مشعل السديري

 مثلما قال الشاعر ابن نباتة السعدي، «ومن لم يمت بالسيف مات بغيره / تعددت الأسباب والموت واحد»، هذا صحيح ولكن «موت عن موت يفرق»، وسأحكي عن هذا الفرق في النهاية، بعد أن أستعرض بعض الميتات الحقيقية (الرومانتيكيّة)، إن صح التعبير التهكمي.

أعلنت الشرطة الهندية أن عمال مد طريق قتلوا رجلاً بالخطأ عندما دفنوه حياً في حفرة أثناء رصف طريق وسط البلاد، وقال مسؤول إن عمال رصف الطريق لم يلحظوا وجود الرجل المخمور في الحفرة.
وأثناء العمل في المساء ألقى العمال التراب والحصى على الحفرة، ودفنوا الرجل قبل استخدام مدحلة ثقيلة لتسوية الطريق، وبعدها فردوا الأسفلت ودكوه دكاً.
ولم تكتشف وفاته إلا بعد أن أتى بعض أصحابه ليتفقدوه في الحفرة التي اعتاد النوم فيها، والتي تحولت بقدرة قادر إلى قبر له.
وهناك ميتة أخرى أكثر جاذبية منها؛ فحسب ما ذكرت صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية، كان العامل خوسيه ميلينا يقوم بأعمال صيانة في الفرن الصناعي الذي يبلغ طوله أكثر من 10 أمتار، حين قام زميل له بتشغيل طنجرة الضغط مع أكثر من 5 أطنان تونة، ظناً منه أن خوسيه في المرحاض، لكنه كان داخل الآلة التي وصلت درجة حرارتها إلى نحو 269 درجة فهرنهايت.
وقد ظل العمال يبحثون عنه قبل أن يتم العثور على جثته معجونة مع أسماك التونة، بعدما أوقف الفرن وفتحه بعد ساعتين. انتهى.
صبر الله زوجتك ووأولادك يا خوسيه.
أما الميتة التي أدعو الله ألا يكتبها على أي امرأة تقرأ هذا الكلام الآن وفي يدها جوّال، فقد حكمت محكمة قبلية باكستانية على امرأة (أم لطفلين) بالرجم بالحجارة حتى الموت، لامتلاكها جوّالاً.
وتم تنفيذ الحكم في تاريخ 11 يوليو (تموز) من العام الماضي، حيث قام عم هذه المرأة وأبناء عمومتها وباقي أفراد الأسرة برجمها بالحجارة حتى الموت، ولم يسمح لعائلتها بالمشاركة في الجنازة. انتهى.
وعندما كنت أستعرض وأحكي عن هذه الميتات لأحدهم عندما كان بجانبي، وسألته سؤالاً مستفزاً: لو أنهم خيروك يا (فلان) من هذه الميتات أيها تختار؟!
أجابني بثقة أحسده عليها قائلاً: أعوذ بالله، ولا واحدة منها، كل ما أتمناه أن أموت على صدر حسناء.
فصدمت من جوابه، لأنكم لو شاهدتم وجهه المجدور، وشعر لحيته الكث المبعثر، وأسنانه الصفراء التي نخرها السوس، وعرقه الذي يشرشر، لتيقنتم أن تلك الحسناء المسكينة سوف يغمى عليها أو تموت قبله، مجرد أن يضع رأسه الكبير الثقيل على صدرها (الكتكوت).