هناك فضول لدى القرّاء في التعرف على الجوانب غير المعروفة من سير الكتّاب الذين يقرأون لهم، وهذا ما قدّمه الكاتب حسن عبد الموجود في مقال نشر قبل نحو خمسة عشر عاماً في «أخبار الأدب»، عرض فيه جوانب من شخصية الروائي المصري الكبير بهاء طاهر (1935 – 2022)، بما في ذلك بعض المعلومات عن حياته العائلية، مشيراً إلى أن زوجته، وهي من سويسرا، قارئة جيدة لأعمال زوجها. وعن بهاء طاهر، نقل الكاتب حكايات عن ابنتيه ونظرتهما إلى كتابته، حتى أنهما تبديان أحياناً ملاحظات وصفها بالممتازة، على ما يكتب حين يعرضه عليهما قبل نشره.

لبهاء طاهر عدة مجموعات قصصية مميزة، بينها: «الخطوبة»، «بالأمس حلمتُ بك»، «أنا الملك جئت»، «ذهبتُ إلى شلال»، «لم أعرف أن الطواويس تطير». ولا تقلّ روايات طاهر تميزاً وأشهرها: «الحب في المنفى»، التي وصفها د. علي الراعي بأنها «رواية كاملة الأوصاف»، كما ألف روايات «خالتي صفيّة والدير»، «شرق النخيل»، «قالت ضحى»، «نقطة النور»، «واحة الغروب». ويُذكر أن طاهر هو بين من ترجموا إلى العربية رواية «الخيميائي» لباولو كويلهو تحت عنوان «ساحر الصحراء».

ابنته الكبرى، دينا، كانت منذ صغرها شغوفة بقراءة الأدب، أما البنت الصغرى، واسمها يسر، فلم تقرأ لوالدها حرفاً حتى بلغت السادسة عشرة من عمرها، حين فوجئت وهي في السنة الأولى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بأن قصةً لوالدها مقررة عليهم، فسألته عما قصده في تلك القصة، فشرح لها قصده، وهو الشرح الذي أجابت به عن سؤال أستاذها حول مضمون القصة، دون أن تخبره أن الكاتب هو والدها، فكان أن نالت «أسوأ نمرة»، بتعبير والدها، فيما حصل الطلبة الذين كرروا كلام أستاذهم على الدرجة النهائية.

في نوعٍ من ردة الفعل، قالت البنت لوالدها: «عمري ما هاسألك ثاني»، ويقول طاهر إن يسر كثيراً ما نظرت بنوعٍ من السخرية للمثقفين، وحين ترى والدها خارجاً بأناقته المعتادة، تقول له ساخرة: «انت رايح حفل تأبين لواحد من زمايلك؟».

بشكل مفاجئ أخذت البنت تهتم بالقراءة، وبدأت بقراءة أعمال أدبية لآخرين، قبل أن تتحول إلى قراءة أعمال والدها، وأعجبتها كثيراً، كما يروي والدها، روايتاه: «واحة الغروب» و«شرق النخيل»، وصارت قبل أن تشرع في قراءة عمل تسأله عن رأيه فيه، فصار يتحاشى الإجابة، متذرعاً بالقول إنه لم يقرأه بعد، خشية تكرار ما جرى مع أستاذها في الجامعة الذي منحها «أسوأ نمرة»، تاركاً لها تكوين رأيها المستقل عما تقرأ بعيداً عن تأثيراته، وربما إدراكاً من بهاء طاهر أن لكل جيل ذائقته الأدبية المختلفة عن ذائقة الجيل السابق له.