أقرأ فوز الشاعر الإماراتي عادل خزام بجائزة منظمة كتّاب العالم عن كتابه «بريد الفيلسوف» من زاويتين: الأولى أن الجائزة كرّمت صاحب (البريد) في فئة النثر الأدبي، وهو فن أدبي رفيع نادر الكتابة، وكتّابه أكثر ندرة، وبالكاد بِ «القطّارة» تجد نثراً أدبياً صافياً كما هو الحال في «بريد الفيلسوف». والنثر الأدبي المقصود هنا ليس قصيدة النثر، وليس نثر السرد والحكاية والخاطرة، بل النثر في حدّ ذاته، بوصفه جنساً أدبياً مستقلاً، تذهب جذوره إلى كبار أدباء العربية، ومن رموزهم الاستثنائية المعاصرة جبران خليل جبران على سبيل المثال لا الحصر. عادل خزام ناثر حرّ، وهو في حقيقته الأدبية والثقافية يُحيي فن النثر، ويعيد الاعتبار الجمالي لهذا الفن الذي أهمله الكتّاب العرب، وبالطبع، تعود الشفافية النثرية في نصوص «بريد الفيلسوف» عند عادل خزام إلى شفافيته الشعرية أولاً وأخيراً، والنثر الصّافي يولد من الشعر الصّافي، ويأخذ استقلاليته بوصفه جنساً أدبياً قائماً بذاته من قدرة الكاتب على البقاء دائماً في منطقة بالغة الحساسية هي بين الشعر، وبين السرد، وهي، في كلمة ثانية، منطقة ثالثة من حيث اللغة، ومن حيث الوعي الأدبي والثقافي العميق بخصوصية هذا الجنس الأدبي المستقل.

من هنا، فالجائزة نادرة وبالغة الخصوصية المعنوية، ذلك أنها تذهب إلى فن نادر كما أشرت قبل قليل، فن برع فيه عادل خزام، واشتغل عليه بوعي مثقف يبحث عن كتابة جديدة، لها مرجعيات قديمة، ولكنه في زمنه الأدبي هذا يفلسف النثر أولاً، وثانياً، يجد فيه حرّية الكتابة وطعمها الخاص كأنما هي فاكهة لا تشبه في مذاقها أي طعم آخر سوى طعمها النثري، الفلسفي. هذا من حيث الزاوية الأولى التي تتصل بالفائز والجائزة، في حين أن الزاوية الثانية هي الأهم في رأيي، ذلك أن فوز عادل خزام بهذه الجائزة العالمية، إنما تؤشر على عالمية الأدب الإماراتي أو على الأقل بوادر عالميته الواعدة المبشرة، لكن، عملياً يقع فوز صاحب «بريد الفيلسوف» في إطار «عالميات» سابقة للأدب (الشعر والرواية)، وفي الفنون أيضاً، فقد صُنّف الروائي علي أبو الريش من بين أفضل 100 روائي في العالم، وترجمت قصائد للشاعر عبد العزيز جاسم إلى لغات عالمية حيّة عديدة، وُيُصَنّف الفن التشكيلي الإماراتي عالمياً من خلال أعمال الراحل حسن شريف، وتعرض أعمال محمد كاظم، وعبدالله السعدي، ومحمد أحمد إبراهيم في متاحف عالمية، ونقلت هيئة الشارقة للكتاب العديد من الشعر الإماراتي إلى الإنجليزية، والفرنسية، والهندية، والروسية، والألمانية، والاسبانية، ووصلت القيمة المادية لبعض الأعمال الفنية الإماراتية إلى الملايين مثل أعمال عبدالقادر الريّس.

ما هو غير شخصي في فوز عادل خزام هو المعنى الثقافي – الإماراتي العام الذي يقول بكل اختصار مُقْنع إن مؤسسات ثقافية عالمية في شرق العالم وفي غربه تعاين جيداً القيم الثقافية والإنسانية والجمالية في الإبداع الإماراتي، وبناء على هذه المعاينة الموضوعية يحترم عالمياً هذا الإبداع.