عبدالله العلويط

أهداف الوزارة الجديدة هي إبراز الصورة الثقافية المشرقة للمملكة، وأبرز ما في الثقافة هي الفكر، فهو نتاج واقع المفكرين والنخب في البلد، وبروزها أهم من بروز أي مجال ثقافي آخر

استبشر كثير من المهتمين بالثقافة في جميع مجالاتها خيرا بإنشاء جهة رسمية خاصة بالثقافة وبحجم وزارة ومستقلة عن الإعلام أو الشباب، وما زلنا نتطلع إلى مهام هذه الوزارة الجديدة لتحديد نشاطاتها، وإن كنت أتمنى أن تكون معنية في 
المقام الأول بالثقافة على مستوى الفكر أو التنوير، وهي تلك التي إذا اضطلع بها شخص سُمّي مثقفا، فالثقافة تطلق على ثلاثة معان، الأول: الشعبيات، وهي الإنتاج الشعبي في الفنون القديمة والعادات والألبسة والأمثال والأدوات والفلكلورات وغيرها، والثاني: الثقافة الأدبية، وتتمثل في المسرح والرواية والرسم والفن عموما. والثالث: الثقافة الفكرية أو التنوير.

فهذه هي المجالات الأشهر للثقافة والمتوقع أن تعمل عليها الوزارة الجديدة، أما الثقافة بالمعنى الشعبي فقد طغى على المعنيين الآخرين: وقد تمت تغطيتها بالشكل الكافي من خلال المهرجانات السنوية التي تقام واضطلاع الهيئة العامة للثقافة بها، باستثناء الجانب السياحي الذي من المتوقع أن يكون الاهتمام به موجودا من قبل الوزارة، فمما يظهر من أهداف هذه الوزارة هو إبراز الصورة الثقافية المشرقة للمملكة، وأبرز ما في الثقافة هي الفكر، فهو نتاج واقع المفكرين والنخب في البلد، وبروزها أهم من بروز أي مجال ثقافي آخر، لأن الثقافة الشعبية صور شعبية يتم عرضها لإبراز جوانب إبداعية لأجيال مضت، والثقافة الأدبية انعكاس للثقافة الفكرية، إذ إن الفكرية تظهر على شكل أدب، فالفكرية أساسها، والأدب الذي لا يحمل فكرا لا يعدّ أدبا راقيا، وأما الفكرية فهي خير ما يقدم عن هذا البلد وتحتاج لدعم، ولا أدل على ذلك من أن معارض الكتب الدولية تتنافس في الأجود طرحا ومبيعا من الكتب، والدول نفسها تتنافس فيما يترجم ويطبع من كتب، حيث يشكل الفكر أساسا لهذه الكتب، وكذلك التنافس في الترجمة. ويتمثل الدعم فيما يلي:
أولا: زيادة الرقابة على أشباه الكتب التي لا تحمل أي فكر أو جعلها في مسارات خاصة غير الكتاب وغير معارض الكتاب.
ثانيا: حماية حقوق المؤلف وتقوية جانبه مع دور النشر، وأن تستخلص هذه المهام من وزارة الإعلام لتكون تبعا لوزارة الثقافة فيما يتعلق بالثقافة فقط.
ثالثا: إنشاء صالونات ثقافية إضافة لما هو موجود ونشرها ودعمها، أو ملتقيات ثقافية على مستوى الأحياء، والاهتمام بالمكتبات العامة والقراءة عموما وتشجيع الناس عليها.
رابعا: فصل النوادي الثقافية عن الأندية الأدبية نظرا لاختلاف المجالات نفسها، فالأدب يختلف عن الثقافة كما أسلفت.
خامسا: إنشاء قناة فضائية فكرية تدعم الفكر والتجديد. فهذه بعض مما تحتاجه الوزارة فيما يظهر لي.
وأما الجانب السياحي فلا بد من تحديد ما يجذب السائح وما يبرز الوجه المشرق للتراث عموما، فليس كل ما يصدق عليه أنه تراث أو ثقافة شعبية يمكن أن يكون محط جذب أنظار السياح أو المتابعين لحراكنا المحلي، فلا بد من التعمق في هذه النقطة، بل بعضها أيديولوجيا يجب التخلص منها فليست كل ثقافة محمودة.