قصة تصدرت اهتمام المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي في دولة الامارات خلال الأيام القلائل الماضية، قصة مواطن من إمارة رأس الخيمة تحدث عبر إحدى الإذاعات المحلية معبراً عن شكواه من غلاء الأسعار فقاطعه المذيع، بحسن نية متصوراً أن الشكوى تسئ لمجمل صورة الرفاه في دولة الامارات، وانتهى الأمر بقصة المواطن علي المزروعي إلى حضور اجتماع لمجلس الوزراء بدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ رعاه الله، ليعرف عن قرب ما ستقرره حكومته بشأن شكواه!

الشكوى عادية وواردة، ولكن تفاعل المذيع معها بطريقة غير موفقة أحدث ردود فعل لها دلالات عميقة كاشفة لأمور عدة أولها طبيعة علاقة القيادة في دولة الامارات بالشعب، فقد أحدث اتصال المواطن ببرنامج البث المباشر بالإذاعة المحلية ردة فعل قوية لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي لم يكتف بإصدار أوامر بتوفير كافة احتياجات المواطن الذي اتصل بإذاعة عجمان بشكل فوري، وتلبية جميع متطلبات العيش الكريم له ولأسرته خلال الـ 24 ساعة، بل وجه وزيرة التنمية الاجتماعية لعرض خطة مساعدة ذوي الدخل المحدود في الدولة وطرح مرئيات الوزارة بهذا الشأن على أول اجتماع لمجلس الوزراء، بحضور المواطن صاحب الشكوى، وذلك لاتخاذ القرارات اللازمة بهذا الشأن، كما صدرت تعليمات من ولي عهد إمارة عجمان الذي بادر باستقبال المواطن لبحث شكواه، بإيقاف المذيع الذي حاول التقليل من أهمية شكوى المواطن.

هذه اللمسات الإنسانية، تكشف أحد أهم سمات القيادة في دولة الامارات، فالاستماع لصوت المواطن وتلبية احتياجاته ومطالبه يمثل أهم الأولويات، في تأكيد متوقع ونعرفه جميعاً، كمواطنين، على أن القيادة التي تسعى لإسعاد مواطنيها وتعمل جاهدة على أن تتبوأ الدولة مراتب الصدارة الأولى عالمياً في سعادة المواطنين لا تبخل بأي جهد ولا تتوانى عن الاستماع لشكوى أحد المواطنين.

سلوك القيادة في هذا الموقف يؤكد تمسكها بإرث القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فشكوى مواطن في إذاعة محلية لم تغب وسط انشغالات القيادة وجدول أعمالها اليومي المزدحم، لأنها تدرك تماماً أن رضا المواطنين، والمواطنين جميعاً، هو مقياس نجاحها الحقيقي، وليس فقط المؤشرات والتقارير الدولية التي تجمع على ريادة دولة الامارات في إسعاد مواطنيها، وحرصها على توفير سبل الحياة الكريمة لجميع من يعيش على أرضها، مواطنين ومقيمين، فالدولة التي تستضيف أكثر من مائتي جنسية من شعوب العالم ودوله المختلفة على أرضها، بنعمون بحياة كريمة، لن تتوانى عن الاستماع لصوت مواطن يشكو غلاء الأسعار.

ما اشبه الليلة بالبارحة، هكذا ينبئ موقف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حيال المواطن علي المزروعي عن نهج قيادي ممتد في دولة الامارات، فهكذا غرس القائد المؤسس في قيادتنا، التي تعلمت وتشبعت بمبادئ وقيم زايد الخير، طيب الله ثراه.

اللافت أن المواطن قد عبر عن وجهة نظر غابت فطنة التعامل معها في هذه اللحظة العابرة، فدور الاعلام الحقيقي المتمثل في كونه قناة اتصال بين المواطنين والقيادة، وأنه ليس عيباً ان يتصل مواطن ليشكو غلاء الأسعار، أو أن يطلب مسكناً ملائماً، لاسيما أن الشكوى لم تكن تعبر عن "أزمة" عامة بل ركزت على دور الجهات والمؤسسات المعنية بالتواصل مع فئة ذوي الدخل المحدود، وهي شريحة موجودة في أكثر المجتمعات رفاهية في العالم، ووجودها لا يمثل أي حرج أو يفرز أي ضغوطات على الصورة النمطية الايجابية للدولة.

