علي سعد الموسى

على بعد ساعات من نهاية القمة العربية الاعتيادية في مدينة الظهران، وفي ضيافة العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، قد أكتب بكل ثقة إن كثيراً من القادة العقلاء في هذا العالم العربي، وهم قلة للأسف، صاروا اليوم يؤمنون بالتقريب بذات الإيمان نفسه الذي تعتقده الشعوب، بعدم جدوى مثل هذه القمم. قد لا يفصح بعض القادة العرب ويجهر بالسؤال: هل بقي من مكان حتى للجامعة العربية؟ أربع عواصم بالمشرق العربي تستلم من طهران كل صباح مجلة صغيرة جداً عنوانها «ماذا تفعل هذا المساء»، بعد أن استطاعت عمائم الملالي أن تحول هذه العواصم التاريخية إلى ما يشبه ملاهي الفوضى وحوانيت التبعية الصفوية، وكأن هذه العواصم مناديب جامعة الدول الفارسية إلى ما كان من المخيال العربي. حتى الشقيقة قطر، سامحها الله، فعلت بأهلها في هذا الخليج نفس الصورة الجيولوجية تماماً لشكلها الجغرافي في خريطة الخليج: خنجر في قلب الخارطة قد نتجاوزه ولكننا لن ننساه للأبد.


أكتب هذا الصباح وجهة نظري التي لا تمثل أحداً غير قلمي. هل حان وقت الخروج السعودي وحل موعد «البريكزيت» من هذه المنظومة الفاشلة؟ السعودية بالتقريب هي الدولة العربية الوحيدة التي تستطيع أن تعيش على ذاتها وفوق أرجلها في كل هذه المنظومة. شعب وقيادة وأرض وموارد. نحن في زمن وعصر انتهت فيه تماما خرافة الجار والدم والمصير المشترك. حتى في الفكرة المادية الشخصية في حياتي وحياتك، عزيزي القارئ، صار الجيران هم المسجلون بذاكرة الجوال حتى على بعد المسافات، جيران السعودية اليوم هم الجالسون حولها كتفاً بكتف في نادي العشرين العالمي لا مهزلة منظومة العشرين دولة عربية. شركاء المستقبل هم الذين زارهم ولي العهد الطموح لما يقارب الشهر وعاد منهم إلينا ببشائر العصر والفكر والمستقبل. 
انتهت كذبة التاريخ العربي فلماذا الإصرار على قطع الجغرافيا المهترئة؟ تستطيع هذه السعودية في محيطها وخريطتها أن تعقد المحاور والشراكات الثنائية أو الجماعية مع من ترى أنه معها على ذات «الأوتوستراد» السريع إلى عالم الغد، لا مع أولئك الذين يسحبونها إلى فوضى وهمجية الأمس. ومع كل هذا، ولكن: هذا قدر السعودية رغم أن الزمن يقول إنه الموعد المناسب «للبريركزيت» السعودي.