عماد العباد

في المسلسل الرائع الذي يروي قصة محاكمة لاعب كرة القدم الأميركي «أوجي سيمبسون»، كان هناك مشهد لشخص يريد أن يبتاع صحيفة، غالبية الصحف والمجلات تعلوها صور سيمبسون، وذلك لأهمية الحدث والذي سمي فيما بعد «محاكمة القرن».

التفت بائع الجرائد إلى الزبون وقال له: «إنه لأمر جنوني، لقد جعلوا وجهه أكثر سواداً». كانت الصحيفة بالفعل قد تلاعبت بصورة أوجي سيمبسون وتعمدت أن تخرجه بشكل متجهم وبسمرة إضافية، إذ يبدو أن الصحفي الذي كتب عن جريمة القتل، يرى أن سيمبسون مدان وأنه هو القاتل، وذلك رغم أن المحاكمة لم تبدأ بعد. وبالتالي تورطت شكوكه في عمله وجعلته يتحيز ضد سيمبسون.

تذكرت هذا المشهد وأنا أقرأ تغريدة لإحدى الصحف البريطانية العريقة، فبعد مباراة منتخبنا في المونديال، غرد حساب صحيفة الإندبندنت بسخرية على رقم أحد اللاعبين السعوديين، حيث تمت طباعة الرقم 8 بالمقلوب.

لا أعتقد أن ذات السخرية ستطال اللاعب لو كان أرجنتينياً أو كرواتياً أو غير ذلك، ورغم أنني لا أميل لنظرية المؤامرة إلا في الحالات الواضحة كالشمس، إلا أنني مؤمن تماماً بأن ميول الصحفي وقناعاته من الممكن أن تؤثر كثيراً في كتابته للخبر أو القصة، ولذلك نجد أن الكثير من الأضواء التي تسلط على المملكة، في غالبها سلبية، وذلك لأن الكثير من الصحفيين الغربيين لديهم تصور سلبي مسبق عن بلادنا، إذ يربطون المملكة بتصدير الإرهاب وإغراق دولهم بالمهاجرين، وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها.

المملكة تتعرض لظلم فاضح في التناول الإعلامي الغربي، إذ يتم تضخيم الأخطاء بشكل كبير، فيما لا يحتفى كثيراً بحسناتها.

على سبيل المثال، لو أخذنا العملية الإصلاحية التي تمر بها المملكة مؤخراً، فسنجد أن التناول الإعلامي الغربي يتحدث عنها، لكن لا يكاد يذكر خبراً إيجابياً إلا ويختم القصة بالتذكير ببعض التجارب السلبية التي مرت بها المملكة. ولا تحتاج أن تكون خبيراً إعلامياً لتشم في التناول الصحفي رائحة مواقف مسبقة من قبل صانع الخبر.

نحن نتحمل جزءاً من الخطأ في هذه السلبية، إذ إننا لم نمنح لوجودنا الإعلامي في الخارج قدراً كبيراً من الأهمية، ولتصحيح هذا الخطأ يجب أن نفتح قنوات للحوار مع الإعلاميين في الخارج، أن ندعوهم إلى أرضنا لنكسر الأسطوانة النمطية التي يعرفونها عنها. الكثير ممن زاروا المملكة خرجوا منها بتصور مختلف، واكتشفوا كم كان انطباعهم عن هذا البلد منقوصاً وسوداوياً.