الأمر الثاني في هذا الموضوع يتمثل في أهمية استيعاب وسائل الاعلام المحلية لفلسفة عمل القيادة الرشيدة، التي ترى في الاعلام شريكاً استراتيجياً في التنمية المستدامة، وهذه الشراكة تعني التعاون في تحمل مسؤولية بناء الوطن وإسعاد المواطنين، ومن ذلك إيصال صوتهم إلى القيادة من دون تهويل أو تهوين، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على أهمية تسخير الإعلام الوطني لخدمة الوطن والمواطنين، وتأدية رسالته في ترسيخ الاستقرار والحياة الكريمة للجميع في دولة الإمارات، وهذه رسالة واضحة وصريحة ومباشرة على الاعلام أن يتدارسها جيداً، وأن يدرك أبعادها وما تتطلبه من أجل الوفاء بها.

ليس عيباً أن يكون لديك مواطناً لا يكفيه راتبه التقاعدي، ولكن المعيب أن تصم آذانك عن الاستماع لشكواه، فإحدى مهام الاعلام الأساسية هي إيصال صوت الجميع إلى القيادة والمسؤولين، فليست هناك حكومة في العالم تستطيع أن تتعرف عن قرب على احتياجات وشكاوى جميع مواطنيها، وهنا يأتي دور الاعلام والقنوات الوسيطة لاكتشاف أوجه معاناة هذه الحالات وعرضه لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

الدولة الناجحة لا تعني فقط توفير الحياة الكريمة لمواطنيها، ولكنها تعني أيضاً سرعة التفاعل الإيجابي المباشر مع أي شكوى فردية تطفو هنا أو هناك، ومثل هذه المؤشرات هي دليل إيجابية الدولة وديناميكية القيادة وحسن إصغائها لصوت مواطنيها.

يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، "إن الإعلام الإماراتي الفاعل والمؤثر هو القادر على مواكبة المتغيرات المتسارعة وتحقيق تطلعات دولة الإمارات المستقبلية وتعزيز مكانتها العالمية"، وقد خاطب سموه الإعلاميين الاماراتيين في ملتقى لهم قائلا "الإعلام هو عين المجتمع التي يرصد بها الواقع من حوله"، كما أكد أن "الشفافية هي أساس الإعلام الناجح"، وهي في مجملها رسائل تؤكد قيمة الاعلام ومكانته في دعم مسيرة العمل التنموي وترسيخ ثمار التنمية وتوزيع حصادها على المواطنين جميعاً، وعلينا أن نتخلص من الأفكار التقليدية البائدة القائلة بأن الشكوى ـ أي شكوى ـ لا مكان لها في إعلامنا الوطني، فالعكس تماماً هو الصحيح، الشكوى مكانها الصحيح هو في اذاعاتنا وصحفنا وقنواتنا التلفزيونية، حتى يشعر المواطن بإعلامه وتتقوى الروابط بين المواطنين وإعلامنا المحلي، فضلاً عن أن الإشكالية لم تعد تتعلق بكيفية إيصال الشكوى في ظل هذا الانتشار الكاسح والطاغي لوسائل التواصل الاجتماعي، لذا فمن الفطنة أن يجذب الاعلام التقليدي الجميع، لاسيما أن برامج البث المباشر في إعلامنا تمثل أحد نماذج النجاح الإعلامي الهائل في التواصل، هي نموذج إماراتي متفرد في الاعلام المحلي الفاعل والمؤثر، وتعد أحد براهين الشفافية وسياسة النوافذ المفتوحة التي تتبعها دولتنا، فلا شيء يمكن اخفائه في عصر السماوات المفتوحة، وبالتالي من الأجدى أن نحافظ على أبواب التواصل مفتوحة بين قيادتنا وشعبنا، خصوصاً أن القيادة الرشيدة حريصة تماماً على الاستماع لصوت المواطن، والاستجابة لمطالبه.

لدينا حكومة يخاطب رئيسها، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فرق عمله بالقول "الوظيفة الحكومية حياة كاملة في خدمة الناس" ويقول لهم أيضاً "هناك الآلاف من فرق العمل في الدولة الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل رفع اسم الإمارات وحماية مكتسباتها وتحقيق الازدهار لأبنائها، ونحن جزء من فريق واحد تجمعه رؤية واحدة وهدف نبيل هو خدمة شعب دولة الإمارات"، فالمسألة إذن تتمحور في مجملها حول خدمة شعب الامارات، لذا فمن قبيل تسهيل مهام فرق العمل الحكومية هذه نقل الصورة الصحيح لهم ومساعدتهم في خدمة شعب الامارات.

شكراً من القلب لإماراتنا التي تثبت يوماً بعد يوم قوة النموذج التنموي الاماراتي وريادته وشفافيته ... شكراً قيادتنا الرشيدة على تفاعلها مع المواطنين.