عمّان

على وقع استمرار الاحتجاجات الشعبية في الأردن ضد مشروع قانون ضريبة الدخل، كلّف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس، وزير التربية عمر الرزاز تشكيل الحكومة خلفاً لهاني الملقي، الذي استقال أول من أمس. واستبق التكليف بالتحذير من أن الأردن يقف «عند مفترق طرق» قد يُدخِله في «المجهول»، محملاً الوضع الإقليمي والعالم المسؤولية.


ووجه العاهل الأردني الرزاز بسرعة إطلاق حوار وطني شامل، بالتنسيق مع مجلس الأمة، وبمشاركة الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، لإنجاز مشروع قانون ضريبة الدخل الذي يُعد تشريعاً اقتصادياً واجتماعياً مفصلياً، وخطوة للعبور نحو نهج اقتصادي واجتماعي جديد، جوهره تحقيق النمو والعدالة. وطالب الحكومة الجديدة بمراجعة شاملة للمنظومة الضريبية والعبء الضريبي بشكل متكامل، ينأى عن الاستمرار بفرض ضرائب استهلاكية غير مباشرة وغير عادلة لا تحقق العدالة والتوازن بين دخل الفقير والغني.

وشدد عبدالله الثاني على أن الأردن، برغم الضغوط التي يواجهها، مطلوب منه الارتقاء بنوعية الخدمات وليس تراجعها، لأن فرض الضرائب وتوفير خدمات نوعية أمران متلازمان. ودعا الرزاز إلى «النهوض بأداء الجهاز الحكومي، فلا مجال لأي تهاون مع موظف مقصر أو مسؤول يعيق الاستثمار بتعقيدات بيروقراطية، أو تباطؤ يضيع فرص العمل على شبابنا والنمو لاقتصادنا، ولا مجال للتردد في محاسبة مسؤول».

وكان العاهل الأردني حذّر، خلال لقائه رؤساء تحرير صحف يومية وكتاب أعمدة مساء أول من أمس، من أن بلاده تواجه ظرفاً اقتصادياً وإقليمياً غير متوقع، ولا يوجد أي خطة قادرة على التعامل بفاعلية وسرعة مع هذا التحدي، لافتاً إلى أن «الأردن اليوم يقف أمام مفترق طرق، إما الخروج من الأزمة وتوفير حياة كريمة لشعبنا، وإما الدخول، لا سمح الله، في المجهول، لكن يجب أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون».

ولخص التحديات الاقتصادية المتراكمة في البلاد، وقال إن المساعدات الدولية إلى الأردن انخفضت برغم تحمل المملكة عبء استضافة اللاجئين السوريين، مضيفاً: «هناك تقصير من العالم». كما أشار إلى طبيعة الأوضاع الإقليمية المحيطة بالأردن، من انقطاع للغاز المصري «الذي كلفنا أكثر من 4 بلايين دينار»، وإغلاق الحدود مع الأسواق الرئيسة للمملكة، والكُلف الإضافية والكبيرة لتأمين حدودها، إضافة إلى ما اعتبره تقصيراً وتراخياً لدى بعض المسؤولين في اتخاذ القرارات.

وخلال اللقاء، أكد عبد الله الثاني أنه يقدر حجم الضغوط المعيشية التي تواجه المواطن، وقال: «المواطن معه كل الحق، ولن أقبل أن يعاني الأردنيون». وفي ما يتعلق بمشروع قانون الضريبة، قال إن «مشروع القانون جدلي، ولا بد من إطلاق حوار حوله».

شعبياً، ورغم استقالة الملقي، إلا أن الاحتجاجات تواصلت مساء أول من أمس لليلة الخامسة على التوالي، إذ خرجت تظاهرات حاشدة في المدن الأردنية، بينها إربد وجرش والمفرق (شمال) والزرقاء (شرق) والكرك والطفيلة والشوبك (جنوب)، تطالب بتغيير النهج الاقتصادي للحكومات، وحل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وتجمع نحو ألفي شخص قرب مبنى رئاسة الوزراء وسط عمان مساء الإثنين حتى فجر أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة، ورددوا هتافات غاضبة، بينها «فليسقط صندوق النقد الدولي».

ومن المقرر أن تشهد البلاد اليوم إضراباً عاماً دعت إليه النقابات المهنية، بمشاركة نقابة المعلمين، بعد توجيه دعوات إلى منتسبيها للمشاركة بفاعلية. كما دعت حراكات شعبية إلى المشاركة في الإفطار الجماعي على الدوار الرابع قرب دار رئاسة الوزراء، ضمن الخطوات التصعيدية في مواجهة القرارات الحكومية.