.. بحسب ثبت الإصدارات الشعرية عن الإمارات، فقد صدر عن الاتحاد في السنوات العشر الأخيرة أكثر من عشرين مجموعة لشعراء إماراتيين وعرب مقيمين.. هذه الإصدارات في حقل الشعر فقط، في حين صدر عن الاتحاد في العقد الماضي روايات، وقصص، ودراسات، وبحوث أدبية، ومواد إبداعية نثرية وفي أدب الطفل والتراث والثقافة الشعبية.

فرحت بثلاثة إصدارات عن الاتحاد وصلتني قبل أيام:.. مجموعة للشاعر طالب غلوم طالب بعنوان: «الصقر الذي يُنفى» وهي مجموعة قصائد نثر للشاعر، ثم مجموعة للشاعر والروائي أنور الخطيب بعنوان «حنوناً كياسمين الظهيرة»، قصائد نثر أيضاً، ثم، كتاب «قفص الأمواج» وهو مجموعة مقالات كان قد نشرها الشاعر أحمد راشد ثاني في جريدة الاتحاد في زاويته آنذاك (قفص الأمواج) من العام 2009، وحتى العام 2012.

الكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري جمعت هذه المقالات للشاعر الراحل، وأعطتها العنوان نفسه الذي كان يكتب تحته أحمد (قفص الأمواج)، واختارت المنصوري عنواناً فرعياً للكتاب: «مقالات في المعنى والوجود».

أحتفي بإصدارات اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وسأتوقف في أوقات قادمة عند الشاعرين المبدعين: «طالب غلوم طالب»، و«أنور الخطيب».

.. قفص الماء ليس عنواناً عبثياً أو فوق واقعي (سوريالي) كما قد يتبادر إلى البعض، بل، هو قفص أحمد راشد ثاني. قفص الطائر كالماء الهارب إلى الأنهار وما من أقفاص أو ضفاف يمكن أن تحدّه أو تمنعه من الجريان..

هكذا كان أحمد راشد ثاني. طائر بثمانية أجنحة:.. شاعر، ناثر، قارئ، مسرحي، شاعر شعبي، باحث في الثقافة التراثية، صحفي، عاشق كبير للحياة.. وأكثر..

الماء، والبحر، والحياة المشتقة منهما كانت هي بالضبط حياة أحمد الذي رأى وكتب،.. الذي قرأ وكتب، الذي سافر وكتب، الذي تَأمَّل وكتب، الذي ضحك وكتب..

.. وكان ساخراً، ولكن بلا مرارة داخلية حامضة، وكان هادئاً في بعض من حالاته، ولكن في داخله كان يغلي، وإن فار، فلا يحرق،.. ولا يسيء..

مناسبة وفائية، أخلاقية، أدبية تلك التي اقترحتها علينا الآن لولوة المنصوري وهي تفتح أبواب قفص أحمد، وتجعل منه نسراً طائراً بأجنحة هائلة فوق البحر.

عادةً، لا تحلّق النسور فوق البحار كما يُقال.. لا بدّ لها من جبال تتماهى بالفطرة مع أجنحتها العريضة الواسعة مثل مراوح الأسطورة، وهو كان ابن جبال، وابن بحر، وابن صحراء..

.. جمع الحجر والماء والرمل في جملته الفعلية الواحدة،.. ترك لنا قفصه.. وراح..