عبدالله بن بجاد العتيبي 

يدور جدل مستحقٌ في بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، حول جماعة «الإخوان المسلمين» وتصنيفها جماعةً إرهابيةً، وهو جدل يجب متابعته والعمل على تعزيزه وتطويره وتوفير المعلومات المهمة لكل مشاركٍ في صنع القرار في أميركا وبريطانيا.

يجب أن يعرف العالم أن المعركة مع الإرهاب لن تنتهي ولن تضعف ما لم يتم تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» جماعةً إرهابيةً، فهي أس الإرهاب ومنبعه، وهي أم كل جماعاته وتنظيماته، وهي الأصل الذي تفرع عنه كل الإرهاب المعاصر الذي يتسمّى باسم الإسلام، ومن دون تصنيفها جماعةً إرهابيةً سيبقى الباب مفتوحاً أمامها لإنتاج المزيد من الإرهاب.

وبحسب موقع «العربية نت»، فقد فُتح ملف تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» إرهابيةً من جديدٍ، الخميس الماضي، وطبيعي أن يكون هناك انشقاقٌ بين الجمهوريين والديمقراطيين حول هذا الملف بالغ الأهمية، فالجمهوريون يميلون إلى وصم الجماعة بالإرهاب، بينما الديمقراطيون يميلون إلى عكس ذلك، وهو الفارق بين تفكير الرئيس ترمب وتفكير سلفه أوباما، فترمب ينطلق من «أميركا أولاً» بينما أوباما كان يسعى للتحالف مع كل خصوم أميركا، ومنهم جماعة «الإخوان المسلمين».

وتشهد بريطانيا جدلاً مشابهاً، فموضوع «الإخوان المسلمين» موضوعٌ جوهريٌ لدى أي دولةٍ تحرص على مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف، وكل الملفات المعنية بمحاربة الإرهاب أو «القاعدة» أو «داعش» لا يمكن لها النجاح ما لم يتم تصنيف جماعة «الإخوان» إرهابيةً، والقضاء على الجماعة الأم وكل التنظيمات الفرعية لها في شتى أنحاء العالم.

المدافعون عن الجماعة الإرهابية في البلدين، يتمسكون بحجج واهيةٍ، لا تنكر تأسيس الجماعة للعنف الديني والإرهاب وممارستها له على نطاق واسع، تاريخياً وجغرافياً، لكنهم يقدمون أطروحتين: الأولى أن الجماعة تخلت عن الإرهاب منذ السبعينيات، والثانية أنها مدعومةٌ من بعض الدول الإقليمية، كتركيا وقطر، ما قد يستدعي سياساتٍ قويةٍ في مواجهة الدولتين.

أما الأولى ففيها إقرار صريح بتأسيس الجماعة للإرهاب المعاصر مع دعوى مرسلةٍ وغير مبرهنةٍ بأنها تخلّت عن ذلك، وكل الدلائل العلمية تؤكد أنها لم تتخل عن الإرهاب يوماً، من «التنظيم السري» القديم إلى تنظيم سيد قطب في الستينيات وتلامذته في السبعينيات والأفغان العرب في الثمانينيات، وصولاً إلى تنظيم «القاعدة» ثم تنظيم «داعش»، علاوة على «حماس» في فلسطين و«حسم» في مصر، وغيرها كثير.

وفيما يخص الطروحة الثانية، فالدول الداعمة للإرهاب، وذات المشاريع الراعية له في المنطقة، تحتاج إلى وقفةٍ جادةٍ من الدول الغربية ومن دول العالم ككل، لإجبارها على رفض الإرهاب وجماعاته وأصوله وفروعه، وعلى الابتعاد عنه والتبرؤ منه والتخلص من أي علاقاتٍ تربطها به.. وبدون ذلك لن تستطيع الدول الغربية ودول العالم العيش بسلامٍ وأمنٍ.

أهل مكة أدرى بشعابها، كما يقول المثل العربي الشهير، وقد قامت الدول الأهم في العالم العربي بتصنيف «الإخوان» جماعةً إرهابيةً، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، وأتبعت ذلك بقراراتٍ وقوانين وسياساتٍ ضد هذه الجماعة وحلفائها، ومن أهمها مقاطعة دولة قطر، والحذر الشديد في التعامل مع فرع الجماعة في اليمن، وتطبيق القوانين الصارمة ضد أتباع الجماعة داخلياً، وغيرها من الإجراءات المهمة التي تكشف عن رؤيةٍ واضحةٍ ووعي متقدمٍ تجاه هذه الجماعة.

ومع الاعتراف بضعف التأثير في صناعة الرأي العام في الغرب حمايةً للمصالح والتحالفات، فإن ذلك لا يعني الركون والتسليم، بل يعني العمل الجاد وبناء السياسات الفاعلة والمؤسسات المؤثرة بشتى الطرق المتاحة لضمان النتائج والوصول لأفضل الحلول.

وأخيراً، فمن الجيد إيضاح حجم ومدى خطورة جماعة «الإخوان المسلمين» للرأي العام ولصانعي القرار في الدول الغربية، تلك التي تخوض جدلاً اليوم، وتلك التي لم تدخل فيه بعد.