دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي «أصحاب السلطة السياسية إلى التحلي بالتجرد عن مصالحهم الخاصة، والتعالي عن مكاسبهم المالية غير المشروعة وصفقاتهم وتقاسم المغانم على حساب المال العام وحقوق المواطنين، والتفاني في خدمة الخير العام والعمل على قيام الدولة المنتجة ودولة العدالة والقانون والمؤسسات، وتكريس طاقاتهم وأحزابهم وانتماءهم الديني والمذهبي من أجل تكوين الكيان اللبناني التعددي في الوحدة».


ورأى أنه لو «سلك أصحاب السلطة بحسب نهج التجرد والتفاني، لما كنا وصلنا إلى الأزمات التي تتآكلنا: أزمة تأليف الحكومة التي ينتظر أن تكون على مستوى التحديات والإنتظارات، وأزمة الإقتصاد المتراجع، والأزمة الإجتماعية، المعيشية والسكنية والتربوية الإستشفائية، وأزمة البنى التحتية، لا سيما الماء والكهرباء والطرق، وأزمة الفساد الأخلاقي والسياسي والإداري».

وسأل: «أليس من المريب، أمام كل هذه الأزمات، أن تكون عقدة تأليف الحكومة الجديدة محصورة بتوزيع الحصص من أجل المغانم والمكاسب، بدلاً من إيجاد حكومة تضم خبراء تكنوقراط يحققون الإصلاحات في الهيكليات والقطاعات كما حددها مؤتمر «سيدر» ويوظفون المساعدات المالية الموعودة بين قروض ميسرة وهبات بقيمة أحد عشر بليون ونصف بليون دولار، ولئن كان هذا الكلام لا يدخل ربما عقول المسؤولين، فإنا نقوله راحة لضميرنا، ومخاطبة لضمائرهم. وهذا هو دور الكنيسة المحرر من كل مصلحة ذاتية».

ورأى أن «التعددية الثقافية والدينية ميزة لبنان ورسالته في محيط يعتمد الأحادية في الدين والرأي والحكم. وها هي بكل أسف دولة إسرائيل التي احتلت أرض فلسطين تعلن نفسها «دولة قومية، وطنا للشعب اليهودي»، فيما الغرب يروج لها دولة ديموقراطية». وقال: «قرار الكنيست يعتبر أيضاً أن القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل، وأن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية. هذا القرار مرفوض وغير مقبول لأنه يقصي الديانتين المسيحية والإسلامية، كما يقصي شعبنا المسيحي بكل كنائسه الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية، ويقضي على القضية الفلسطينية ومسار السلام».

وشدد على أنه «لا يحق للشعب اليهودي، وللدول التي تدعم قراره، التمادي في الإعتداء والإقصاء».

ووجه «نداء إلى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإصدار قرار يبطل قرار الكنيست المشين والمنافي للديموقراطية والعولمة وتعايش الأمم والشعوب، ويعيد تأكيد القرارات الدولية السابقة ذات الشأن».

إعادة أعداد كبيرة من النازحين السوريين في لبنان والأردن

قالت مصادر مطلعة على خلفية التحرك الروسي لإعادة أعداد كبيرة من النازحين السوريين في لبنان والأردن إلى بلدهم لـ «الحياة» إن الرئيس فلاديمير بوتين تحرك في هذا الصدد بناء لاتفاقه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب على معالجة الأزمة الإنسانية في سورية، وإعادة النازحين إليها باعتبارها خطوة لازمة من أجل التقدم في الحل السياسي.


وأضافت المصادر أن بوتين بادر قبل أيام إلى الاتصال بكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل استناداً إلى هذا الاتفاق بينه وبين ترامب، وأنه أبلغ الجانبين الفرنسي والألماني ضرورة تحرك الدول الأوروبية للمساعدة على إعادة النازحين السوريين.

وذكرت المصادر نفسها لـ «الحياة» أن بوتين أبلغ كلا من ماكرون وميركل أنه ليس من مصلحة دول أوروبا إبقاء أزمة النازحين قائمة وسألهما: «هل تضمنون إذا بقي هؤلاء النازحين خارج سورية ألا تحصل موجة انتقال جديدة منهم إلى دولكم مجدداً مع ما يسببه ذلك من أعباء جديدة؟».

وأشارت المصادر إلى أن الجانب الروسي دعا أيضا الدول الأوروبية إلى المساهمة في تثبيت السوريين في أرضهم من طريق تقديم المساعدات إليهم. وبناء عليه استجاب ماكرون لاتصال بوتين وقرر إرسال المساعدات التي يفترض أن تصل اليوم إلى الغوطة الشرقية، بعد تنسيق لوجستي بين السلطات الفرنسية والسلطات الروسية في هذا الصدد. وأوضحت المصادر أن فرنسا سترسل المزيد من المساعدات لاحقاً.

وقالت المصادر لـ»الحياة» إن الجانبين الأميركي والأوروبي طرحا أسئلة على الجانب الروسي في شأن مدى ضمانه ألا يتعرض النظام السوري للنازحين الذين يرغبون في العودة، وعدم اتخاذه إجراءات انتقامية ضدهم ومضايقتهم أمنياً، والعمل على استعادتهم أملاكهم حيث هي مصادرة، وتسهيل حصولهم على الأوراق الثبوتية في حال فقدانها....

وأشارت المصادر لـ «الحياة» إلى أن موسكو أبدت استعدادها للمساهمة في تقديم هذه الضمانات وبأن تواكب الشرطة الروسية عودة النازحين. وأضافت: «بناء لذلك عقد اجتماع مطول في وزارة الدفاع الروسية الجمعة الماضي استمر ساعات شاركت فيه وزارة الخارجية الروسية وانتهى إلى وضع خطة لإعادة النازحين، وتولت الخارجية نقل المقترحات التي اتفق عليها في هذا الاجتماع إلى الجانب الأميركي. وكشفت المصادر لـ «الحياة» أن وزارة الدفاع الروسية طرحت مقترحاتها استناداً إلى دراسة أجرتها تشمل المناطق التي يمكن عودة النازحين إليها والتدابير التي يفترض أن ترافق هذه العودة.

وقالت المصادر إن المقترحات الروسية تشمل تشكيل لجنة مع لبنان شبيهة بتلك التي تشكلت مع الأردن لمعالجة تداعيات العملية العسكرية السورية الروسية المشتركة في المنطقة الجنوبية السورية ومحافظة درعا، وهي تضم روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة إضافة إلى الأردن وسورية. ورجحت لـ «الحياة» أن اللجنة المتعلقة بلبنان ستضم الفرقاء أنفسهم وستكون على الصعيد الأمني، ما يعني بقاء التنسيق مع الجانب السوري على المستوى الأمني وبإشراف الأمم المتحدة، مثلما كان طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري سابقاً إزاء المطالبات بالتنسيق مع الحكومة السورية، إذ شدد في حينها على أن تشرف الأمم المتحدة والدول الكبرى على عودة النازحين وبضمانة منها لأن ترك الأمر للنظام السوري غير مأمون النتائج في ظل غياب حل سياسي للحرب السورية، وفي ظل الخلاف الداخلي على التطبيع مع الحكومة السورية. إلا أن المصادر إياها أوضحت لـ «الحياة» أن تشكيل اللجنة المتعلقة بنازحي لبنان يتوقف على وجود حكومة لبنانية جديدة لتتخذ القرار في شأن اشتراكه فيها. وهذا بات من دواعي استعجال تأليف الحكومة العتيدة التي تواجهها العراقيل في شأن الحصص والأحجام.