متلازمتان في المعنى والمقصد (فاكهة البيت مرة) و(عقدة الخواجة&أو&الأجنبي) واللتان تعبران عن شعور بالنقص تجاه&الآخر&الغريب،&والأجنبي&في&الأولى&ليس بالضرورة من بلاد الواق واق، بل هو ما يتعدى البيت&أو&العشير&أو&القرية،&وينطبق على سلوكيات الكثير في رغبتهم بالتعامل&أو&الاستنجاد&أو&التعاون&أو&التحكيم&أو&التصالح، وخاصة في&الإشكاليات&بين&الأشخاص&أو&العشائر، وكذا الحال حينما يتم&التعامل مع متخصصين في مجال ما مع وجود ذات الكفاءات في البيت،&التي اعتبرتها هذه الثقافة&أو&السلوكيات&مرٌة، فذهبت&إلى&فاكهة من خارج البيت، وينطبق الثاني على عقدة مستعصية لدى شعوب منطقتنا عموما وهي تلك العقدة التي&تسمى:عقدة&الخواجة،&والخواجة هنا هو الخبير&الأجنبي&الذي يبهر هذه المجتمعات،&علما&إن&ما فيها من خبراء&وإمكانيات&ربما لا تضاهيالأجنبي&بل تتفوق عليه، ولعل جامعات ومراكز&البحوث في&أوربا وأمريكا&وكندا&تشهد على مئات العلماء الكبار&والأساتذة&الإجلاء والمتخصصين في معظم المجالات، الذين تحولوا&إلى&أعمدة&ترتفع عليها حضارة الغرب، بينما تعمى&الإبصار&عنهم حينما يحتاج البلد&إلى&خبراتهم، فيذهب&عُمي البصيرة من&المسؤولين&إلى&خبرات عادية جدا قياسا&بأولئك&الأفذاذ!

&حقا هي واحدة من مركبات النقص&ليس على مستوى&الأفراد&بل حتى&المجتمعات والنخب، وقد تسببت بتعطيل وهجرة&عشرات&الآلاف&من الخبرات نتيجة التهميش&والإقصاء،&سواء ما كان منها خارج البلاد&أوفي داخله،&بسبب الفساد المستشري في معظم مؤسسات الدولة، والصفقات السوداء التي تعقد مع تلك الشركات&أو&الأشخاص المصنفين بالخواجة، مضافا&إليها&القبول المحلي لتلك الشركات&الأجنبية&أو&الخبراء المستقدمين&وخاصة مدربي&أندية&كرة القدم&للقيام بمهمات ينفذها الخبير المحلي&أفضل&بكثير لو توفرت له ذات&الإمكانيات&والأجور، لكنها الثقافة السائدة لدى قطاعات واسعة من&الأهالي&والمؤسسات، حتى&أصبح&هذا&الأجنبي&أو الغريب&خبيرا في النفط&أو&الإنشاءات&أو&الزراعة&أو&الطب&وبقية الحقول التي تغص بلادنا بخبرائها وعلمائها، لكن حالهم حال فاكهة البيت التي كنا صغارا&لا نتلذذ بها فنذهب&إلى&البساتين لكي نستحوذ عليها ونأكلها بنهم!

والغريب&إن&الخواجة تطور من خبير&إلى&أن&أصبح&عراب&لأخطرمفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية،&ولم يقتصر على حقل معين بل انتشر كالوباء،&فما بالك حينما يلتف الجمع حول عالم دين&مستورد، وكأنه قدم للتو من اجتماع للصحابة&والأولياء،&فيسألونه عن الحلال والحرام،&بينما قد بح صوت&إمام&الجامع وخطيبه&في&مايكروفونات&المساجد ولا من سميع أو مريد، وذات الحالة&انسحبت على معظم مفاصل الحياة في&الصناعة والزراعة والتجارة&والجامعات والمستشفيات،&ناهيك عن&الإعلام&الذي&فاض به تنور الديمقراطية&وقلب شعار ( فاكهة البيت مرة ) رأسا على عقب، فأصبح&يعج بالخبراء العصاميين الذين تدرجوا من&جايجي وحارس وفراش&وعنصر حماية&إلى&أن&أصبحوا&مصورين ومخرجين&ومقدمي&برامج،&بعصامية عفت مدرائهم الذين يوصفون بان لا مثيل لهم في الدنيا&والآخرة&من استيراد خبراء من الخواجات&أو&استدعائهم&لتقديم المشورة والخبرة الفائقة&والاعتماد على فاكهة البيت رغم مرارتها!&

&ولكي لا&يزعل&الخبراء&والأجناب&كما تقال في الدارج المحلي لوصف الغريب، فان&الأمثال&تضرب ولا تقاس، والدليل&إن قنواتنا&الإعلامية&المباركة&أثبتت&العكس،&فأصرت&إصراراعلى&حلاوة فاكهة البيت وأسقطت&الخواجة، وأبقت على رعايته&الأبوية!

[email protected]