خالد أحمد الطراح

 نشرت صحيفة السياسة (16 ــ 7 ــ 2018) خبراً بعنوان «العفاسي يمكِّن «المحاسيب» من مناصب الأوقاف»، والخبر يتلخص في نجاح السيد المستشار القانوني الدكتور فهد العفاسي، وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية، بجدارة سياسية في تمرير تعيينات من «المقربين والمحسوبين» عليه، والحصول على موافقة «بعض أعضاء» مجلس الخدمة المدنية، وليس كل الاعضاء، بسبب اعتراض البعض الآخر على كسر قواعد وميزان تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، كما ورد في الخبر.


الوزير العفاسي، الذي جاء من قطاع التشريع في إدارة الفتوى والتشريع، حين كان يمارس دوره الوظيفي بدرجة مستشار في صياغة ومراجعة التشريعات والقوانين والمراسيم واللوائح والقرارات الحكومية، وكذلك مشاريع القوانين المقدمة من مجلس الامة، والتثبت من سلامة كل التشريعات من الناحيتين القانونية والدستورية قبل توليه الحقيبة الوزارية، ان ثبت صحة الخبر فإنه لا يكون اول وزير يكسر قواعد التعيينات، او يتخذ قرارات استثنائية، فقد سبقه العديد من الوزراء، الذين جاءوا بمحاسيب ومقربين قبلياً وسياسياً، خصوصاً في وزارة الاوقاف، التي كثيرا ما طالها التجاذب وسباق محموم بين تيارات دينية في كل المناصب القيادية والإشرافية، بما في ذلك منصب الوزير!
طبعاً من غير المعقول ان يدعم المستشار الوزير العفاسي مرشحاً مقرباً عليه لعضوية مجلس بيت الزكاة، من أمثالي على سبيل المثال، وكذلك الحال في ترشيح موظف آخر لمنصب وكيل مساعد، لأن هناك حسابات مختلفة لمثل هذه المناصب والمردود على الوزير شخصياً، خصوصاً حين تتعلق الامور بمقربين وآخرين محسوبين على الوزير او محيطه القريب، ربما ليس فقط سياسياً وإنما فكرياً أيضاً.
لا شك ان الوزير العفاسي ان صح الخبر استغل خبراته القانونية في التعامل مع نصوص وقواعد في الخدمة المدنية، قد تكون فضفاضة او جامدة، وما يتعلق بالوظائف القيادية والإشرافية حين عالج موضوع مدة الخدمة الاشرافية لأحد «المراقبين لدعم ترشيحه الى منصب مدير احدى الادارات، استنادا الى مؤهل سابق وهو دبلوم علوم شرطية»، وفقا لما ورد في خبر «السياسة»!
وفقا للخبر ايضا، فهناك «بعض اعضاء مجلس الخدمة المدنية الذين أبدوا اعتراضهم وامتعاضهم من اختراقات الوزير العفاسي»، وهو ما يعني ان عمل مجلس الخدمة المدنية يقوم على اساس غير مؤسسي، وكذلك الحال في مجلس الوزراء، الذي ترك العنان للوزراء في الاستمرار في مخالفاتهم وتحالفات أيضا مع بعض النواب مقابل بقاء هؤلاء الوزراء في مناصبهم بعيدا عن نيران استجوابات برلمانية!
هذه التعيينات الانتقائية والباراشوتية لها تاريخ في حكومات متعاقبة، حيث يقفز مدير الى درجة وزير، ويقفز ايضا من ليس له خدمة اشرافية من منسق اداري الى درجة وكيل وزارة مساعد!
نحن تعودنا على مثل هذه السياسات التراثية، ولكن السؤال: كيف يمكن محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح الاداري والمالي، طالما هناك أطراف وزارية تكسر القواعد وتستثني من يهواه القلب، ويتم استبعاد آخرين بالرغم من أحقيتهم القانونية والإدارية؟!
يظل السؤال مثله مثل غيره من دون إجابة رسمية!