سعد الشهراني 

 

السعودة التي نراها الآن في قطاعاتنا الحكومية والخاصة هي التي لا نريد! وأقصد بها هنا التوظيف الخاطئ لكوادرنا البشرية.

بلادنا -بحمد الله- تمتلك ثروة كبيرة من شبابنا أصحاب التخصصات والمؤهلات العالية، سواء من خرّيجي جامعاتنا أو خرّيجي برامج الابتعاث، وتوظيف هذه العقول في غير مكانها الصحيح له سلبياته التي تتعدى منفعة «التوظيف»، فعندما نطالب بـ«السعودة» فنحن هنا نطالب باستثمار هذه العقول وتوظيف هذه الثروة في مكانها الصحيح، في مجالات تفيد الوطن والمجتمع، وتفيدهم على صعيدهم الشخصي، لكن عندما يتم توظيفها بدون استثمار وفي المكان الخاطئ أيضا بما لا يتناسب معها، فنحن هنا نحكم على هذه الثروة بالفقد والطاقة بالهدر، كل هذا تحت مسمّى «السعودة».
في «السعودة الحالية» تنحصر جميع الخيارات في القطاعات وتُضيّق لأي منها الذي يحتاج «السعودة» فقط! مما يضطر شبابنا للقبول بأي الخيارات لكسب لقمة العيش، وهذا الإجراء يسبب كوارث مالية وبشرية ضخمة بالإمكان تفاديها بمجرد التوظيف الصحيح لهؤلاء الأشخاص. 
لعلي أستشهد بمقالي الذي كتبته قبل عدّة أيام بعنوان (أين أخصائيو صحة المجتمع من الجرب!) كمثال على هذه الكوارث المالية وإهدار الطاقات البشرية.
فعندنا توكل مسألة الصحة المدرسية للمعلمين هنا نحن نُعطل شخصا فعالا ومنتجا في مجاله، ونجبره على عمل شيء لا يتقنه لأنه ليس من اختصاصه أساسا.. والنتيجة؟!
المعلم لم يستثمر علمه ولم يطوّر من نفسه ولا لما وظّف على أساسه، والطالب لم يتعلم ولم يسلم من المرض أيضا.
والشيء بالشيء يُقاس، فعندما يتناول المريض علاجا لا يتناسب مع مرضه فبالتأكيد ستحصل له مضاعفات وتتدهور صحته، كذلك مؤسساتنا فعندما لا يتم استثمار الأشخاص فيها بأماكنهم الصحيحة ستقل إنتاجية الأفراد، ويتدهور مستوى المنشأة.
برأيي ما نعانيه الآن من قلة في الإنتاجية، كما صرّح أحد الوزراء السابقين الذي اختلف تماما مع رأيه «بأن إنتاجية الموظف السعودي لا تتجاوز الساعة»، يعود إلى أن الشخص المناسب لم يوضع في المكان المناسب، وعلاج هذه الإنتاجية الضئيلة هو التوظيف الصحيح للكوادر البشرية، لا التوظيف العشوائي لغرض «السعودة» التي سيكون ثمنها الوطن والمواطن.
أعتقد بأننا بحاجة إلى إعادة معرفة الغرض الرئيسي والصحيح من «السعودة» المصطلح الذي أُسيء استثماره وتوظفيه.
ويجب أن نعيد النظر قبل البدء بخصخصة الجهات الحكومية، بأن يكون كل موظف في مكانه الصحيح بناء على مؤهلاته وإنجازاته والغرض من توظيفه، حتى تكون هناك نهضة فعلية وسريعة تتوافق مع ما نسعى له في رؤيتنا روية 2030.