هاني الظاهري

لا شيء أكثر إثارة للسخرية هذه الأيام من التغريدات التي يطلقها عراب الخراب وزير خارجية قطر الأسبق حمد بن جاسم الذي مازال يحاول باستماتة شديدة الرجوع إلى المشهد السياسي في المنطقة متقمصا شخصية الواعظ الحكيم المحب للخير، وهذا في الحقيقة ليس سوى مشهد كوميدي رديء يذكرني بعنوان فيلم مصري تم إنتاجه عام 1981م من بطولة الراحل فريد شوقي والفنانة نبيلة عبيد باسم: «الشيطان يعظ».

في مقالة سابقة تطرقت لذات الموضوع وأشرت إلى أن تغريدات بن جاسم عبر حسابه التويتري الذي دشنه عقب مقاطعة قطر -رغم سذاجتها- تكشف بشكل جلي عن أن لديه طموحاً سياسياً جنونياً لانتزاع الحكم في قطر، وغالبا هو يحلم بالحصول على هذا الحكم عبر عملية انقلاب على أميرها الحالي بمساعدة أطراف خارجية، أو بموجب تسوية قطرية داخلية، وهذا ما يجعله يعمل جدياً على تقديم نفسه للعالم بصورة جديدة ونظيفة رغم تلطخ يديه بدماء مئات الآلاف من ضحايا ما سمي بالربيع العربي، وهو بذلك يستغل أوضاع رأس النظام القطري الحالي الذي يعيش مرحلة ضياع وتخبط كبرى وانفصال تام عن الواقع السياسي في المنطقة والعالم.

أمس الأول غرد الشيطان الواعظ حمد بن جاسم عن التظاهرات التي تشهدها المملكة الأردنية هذه الأيام، محاولا الظهور بمظهر الصديق المحب للأردنيين، وهو الذي عمل طوال فترة توليه منصبه السابق على إشعال الحرائق في الأردن ودعم كل ما من شأنه إلحاق هذه الدولة العربية بمصير ليبيا وسوريا، لكنه فشل حينها بسبب وعي الشعب الأردني وتكاتفه مع قيادته، وأتذكر جيدا أن النائبة الأردنية ميسر السردية وصفته في جلسة علنية لمجلس النواب الأردني عام 2014 بـ(رئيس يهود خيبر) في إشارة واضحة إلى كراهية الأردنيين لهذه الشخصية الشيطانية وإدراكهم لمدى الخبث القطري والنوايا السوداء التي يحملها بن جاسم للأردن قيادة وشعبا.

عقب إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعة قطر قبل نحو سنة من الآن أعلن الأردن تخفيض التمثيل الدبلوماسي بينه وبين الدوحة وتقييد نشاط قناة الجزيرة على أراضيه، وتعطيل الصادرات الأردنية إلى قطر، وهذا موقف سياسي واضح وضوح الشمس ومازال قائماً حتى اليوم، ولا يملك بن جاسم حيال ذلك سوى محاولة ترديد الشائعات والأكاذيب التي تستهدف زعزعة العلاقات بين عمان والرياض لا أكثر.

في هذا السياق تحديدا تأتي تغريدات بن جاسم الأخيرة التي أشار فيها إلى أن المشاكل الداخلية العابرة التي يمر بها الأردن حاليا ربما تكون من صنع دولة قريبة قاصدا بذلك السعودية، وهو ادعاء في منتهى السذاجة والغباء، ويليق بنظام مافيوي تآمري مثل نظام الدوحة لا القيادة السعودية التي أحبطت مشروع الربيع العربي بحكمة وحزم، ووقفت سدا منيعا ضد زعزعة استقرار دول المنطقة، ودعمت الأردن في كل أزماته، وستظل داعمة له رغم نعيق الشياطين.