ناصر الصِرامي 

 الخبير الدرامي والفني، المبدع كتابة وشعرًا، الدافع لكواليس الفكرة لتصبح في قلب المشهد، الأديب جدًا، الأستاذ خلف الحربي، مصمم أهم الأعمال الفكاهية والدرامية المثيرة للجدل.

وهنا يتدخل لحن قامة ترتفع وتسمو إبداعًا لحنًا وعزفًا، الفنان الشجي ناصر الصالح.

ثم يأتيك ذلك الصوت «المخيف» الذي لا يتهاون في إرباكك نغمًا وشجنًا.. فرحًا وحزنًا.. يقلب المشاعر ويقلبها ويخلطها إرباكًا، الراشد الماجد.

بهذا المنتخب العذب، تنسج أغنية مسلسل العاصوف، ذاك المشهد الكبير لعمل فنى يصحبنا لمسيرة التنويري بطبيعته، والأشهر بموهبته، الأجمل تلقائيًا، ناصر القصبي:

- الله يا وقت مضا.. لو هي بأيدينا ما يروح..

والله يا عمر قضا.. بين الأماني والجروح.

- قولوا لجدران البيوت.. كنا حبايب وقصارا..

واليوم ما للحب صوت.. ما حد عن الثاني درا.

- هبت رياح من شمال.. هبت رياح من جنوب..

فجاة ولا عطتنا مجال.. وعاصوفها هز القلوب.

- كل شي (كلشن)-تغير وانقلب.. وما عاد نشبه نفسنا..

نركض ويسبقنا التعب.. وضاعت ملامح أمسنا.

- الله لو أن السنين.. ترجع ليا هب الهوا..

ويرجع زمان الطيبين.. وأيامنا الحلوة سوا.

(والله يا وقت مضى.. لو هي بأيدينا ما يروح..).

سمعتوا، تلك الكلمات، تلك الفكرة العاطفية الجميلة لاسترداد الماضي، بعض خطايانا وتنوعنا... وبتجربة الزمن وتقلبه معنا وعلينا.. كما عصفه.

عمل نجح قبل أن يبدأ فعلياً، وحيث يؤكد الأب الروحي للعمل، ورئيس مجلس إدارة مجموعة (ام بي سي الإعلامية)، - فارس الإعلام وحربته- وليد آل ابراهيم، أن المسار الدرامي سيتطور في أجزاء لاحقة، ليصل إلى قمة توهج وسخونة العصف الدرامي في أحداثه مع أجزاء ستستمر لسنوات تالية قادمة..

العاصفوف سيشكل حالة رصد استثنائية لمرحلة زمنية، يقلب الأوراق والذكريات، بروح ونور الراحل الباقي (عبدالرحمن الوابلي)، ليعيد التاريخ الاجتماعي إلى مساره الطبيعي بكل تنوعه وإنسانيته، وتناقضه، وبما يحمله من خير وشر... كما في كل التاريخ البشري الاعتيادي وحضاراته.

فقط.. وفقط (بالخط العريض جداً)-.. لا يقلقنى إلا أن نقع في فخ «تقديس» الماضي، أَي كان هذا الماضي.

المستقبل هو الأمل والحلم الأجمل دوماً.. وعبارة (الماضي الجميل) المفخخة، تتعمد تخفيف حماسنا عن التطلع للقادم، وتضخ جرعات حنين مبالغ فيه لماضي فقير وبدون ألوان.. كما هو حال علاقتنا المتطرفة بكل الماضي.. وتلك عقدة تخلفنا الأصلية والمسكوت عنها..!

العاصوف عمل أقرب في تصنيفه إلى الوثائقي -الدرامي- حتى وإن كانت شخصيته غير حقيقة.

وعلينا أن نأخذه كذلك ونستمتع بالمتابعة ونتفاعل معه وننتظر عصفه التالي الأجمل... دون مبالغة في تمجيد ماضي متواضع في إمكاناته وأدواته، ووعيه، بل وفي كل المجالات تقريباً..!