إلى أن هذا المسلك يوحي بفراق أبدي أو أمدي على الأقل بين السعودية وقطر، ولكن يرد على ذلك ولي العهد في الحوار الذي أجرته معه مجلة «ذا أتلانتيك» عندما أكد أن الصداقة يجب أن تعود يوما ما، وأنه يأمل أن يتعلم القطريون بسرعة، فتلك المسألة تعتمد عليهم! هذه الإشارة تدل بأن المطالب الـ13 التي قدمت للنظام القطري ما تزال قائمة وبانتظار التوقيع عليها منه، وأهم من التوقيع، الالتزام بها، بالمناسبة لم يرد ذكر «قطر» في ذلك الحوار إلا مرتين، مرة على لسان محرر المجلة جيفري غولدبيرغ في سياق سؤال، ومرة على لسان ولِِي العهِِد في الإجابة على ذلك السؤال، هل يعني ذلك لكم شيئاً؟