محمد بن سليمان الأحيدب

عندما نتحدث في الداخل عن أمور مثل السحر، أو العين، أو المس بالجن، فإن بعض أدعياء الثقافة يهبون لاعتبار الحديث عن هذه الأمور، أو تداولها في وسائل الإعلام ضرب من ضروب التخلف والجهل، ونجلد ذاتنا كثيراً بمقالات وأحاديث إعلامية تنتقص من يعتقد بهذه الأمور، رغم أن بعضها ورد فيه نصوص صريحة في القرآن الكريم، أو الأحاديث الصحيحة.

في المقابل يتقبل ذات المثقفين أو أدعياء الثقافة معتقدات غريبة وخزعبلات تؤمن بها شعوب الدول المتقدمة تقنياً، فلا يرون فيها عيباً، بل يتغنون بها ويرددونها، خذ على سبيل المثال ما يحدث في كأس العالم في كل مناسبة، ففي كأس العالم الماضية تحدث الإعلام عن أخطبوط يتنبأ بالنتائج وكان مثقفونا يقابلون ذلك بالرضا، أو على أقل تقدير عدم الانتقاص وفي أثناء كثيرة الموافقة والتأييد، وفي كأس العالم في روسيا أيدوا معتقداً أن القط الروسي يتجه للفريق الذي سيفوز وأيضاً قابلوا ذلك بعين الرضا، فلا صدق الأخطبوط ولا صدق القط وكذب المنجمون ولو صدقوا، ولكن الغريب هنا هو موقف جماعتنا المتباين من معتقدات الشعوب وإعجابهم بالأجنبي منها.

والمعتقدات الغريبة في دول أوروبا الغربية أو الشرقية أو الأمريكتين كثيرة جداً وغريبة جداً ومتخلفة جداً ولا يصدقها العاقل، ومع ذلك لا تجد جلد الذات في إعلامهم ولا جلد المعتقدات في إعلامنا، خذ مثلاً الاعتقاد بأن ارتداء سلسال يحمل تعويذة تهديه الأم لابنها أو ابنتها مؤكدة لهم أنه يحميهم ويصدقون ذلك وهذا أمر شائع، بل حتى تراه في برامجهم وأفلامهم ومن شدة اعتقادهم بهذه الخرافة فإن هذا السلسال لا يخلع أبداً.

وخذ مثلاً المقتنيات التي تحمل عيناً زرقاء ويستخدمونها كقلائد أو خواتم أو مقتنيات منزلية، اعتقاداً أنها تمنع الإصابة بالعين، وفي هذا اقتناع بالعين واعتقاد بخرافة تردها، وللغرب قراءات وتلاوات يعتقدون أنها تطرد الأرواح الشريرة التي تتلبس الضحية.

وإذا كانت هذه هي اعتقادات الغالب في شعوب الدول المتقدمة تقنياً والتي قد يجد بعضنا لها عذراً أو حجة واهية بأنها نتيجة جهل بعضهم فإن شريحة من المتعلمين لديهم معتقدات غريبة جداً، ففي رحلتي إلى صربيا لحضور مؤتمر السموم كانت إحدى العالمات المتخصصات في علم سموم المبيدات الحشرية إذا ذهبنا في رحلة أو مشوار إلى حفل لا تجلس على الكرسي في الحافلة مطلقاً وسألتها عن ذلك فقالت لو جلست على المقعد فإنني امتص الطاقة السلبية لمن كان يجلس قبلي فأنا لا أجلس على مقعد في وسائل النقل العام، وفي إحدى الرحلات تعطلت إحدى الحافلات واضطررنا لركوب حافلة واحدة وكانت مزدحمة جداً بالجلوس والوقوف فلاحظت أنها تقف وجسدها ملتصق من الخلف بسيدة أخرى وعندما نزلنا قلت لها مازحاً ألا ترين أنك امتصصتي الطاقة السلبية للسيدة التي تقف خلفك بطريقة مباشرة، ومع أنني كنت أمزح إلا أن أي شيء يحدث لها في تلك المناسبة كانت تقول هذا من الطاقة السلبية لتلك السيدة اللعينة.