خالد أحمد الطراح

 هيئة مكافحة الفساد المعروفة بـ«نزاهة» بحسب شعارها، وهي الجهة المشرفة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، دخلت مرحلة جديدة من الملاحظات، بعد خلافات داخلية ضمن مجلس الأمناء، وإدارية أيضاً، وإبطال دستوري لقانون إنشائها، تمثلت بعدم وجود قواعد وضوابط في الصرف!

رفع الحساب الختامي لعام 2016 – 2017 لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة) الستار عن ملاحظات لجهاز المراقبين وديوان المحاسبة أيضاً، تتعلّق بصرف «مكافآت بلا قواعد وضوابط، وبلا بيان استحقاق»، فضلاً عن «ملاحظات إدارية خاصة بجدول مرتبات الوظائف القيادية والإشرافية والتنفيذية والمزايا والبدلات والمكافآت للعاملين في الهيئة، وعدم التزام الهيئة بقانون إنشائها، والتأخر في اعتماد اللائحة التنفيذية بالمخالفة للمادة 57 من قانون إنشاء الهيئة» (القبس 14 ــ 6 ــ 2018).
بصرف النظر عن حجم الملاحظات، التي تمت تسويتها وطبيعتها والمتبقي منها، يثار سؤال موضوعي وقانوني أيضاً ينحصر في كيفية أن يصبح «المجتمع المدني شريكاً في مكافحة الفساد» بحسب بيان رسمي لـ«نزاهة»، بينما الهيئة، أي «نزاهة»، شبه غارقة حتى اليوم على الأقل في بحر ملاحظات لأجهزة رقابية، في الوقت الذي اندفعت فيه هيئة مكافحة الفساد الى التشكيك، إن جاز التعبير، والاعتراض أيضا على مؤشر مدركات الفساد، وهي أيضاً في الطريق نحو استنكار تقارير منظمة دولية، كما تردد نيابياً أخيراً، بسبب تصنيف سيئ جداً للكويت!
الشراكة المدنية الكويتية والتعاون الدولي أيضاً في مكافحة الفساد يقومان على أسس، منها المصداقية والالتزام بالقوانين واللوائح في التصدي للفساد، ولا شك في أن مراحل التعثّر الدستوري والقانوني، والملاحظات المالية والإدارية الداخلية، تحول دون خلق شراكة مجتمعية حقيقية، فما الحال في العلاقة مع المنظمات الدولية التي تستند إلى معايير دولية وعلمية؟
إلى جانب ذلك، كيف لهيئة مسؤولة عن التصدي للفساد تكسر اللوائح والقواعد، كما تفعل جهات حكومية أخرى تعمل بتمويل من المال العام؟ كيف يمكن أن يقوم التعاون بين مؤسسات وقياديي الدولة مع هيئة «نزاهة»، وثوبها أصبح شبه ممتلئ بالملاحظات منذ إنشائها، حتى برهنت رسمياً التقارير الرقابية أخيراً عن كسرها (الهيئة) للقواعد، التي نص عليها قانون إنشائها؟
هل وزير العدل مقتنع بما تردد على لسان «نزاهة» بأن الكويت خالية من الفساد؟ من الجهة المفروض أن تحقق في ملاحظات هيئة مكافحة الفساد؟ وهي الجهة التي تحيل قضايا فساد الى النيابة العامة، وتشتكي أيضاً من مخالفة بعض القياديين في تقديم بيانات بذممهم المالية؟!
كيف يمكن للاستثمار الأجنبي أن ينمو في دولة، بينما الهيئة المنوط بها مكافحة الفساد تُكسر فيها القواعد وتوجد عليها ملاحظات مثلها مثل أي جهة حكومية أخرى؟
أخشى أن يكون إنشاء هيئة مكافحة الفساد تحت المظلة الحكومية ظاهرة شكلية للتصدي للفساد وبريقاً لجذب الانتباه المحلي والدولي لا أكثر!
وزير العدل مطالب ليس بتفنيد الملاحظات، وإنما بتوضيح طبيعة الإجراءات التي سيتخذها إزاء ملاحظات مجلس أمناء «نزاهة» والإدارة التنفيذية، حتى تترسخ الثقة في وجدان المواطن إن أمكن في ضوء هذه الملاحظات التي قد تكون مجرد بداية لسيل محتمل من كسر القواعد، ومن ثم تجذر الفساد في معظم مؤسسات الدولة أكبر مما هو عليه حالياً!