• احداث و ماساة مدينة حلب السورية مستمرة منذ اكثر من اربعة اعوام كمكان و ساحة مفتوحة لعمليات الكر و الفر مابين قوات النظام الاسد البعثى من جانب و قوات المعارضة السورية مابين ارهابيهم ومابين قوات معارضة حقيقية مثال (( الجيش السورى الحر و حزب PYD الكردى و اخرين ))من جانب اخر التى نيتهم تغير النظام الاسد من جذورها.والنتيجة دمار كامل لتلك المدينة التاريخية و الخالدة و تشريد مئات بل الاف من سكانها المدنيين و قتل الاف اخرى مابين اطفال الرضع و الشيوخ و النساء و طمس هويتها التاريخية و المهمةجغرافيا فى المنطقة.

سوريا منذ اكثر من خمسة عقود اصبحت بلدا منكوبا و فقيرا و مكان ماسى و التضحية فى ظل النظام البعثى الاسدى منذ ان قام حزب البعث العربى الاشتراكى بانقلابه الدموى فى ستينات القرن الماضى. تجربة حزب البعث فى كل من سوريا و العراق تجربة فاشلة بمعنى الكلمة لان نتيجة اكثر من 40 سنة من الحكم الانفرادى و العائلى لكلا الجناحين العراقى و السورى (( اليسارى و اليمينى )) من قبل عائلة الاسد و صدام حسين التكريتى اصبحت كلا من سوريا و العراق بلداشاعت فيهما الفقر و الجهل و التخلف من الركب التقدمى الحضارى و دولا مشلولا شللا تاما من حيث الناحية السياسية و الاقتصادية و العسكرية و الامنية و الاجتماعية. شعوب سوريا و العراق فى ظل سياسات القومية و الشوفينية لحزب البعث اصبحوا شعوبا خاملا و مريضا مرضا نفسيا و صاروا اناسا بلا ارادة حقيقية و بلا كلام و نطق و بلا نقد لانهم خافوا من بطش و ظلم و قتل و تشريد و عمليات الابادة الجماعية من قبل ازلام الحزب و نظامه و مؤسساته القمعية، مع الاسف الشديد ان حزب البعث العربى الاشتراكى لم تقدم نموذجا حيا و واقعيا و جميلا لشعوب المنطقة كى يتعاملوا مع بعضهم البعض و يشاركون فيما بينهم الامال و الطموحات فى تقدم و ازدهار بلدانهم و استباب الامن و الرفاهية،بل بالعكس هم اصبحوا مثل قطيع الغنم و هم دائما مستعدون لذبح و القرابين لاسيادهم من النظام البعثى. تجربة حزب البعث الاول فى الحكم ايام انقلاب 8 شباط1963 فى العراق و بعد ذلك وصولهم للمرة الثانية فى 17-30 تموز 1968 الى سدة الحكم،كانت نموذجا قاسيا و بلا رحمة و دمويا حتى لاناس اعضاء فى حزبهم وقيادتهم، ايضا فى سوريا ومن ايام الانقلاب الاسد الابمنذ ستينات القرن الماضى قادة البعث اصبحوا نموذجا شريرا لكل القساة من حكام المنطقة و نموذجا للتدمير و الابادة الجماعية، ومدينتى حمص و حماه نموذجا حيا فى اذهان تلك الجيل من سكان سوريا على يد النظام الاسدى المقبور.

• والان وفى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها المنطقة و العالم باسره ، و بعد تغيرات كبيرة فى انظمة حكم فى المنطقة منذ عام 2011 ما يسمى ب (( الربيع العربى ))و لحد الان و تعبير الشعوب عن ارادتها الحرة فى رد و رفض الانظمة المخضرمة فى كل من مصر و ليبيا و تونس و اليمن و سوريا و غيرهم.. تلك الانظمة البائدة و قادتها فى كل من تونس و ليبيا و مصر تحت ضغظ شعوبهم اما هربوا واما قتلوا او سجنوا و تم تغيرهم عنوة من قبل شعوبهم ،مع ان تلك التغيرات ليس بمستوى الطموح و المطلوب للشعوب تلك البلدان ولكن الامر المهم هو تغير الوجوه و الانظمة و البدء باتجاه مرحلة جديدة بوجوه و دم و عقول جديدة و اكثر انفتاحا على العالم و المنطقة، ولكن انظمة الحكم فى سوريا و اليمن لحد الان تدافع عنكرسى الحكم و ليس عنده اية نية فى ترك ومغادرة السلطة ومن اجل بقائه تعمل بكل الوسائل اللانسانية لدفاع عن نفسه و حكمه حتى ولو تقتل الاف و ملاين من مواطنه الابرياء من سكانه المنكوبة.

• النظام السورى اصبحت نموذجا لدمار و تخريب و تشريد و القتل لشعبه و نظاما انفراديا و محكوما بالتغير مهما تكون الامر،لان اكثرية الشعب السورى لا يردونه و يريدون التغير الكامل لنظام و الوجوه و الحزب. لانهم فى ضل تلك النظام ذاقوا الامرين ولم يروا اية رفاهية و حياة امنة و تقدم و ازدهار.الان النظام البعثى الاسدى اصبحت نظاما منبوذا على مستوى المنطقة و العالم الحر و الديمقراطى، ولكن يسانده و يتعاون معه من قبل الانظمة الانفراداية و التسلطية و الفاشية مثل نظام التركى الاردوغانى و الروسى القيصرى و الصين و كوريا الشمالية و نظام الاسلامى الايرانى الشيعيةالمذهب.

