خالد أحمد الطراح

 ضعف أو تواضع الرقابة في أجهزة الدولة هما وجهان لوضع واحد تئن منه الدولة بمؤسساتها حتى الحساسة منها منذ سنوات، حتى بلغنا اليوم تحدياً حقيقياً يواجه مرفق القضاء في ضوء ما نشر أخيراً عن ضياع ملفات قضائية، وهو برهان على «انعدام الرقابة» في مرفق حساس جدّاً ومهم للغاية يعود الى المحاكم (الجريدة 29 ــــ 5 ــــ 2018).


للكويت قصة تاريخية مع ضعف الرقابة وهيبة القانون، إلى درجة تطور أشكال التحدي للقانون والمؤسسات الأمنية من نوافذ عديدة، كهروب مطلوبين للعدالة من منافذ برية وبحرية وجوية بمساعدة بعض أفراد المؤسسة العسكرية، فضلاً عن انعدام الرقابة في عقود واستثمارات الدولة، وإحالات بلاغات حكومية لقضايا تحمل شبهات تعدٍّ على المال العام وفساد إداري ومالي إلى النيابة العامة من دون إرفاق الأوراق ذات العلاقة، وهو ما دفع النيابة العامة إلى التصريح إعلامياً بهذه الحقيقة المرة، التي كما هو واضح لم تدفع السلطة الحكومية إلى إعارة الاهتمام بتحديات قانونية، والاكتفاء بتوجيه خطابات الى النيابة العامة، تستوضح عما يثيره ممثلو النيابة العامة في الصحافة المحلية حيناً، في حين تصدر حيناً آخر بيانات إنشائية لا تقدّم ولا تؤخّر في واقع يفتك بالمصلحة العامة!
لا يختلف مضمون الكتاب، الذي نشرته «الجريدة» عن نظام التتبع الإلكتروني RFID، المرسل من وزارة العدل، الذي «لا يعمل منذ ثلاث سنوات»، عن معظم ردود الحكومة العائمة، في الوقت الذي تتوقع الحكومة أن تتعزّز ثقة المواطن فيها، التي فقدت من سنوات عديدة، في حين تتعمق هوة فقدان الثقة بالحكومة وخططها وشعاراتها.
اليوم ما نواجهه ليس شكلاً جديداً من ضياع هيبة القانون و«انعدام الرقابة» في المحاكم، في ضياع ملفات قضائية من مرفق، ملاذ المظلومين والباحثين عن العدالة، وإنما هو تقاعس إداري سافر بمعرفة وزارة العدل، التي تتحمّل المسؤولية الإدارية والمالية بالدرجة الأولى عن مرفق القضاء.
شاهدت شخصياً مواقف قد تبدو بسيطة، ولكنها تحمل دلالات على ضعف الرقابة وانعدامها في مرفق القضاء، أورد بعضاً منها، وهي تخص قصر العدل، وأيضاً مجمع محاكم الرقعي الجديد!
نوم عمال النظافة والحراسة الأمنية لشركات خاصة في قاعات المحكمة أثناء فترات عدم انعقاد جلسات المحكمة، علاوة على وجود مندوبي بعض مكاتب المحاماة بين أروقة المحاكم بغرض توزيع بطاقات المكاتب، التي يعملون فيها، وكأنهم يتجولون في سوق عكاظ، وليس في مرفق قضائي!
غرف متواضعة ومكاتب قضاة ومستشارين، بما في ذلك في مجمع محاكم الرقعي الجديد، وملفات قضايا تفتقر إلى أبسط أساليب الحفظ، في حين موظف بدرجة موظف في جهات حكومية يتربع على مكتب فاخر، وبمساحات تفوق أضعاف مساحات مكاتب العاملين في مرفق القضاء.