بغداد

تركزت محادثات أجراها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بغداد أمس، بموازاة أخرى أجراها المبعوث الأميركي إلى العراق بيرت ماكورغ في السليمانية مع أحزاب كردية، على حسم الجدل في شأن منصب رئيس الجمهورية، باعتباره المدخل الأساسي لاختيار رئيس الوزراء وفق الدستور العراقي.


والتقى الصدر أمس وفداً كردياً يرأسه القيادي الكردي عن «الحزب الديموقراطي الكردستاني» فاضل ميراني، ثم وفداً آخر عن «حراك الجيل الجديد» بزعامة شاسوار عبدالواحد، للبحث في الموقف الكردي من التحالفات السياسية من جهة، ولحسم قضية لمن يؤول منصب رئيس الجمهورية، وهو ما تناولته أيضاً مشاورات ماكورغ مع القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» لاهور شيخ جنكي وعدد من قيادات الاتحاد، وزعيم حزب «العدالة» برهم صالح، وقيادات في حركة «التغيير».

ويبدو كخطوة أولى أن الحزبين الكرديين الرئيسيين حسما موقفيهما وأعلنا تمسكهما بمنصب رئيس الجمهورية، وفق ما أفاد ميراني أمس، وسبقه إلى ذلك القيادي في «الاتحاد» قادر عزيز. لكن الحزبين لم يتفقا بعد على الجهة التي ستتولى تقديم مرشح إلى المنصب الذي استمر للدورات السابقة من حصة «الاتحاد الوطني»، فيما يسعى حزب بارزاني إلى انتزاعه بناء على تحقيقه الصدارة في المقاعد بين الأحزاب الكردية.

وسيكون على البرلمان العراقي في جلسته الأولى التي من المفترض أن تُعقد خلال 15 يوماً من مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، اختيار رئيس لمجلس النواب، ثم رئيس للجمهورية خلال 30 يوماً من عقد الجلسة الأولى، ثم يقوم الرئيس بترشيح رئيس الوزراء من الكتلة الأكثر عدداً في المرحلة الأولى، وفي حال فشل المرشح في جمع التأييد البرلماني، يتولى الرئيس اختيار مرشح آخر.

وأكد ميراني في تصريحات أعقبت لقاء الصدر، أن منصب الرئيس أهم من رئيس البرلمان بالنسبة إلى كرد العراق. لكنه استدرك بالقول إن المنصب ليس ممنوحاً إلى حزب الاتحاد الوطني في شكل أبدي، في إشارة إلى رغبة حزبه بتولي المنصب، وقد يرشح إليه عدداً من قياداته، بينهم هوشيار زيباري وروز نوري شاويس وآخرون.

لكن لا يبدو أن المعادلات الداخلية الكردية تتيح حرية الحركة لحزب طالباني، إذ يوزَع أكثر من نصف المقاعد الكردية على قوى معظمها يتخذ من مدينة السليمانية مقراً له، وهذه القوى تجمع بينها خلافات أيضاً، إضافة إلى خلافاتها مع بارزاني، وقد تنجح في تشكيل جبهة تختار رئيس الجمهورية، علماً أن اسم برهم صالح ما زال مطروحاً، إضافة إلى الرئيس الحالي فؤاد معصوم.

أبعد من ذلك، إن الخيارات الكردية الداخلية لا تبدو متوافقة حول مسارات التحالف في الحكومة المقبلة، إذ من الصعب أن يتجه بارزاني إلى التحالف مع جبهة نوري المالكي و «الفتح» المدعوم إيرانياً بزعامة هادي العامري، على رغم إرساله إشارات وتسريبات عن إمكان إبرام مثل هذا التحالف كنوع من العقوبة لرئيس الوزراء الحالي، المرشح الأبرز لولاية ثانية حيدر العبادي، بسبب دوره في محاصرة الإقليم وانتزاع كركوك من سلطته الأمنية.

مسارات التحالفات في بغداد ما زالت بدورها في مراحلها الأولى، وفق مطلعين أكدوا أن أبرز تقارب يمكن الحديث عنه تم بين الصدر والعبادي وزعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم، في مقابل تحالف يبدو طبيعياً بين المالكي وتيار «الفتح»، في حين يسعى كل من التحالفين غير المعلنين، إلى كسب حلفاء سنة وأكراد للوصول إلى الكتلة الأكثر عدداً.

في هذا الصدد، التقى الصدر أمس زعيم كتلة «القرار» أسامة النجيفي، ومن المتوقع أن يلتقي رجل الأعمال الراعي للكتلة خميس الخنجر، في حين كان اجتمع أول من أمس مع رئيس القائمة «الوطنية» أياد علاوي.

لكن مقربين من أجواء المفاوضات يؤكدون أن لاعبين من داخل الوسط السياسي السني يحاولون تشكيل كتلة ثالثة من منسحبين من الكتلتين، يجمعهم جمال الكربولي الذي نجح بجمع 16 مقعداً لمصلحة حزبه «الحل» عبر الترشح في قوائم متعددة، وأن الأخير قد يتوجه نحو التحالف مع المالكي.