صفوق الشمري

أرقام التكلفة للمشاريع التي طرحت للطاقة الشمسية مؤخرا تثبت بالأرقام أن السعودية أرخص مكان في العالم لإنتاج الطاقة الشمسية

«لا تنشر بفمك ما لم تره عينك» حكمة قديمة
إنها السعودية الجديدة، لم نعد نخشى مواجهة أخبار الصحافة الغربية، وانتهت الطريقة القديمة بالسكوت وعدم الرد، فليس لدينا ما نخفيه.
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز قبل بضعة أسابيع تقريرا عن أن هناك خلافات بين مسؤولين سعوديين ستعيق المشروع الضخم للطاقة الشمسية في المملكة، وأن مسؤولين كبيرين من الحجم الثقيل بينهما خلافات ..إلخ... 
بغض النظر عن كاتب التقرير أو من أين استقى معلوماته، لكن سأرد عليه بطريقتين أولا، من أخبار الصحافة الغربية نفسها، وثانيا مما أعرف بخصوص مشاريع الطاقة في المملكة. 

أولا: 
أ‌- في واحد من الإنجازات الإدارية المهمة لولي العهد السعودي هو أنه فكك الجزر المعزولة التي كانت موجودة بين الوزارات، فكانت الوزارات سابقا كل له عالمه الخاص، وكان الوزير وقتها الحاكم بأمره، وكان بإمكان الوزير أن يعرقل أي مشروع لا يرغبه، ولا نذيع سرا أن بعض المشاريع سابقا تعثرت بسبب عدم التنسيق بين الوزارات، أما الآن فالموضوع مختلف كليا، هناك اندماج وتنسيق بين الوزارات وهناك المجلس الاقتصادي، وهناك متابعة لمشاريع وتحقق مستمر والقرار النهائي الفاصل يرجع لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فأي اختلاف بين الوزراء وغيرهم في وجهات النظر –هذا فرضا إن كان موجودا- لن يؤثر على سير العمل فقبطان السفينة واحد وهو المخول باتخاذ واعتماد المشاريع. وكثيرا ما تطرقت الصحافة الغربية إلى أن المجلس الاقتصادي حل معضلة التنسيق بين الوزارات، وهم دائما ما يقولون إن التغيير بالسعودية أصبح أسهل لأن هناك صانع قرارات معروف.
ب - صراحة أستغرب من التقرير في الفايننشال تايمز أنه يضع اختلاف وجهات النظر- إن وجد أصلا- بين وزارة الطاقة وبين صندوق الاستثمارات على أنه معرقل للمشروع العملاق للطاقة الشمسية، أليست الصحافة الغربية كانت تنتقد طاقم مشروع الرؤية بأنهم كلهم من نفس اللون والتفكير، ويجب أن يكون هناك نقاش وحوار بين الأطراف حول الرؤية والمشاريع، غريب أمر البعض يطالبون بشيء، وعندما ربما يحصل يعتبرونه معرقلا! ولي العهد يسمح بالمناقشة بين الأطراف ويترك لكل طرف أن يحضر حججه ويستمع بإنصات، لكن في الأخير من واجبه كقائد أن يتخذ القرار النهائي، ومن بعده على الجميع أن ينفذ التوجيهات والقرارات وهذا معمول به في حكومات العالم. الشيء بالشيء يذكر مقالي الأسبوع السابق كنت أطالب باختلاف وجهات النظر بين المسؤولين، وطالبت بألا يكونوا على لون واحد باعتبارها ظاهرة صحية في كل العالم المتحضر.
ج- الصحافة الغربية عندما كتبت عن طاقم الرؤية كانت دائما ما تثني على السيرة الذاتية للمسؤولين السعوديين المعنيين في التقرير فكلاهما له سيرة ذاتية طويلة في النجاح ومعروف عنه الاحترافية في العمل، فمن يدير أكبر شركة في العالم، وأكبر صندوق في العالم لا يمكن أن تسمح احترافيته بعرقلة العمل، ولولا ثقة الملك – حفظه الله - وولي العهد بهما ما أعطيا بدون مبالغة أهم موقعين في اقتصاد البلد. وادعاءات الفايننشال تايمز صراحة وسيعة للغاية! وغير قابلة للتصديق بأن الجميع لم يكن يعرف عن المشروع، بل أؤكد أن الكثيرين جدا كان على علم بالأمر وإن كانوا لم يظهروه للإعلام إلا في وقته فهو دليل على الاحترافية بحفظ أسرار العمل. 
د- كثير من التقارير الصحفية الغربية كانت تقول إن هيكلية نظام الحكم في المملكة قد تساعد في التغيير الحاسم المطلوب في السعودية بأسرع من الدول الغربية، لأن صاحب القرار ليس مطالبا بتعيين وزير غير كفء محاباة لحزبه أو عدم تغييره بسب صفقات سياسية أو انتخابية، طبعا لكل نظام حكم إيجابيات وسلبيات، ولكن لو صاحب القرار بأي تأخير أو تضاد يؤثر على العمل فإنه سيغير المسؤول فورا خصوصا أنه عهد الحزم والعزم، فما ذكرته الفايننشال تايمز عن العرقلة غير واقعي عمليا.

ثانيا: 
مما أعرفه ومن رحلة طويلة في الكتابة عن الطاقة الشمسية لدرجة عندما أعلن المشروع الجبار «200 غيغا وات» كثير كانوا يباركون لي في وسائل التواصل الاجتماعي كأن المشروع ملكي، وهو في الحقيقية ملك للوطن ولي ولأبنائي وأحفادي، رحلة طويلة منذ ما يقرب 8 سنوات وكثير من المقالات في الطاقة الشمسية ربما مقارب لما كتبته عن مواضيع الطب، بل هو الشيء الوحيد الذي ذكرت أنه لولا الطب لعملت فيه. في مقال «السماء في السعودية تمطر ذهبا»، لقد حاولنا لسنوات دون جدوى في بعض مسؤولي مدينة الطاقة النووية والمتجددة أن نقنعهم بأهمية الطاقة الشمسية والميزات الهائلة للسعودية التي تختلف عن بقية العالم، لكن للأسف مسؤولو القص واللصق من الدراسات الغربية -كما أسميهم في مقالاتي- كانوا يعاندون!
لقد أنصفنا ولي العهد عندما تكلم عن الميزات النسبية النادرة للمملكة من الجو والسطوع ونقاوة المواد والأيدي العاملة، وكنا نردد لسنوات إلى أن أتى الأمير محمد وقطع قول كل خطيب. 
لنكن صريحين أن سبب تأخر الاستفادة من الطاقة الشمسية ليس كما تدعي الفايننشال تايمز خلافات بين المسؤولين، ولكن بسبب عقلية بعض مسؤولي مدينة الطاقة النووية والمتجددة التي حرمت الوطن لسنوات من هذا الذهب واستهلكت حوالي نصف مليار سنوي دون جدوى تذكر، وأرقام التكلفة للمشاريع التي طرحت للطاقة الشمسية مؤخرا تثبت عكس ادعاءاتهم، نحن أرخص مكان في العالم لإنتاج الطاقة الشمسية بالأرقام، وهو مايتطلب التغيير - من وجهة نظري - في مدينة الطاقة النووية والمتجددة؟