• والسوال الوجيه هنا هو ، من المسؤول عن استمرار ازمة سوريا ؟ومن المسؤول عن ماساة سوريا و حلب و شعوبها؟

الجواب الصريح و الواضح هو، ان المسؤول الاول و الاخير فى مذابح حلب و سوريا عموما هو راس النظام السورى بشار الاسد و اعوانه و حزب البعث العربى الاشتراكى و بعد ذلك المجرم الحقيقى هو النظام التركى و السعودى و القطرى لانهم هم من حاولوا من اول الامر ولحد الان بكل جهدهم لتغير النظام و الحزب الحاكم فى سوريا ولكن لحد الان لم ينجحوا فى مسعاهمو لاذوا بالفشل امام طغيان و انتصارات كلا من روسيا و ايران . والمجرم القوى و صاحب امر و نهى فى سوريا هى روسيا و ايران النظامين المتحالفين فيما بينهم ضد الحلف الغربى الامريكى الاوروبى و العربى. و المجرم و المسؤول الاكبر فى ماساة حلب و استمرار ازمة سوريا هى امريكا و الغرب لانهما لا تسعيان باخلاص و انسانية لحل المشكلة و تركوا سوريا و شعبه و لمصيره المجهول بيد روسيا و ايران و هذا اكبر دليل على فشل السياسات الامريكية فى كل من سوريا و العراق امام سياسات روسيا وايران فى المنطقة.

• اساسا سوريا و شعبه اصبحوا ضحية لصراع الروسى الامريكى عموما و ضحية لصراع التاريخى فيما بين المذهب السنى العربى و الشيعى الايرانى. وهذه الصراعات لا تنتهى ابدا مادام المنطقة تحكمها من قبل الانظمة الديكتاتورية و العائلية من الشيوخ و الملوك و الرؤساء الذين اتوا الى سدة الحكم بعيدا عن الانتخابات الحرة من قبل شعوبهم ،انهم مسلطين على رقاب شعوبهم منذ اكثر من 5 عقود و يرون انفسهم هبة من الله الى شعوبهم و من حقهم الاستمرار فى حكمهم مئات سنين اخرى و قتلهم و تشريدهم و ابادتهم بشكل جماعي .

• النظام الاسدى البعثى مستمر على تلك المنوال لانه ليس صاحب قرار اخير و نهائى بل هو نفسه بيدق من بيادق لعبة الشطرنج مابين الدول العظمى من الغرب و الشرق ، سوريا الان تحكمها فعليا من قبل روسيا و ايران و هم اصحاب القرار النهائى على الارض الواقع، الاسد و نظامه ليس الا دمية بيد روسيا و حكام ايران و حتى ميليشيات حزب الله اللبنانى، اذا لم تقف روسيا و ايران بجانب بشار الاسد كمدافع عنه وعن نظامه فان نظام بشار الاسد لا تستطيع ان يقاوم المعارضة المسلحة كل تلك الاعوام الماضية و لاصبح الاسد و نظامه محل كان و فعل ماضى و لكن الدفاع المستميت من قبل روسيا و ايران هو السبب الرئيسى فى بقائه و استمراره فى الحكم.. والحل لكل هذه المساة الانسانية فى سوريا و المنطقة هو استباب الامن و السلم و الديمقراطية و الحريات لكى يصبحوا الشعوب فى المنطقة اصحاب الراى و الكلمة فى حياتهم المستقبلية، و الحل الاخر هو اضعاف القوى المتعصبة و السلفية و الارهابية الدينية و المذهبية فى المنطقة و الحل الثالث هو فشل و طرد احد القوى العظمى فى المنطقة،لان كل الحروب و الاقتتال و الحركات و المنظمات الارهابية هى من صنع ونتيجة لسياسات و صراعات تلك الدول من اجل الحفاظ على مصالحهم المستقبلية من النفط و الغاز الطبيعى و ثروات الطبيعية الاخرى فى المنطقة.

• روسيا اليوم تدافع عن هيمنتها و هيبتها فى المنطقةوسوريا اصبحت اخر قلاع و معقل لروسيا فى المنطقة ،بدحره و فشله فى المنطقة تصبح روسيا لاعبا خارج لعبة المنطقة لعشرات السنوات المستقبلية ومن اجل بقائه فى المنطقة تستمر فى صراعها ضد الجبهة الغربية بقيادة امريكا و اوروبا الغربية. ولكن مع الاسف الشديدعلى حساب امن و سلامة و خيرات و اراضى و شعوب المنطقة وليس على حسابهم.

• اخيرا ماساة حلب وسوريا عموما ماساة انسانية كبيرة و كل الانسانية مسؤولة عن وقوعها و استمرارها و يجب على كل صاحب ضمير حى و انسانى ان يحاول بكل جهده فى منعها و وايقافها ايمانا منهم باحقية الشعب السورى و خاصة مدينة حلب فى عيش هنيء و كريم و امان. العالم و المجتمع الانسانى باسره تقع على عاتقهامسؤولية كبيرة و تاريخية و انسانية تجاه مذابح و دمار و خراب مدينة حلب السورية. ولكن مع الاسف الشديد الضمير الانسانى الحى نائم فى نوم عميق ولا يفيق امام جبروت و هيمنة المصالح المادية و الاقتصادية و العسكرية للدول العظمى و مصالح و بقاء رؤساء و ملوك المنطقة.