حمود أبو طالب

لم تكن مصر وحدها التي احتفلت بفوز اللاعب محمد صلاح بجائزة أو مرتبة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، بل شاركها كل العرب تقريباً في احتفالية إعلامية وشعبية وكأنهم يتوقون إلى وجود رموز إيجابية عربية عالمية ترفع معنوياتهم المتدنية وتمسح بعض الشوائب عن صورتهم النمطية المؤطرة بالسلبية لدى كثير من المجتمعات الأجنبية. قناة العربية بثت ريبورتاجاً طريفاً يقارن بين «صلاحين» هما محمد صلاح اللاعب وصلاح عبدالسلام الإرهابي المتهم في أحداث باريس الذي حكم عليه بسجن طويل، للمقارنة بين شخص احتفى به ملايين العرب والإنجليز الذين يعيش بينهم وآخر كرهه الملايين في كل العالم، وكأن صلاح اللاعب استطاع ترميم بعض الخراب الذي صنعه صلاح الإرهابي.

رمزية العرب خارج حدودهم في معظم الأوقات لم تكن جيدة وذلك ما أوجد سمعة غير مريحة لهم، ليس لأنهم سيئون جميعاً بل لأن الرموز التي صنعوها ومنحوها حق تمثيلهم اجتماعياً وفكرياً كانت سيئة. خلال العقود القريبة الماضية صدر العالم العربي أسوأ نماذجه إلى البلدان الغربية، متطرفين جهلة لهم سجلات سيئة في بلدانهم أصبحوا يمثلون المجتمع العربي والدين الإسلامي في تلك المجتمعات بينما هم يمارسون التخريب الفكري فيها ويستعدون عليها أبناءها ويريدون إعادتها إلى الجهل والجهالة والتخلف والفوضى. لم يتركوا للأجيال العربية الجديدة التي ولدت هناك فرصة الاستمتاع بمعطيات الحضارة بل سمموا أفكارها وزجوا بالكثير منها في عمليات إرهابية دموية جعلت العربي بلا استثناء مشبوهاً حتى يثبت العكس. منحوهم الحرية فأساؤوا استخدامها، أساؤوا حرية التعبير وحرية العبادة وحرية التعايش وأربكوا السلم الاجتماعي ليتحولوا مع الوقت إلى كائنات موبوءة مريبة.

رجل الدين الجاهل المتطرف والداعية المؤدلج المتخلف لم يعد هذا الوقت وقتهم ليمثلوا رمزية للمجتمعات العربية، هذا وقت الشاب الموهوب المبدع في العلم والفن والرياضة والأدب وأي مجال آخر يسعد الإنسانية.