نذير رضا

رفعت فصائل المعارضة السورية في الجنوب سقف شروطها في جولات التفاوض التي استؤنفت أمس مع الروس، من غير أن تتوصل إلى تسوية يقضي بحفاظها على السلاح المتوسط والخفيف وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها والمشاركة في إدارة معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهو ما يرفضه الروس الذين يدفعون باتجاه توسعة مروحة «المصالحات» التي عقدت في ثماني بلدات في الريف الشرقي لدرعا، وقدموا، أمس، مقترحا جديدا في عملية التفاوض المستمرة، يجري التشاور حوله، يعرض تسليم السلاح الثقيل والمتوسط والانضمام إلى الفرقة الخامسة التي أنشأها الروس لمحاربة الإرهاب.

وتحت ضغط ناري وعسكري على ثلاثة محاور، قال متحدث باسم المعارضة، إن المحادثات استؤنفت بين المعارضة السورية ومفاوضين روس في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق نار في بلدة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بجنوب غربي البلاد وذلك بعد وساطة من الأردن، بعد فشل الجولة الأولى يوم السبت، طلب خلاله الروس من فريق المعارضة استسلاما كاملا.
وقال إبراهيم الجباوي المتحدث باسم غرفة العمليات المركزية التي تمثل مفاوضي الجيش السوري الحر لـ«رويترز»، إن فريق المعارضة استأنف المحادثات مع ضباط روس أمس الأحد، بعد جهود وساطة من الأردن الذي يسعى إلى وقف إطلاق النار. ويعكف الأردن، القلق من اندلاع العنف على حدوده الشمالية، على تسهيل المحادثات بين فصائل المعارضة من الجيش السوري الحر وروسيا بشأن اتفاق يوقف القتال.
وقال مصدر معارض مواكب لجولات المفاوضات، بأن الضغط العسكري «يوحي بأن الروس يريدون من فصائل المعارضة الاستسلام ويضيقون الخيارات عليهم»، مشيراً إلى أن الروس «يسعون لانتزاع اتفاقات تشبه اتفاقات جنوب دمشق وغوطتها الشرقية وريف حمص، تمهيداً لإعادة النظام إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة». وأضاف المصدر أن الضغط العسكري الذي يمارسه النظام على محاور القتال «يوحي بأن المعارضة باتت تحت خيارين، إما الخضوع للشروط الروسية وانتزاع ضمانات حول المطلوبين للخدمة الإلزامية، وإما مواصلة القتال».
لكن مصادر عسكرية سورية معارضة قالت: «نرفض الاستسلام، كما نرفض دخول النظام إلى مناطقنا، ونطالب بإدارة مشتركة للمعبر الحدودي». وشددت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن قوات المعارضة «لن تستسلم، ولم يبقَ أمامها إلا خيار القتال في ظل الرفض الروسي لشروطها التي تقضي بالحفاظ على السلاح المتوسط والخفيف، وإدارة المناطق المحررة إدارياً، وتوقف العمليات العسكرية النظامية بدعم روسي، والمشاركة في إدارة معبر نصيب الحدودي مع الأردن» وهو ما يرفضه النظام الذي يسعى لاستعادة السيطرة على المعبر الحيوي. وقالت المصادر بأن الجيش الحر «يرفض الشروط التعجيزية، ولن يسمح للأمن العسكري بتفتيش المنازل. فالشروط المذلة مرفوضة».

وطرأ تطور لافت بعد ظهر أمس، إذ قال الإعلام الرسمي السوري بأن مسلحين في مدينة طفس بريف درعا الشمالي أعلنوا رفضهم للمصالحة مع الحكومة السورية، في حين نفى الجبلاوي، أن يكون الطرفان توصلا إلى اتفاق يقضي بتسليم المنطقة، مشيراً إلى استمرار المفاوضات حتى عصر أمس.
ويحاول المفاوض الروسي توسيع مروحة التسويات التي أعلن عنها السبت، وتمثلت في اضطرار الكثير من البلدات والقرى التي تخضع لسيطرة المعارضة إلى القبول بسيادة الدولة، مع انهيار خطوط دفاع مقاتلي المعارضة في مناطق من الجنوب الغربي تحت وطأة قصف مكثف. وعلى هذا الأساس، عقدت جولة مفاوضات أولى في بصرى الشام أول من أمس السبت، وفشلت بعد اجتماع مفاوضين روس مع فريق يمثل الجيش السوري الحر.
وقدم الروس أمس طرحاً في عملية التفاوض المستمرة، يجري التشاور حوله، يقوم على تسليم الفصائل العاملة في محافظة درعا كامل سلاحها الثقيل والمتوسط، فيما يبقى السلاح الخفيف لفترة محددة، وتنضم هذه الفصائل ومن يرغب من عناصرها، إلى الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا لمحاربة المجموعات المتطرفة وتنظيم داعش، ويجري تسليم معبر نصيب الحدودي مع الأردن للجمارك التابعة للنظام وإدارة الهجرة والجوازات والشرطة المدنية. كما يتضمن المقترح الذي كشف عنه «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، انتشار عناصر الشرطة الروسية وشرطة النظام داخل مدن وبلدات وقرى ريف درعا، وتعود الدوائر الحكومية للعمل في كافة المناطق، على أن لا تدخل قوات جيش النظام القرى والبلدات والمدن المتبقية تحت سيطرة الفصائل لحد الآن، وتضمن روسيا عدم اعتقال المواطنين أو المقاتلين على الحواجز أثناء تنقلهم في محافظة درعا، كما يجري نشر عناصر الفيلق الخامس على الحدود السورية - الأردنية والشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، وتسوية أوضاع المواطنين والمقاتلين الراغبين بـ«تسوية أوضاعهم»، وحل مسألة الخدمة الإلزامية عبر التوافق على تأجيلهم أو إلحاقهم بأماكن معينة، وتقديم الخدمات كافة لمحافظة درعا وتخديمها من جديد.

لكن المعارضة تنظر إلى المقترح على أنه «وثيقة استسلام». وقال القيادي العسكري في «الجيش السوري الحر» العقيد خالد النابلسي بأن معنويات المقاتلين مرتفعة، وتمثل ذلك في «الدعوات للجيش السوري الحر للتصدي للهجمات»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «فشلت حملات النظام على طفس، والناس بايعت الجيش الحر على الموت، وأكدوا أن لا خروج على الشمال. الخروج من درعا سيكون باتجاه واحد وهو الموت»، مؤكداً «أننا اتخذنا قراراً بالمواجهة».
وقال النابلسي: «لا ثقة بالنظام السوري الذي اقتاد المطلوبين إلى جبهات القتال بمجرد عقد المصالحات في اقطع»، لافتاً إلى أن «الضغط بالعمليات العسكرية وبالقصف الجوي سينتهي، لأن الطائرات الروسية لن تبقى للأبد في الأجواء، وبمجرد هبوطها، سنستعيد ما أخذوه».
وبموازاة انعقاد جولة التفاوض، عادت الطائرات الحربية لقصف ريف درعا، حيث استهدفت الطائرات الحربية بأكثر من 10 غارات مناطق في بلدة طفس في الريف الشمالي الغربي لدرعا، بالتزامن مع استهدافات متبادلة وقتال بين قوات النظام والفصائل قضى على إثرها 4 مقاتلين من ضمنهم قيادي عسكري في فصيل مقاتل.