قصة ( الختيار ) الذي حقق انتصاراته عبر التلفزيون فقط (3/6)
خطوة السلام من السادات بددت آمال عرفات بالزعامة!
زيد بنيامين من دبي: وفي هذه الفترة بالذات كان هناك نحو 50 معسكرًا فلسطينيًا في وادي عربة وهو الوادي الرئيس الذي إتخذت منه أعمال الفدائيين قاعدة الانطلاق، في مرحلة تحول المنظمة من مجرد واجهة سياسية في عهد شقيري إلى واجهة عسكرية في عهد عرفات، وفيه ايضًا سيتم توقيع اتفاقية السلام الاردنية في عام 1994.
كان عرفات هو الرجل الابرز في منظمة فتح فيما لم تعرف اسماء بقية اعضاء المنظمة التي رجح وقتها انهم من الرجال الاغنياء اللذين يستقرون في العاصمة السورية دمشق، وقد احتاجت المنظمة الى متحدث باسمها يتم اخفاء بقية اعضاءه خلفه فكان عرفات، حيث كان دوره الاساسي هو السفر الى العديد من الدول العربية والحصول على الدعم المادي للقادة الميدانيين في الاردن وكان يتخذ من احدى الغرف في قرية الكرامة شرق نهر الاردن مقرًا له، ليناقش مع عدد من السعاة وناقي الرسائل كأنه الجنرال الذي يقود المعركة وهو يرتدي نظاراته المظلمة ليلاً نهارًا وكان غالبًا ما ينحي جانبًا اي سؤال شخصي يتلقاه quot;رجاءً، لا لعبادة الشخصية، انا مجرد جندي من الجنود، قائدتنا هي فلسطين، طريقنا هو طريق الموت والتضحية من اجل الفوز بارضنا من جديد، فأن اخفقنا سينجح اطفالنا في ذلك، وان اخفقوا في ذلك، فإن ابناءهم سينجحون حتمًاquot; يقول عرفات لمراسل مجلة التايم الامريكية.
في تلك الفترة تحديدًا كتب ابو اياد وهو احد المساعدين الرئيسيين لعرفات في حركته الاهداف الرئيسية لفتح وهي quot;خلق مجتمع ديمقراطي في فلسطين حيث يعيش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبًا الى جنب في مساواة كاملةquot; ومثل هذا الشعار يعني تدمير اسرائيل وعدم الاعتراف بوجودها وهو امر تمسك به عرفات وزملائه حتى بدايات عقد الثمانينات. بفضل عرفات، خسارة حرب 1967، الجو اليائس الذي عاشته الشعوب العربية، نمو عدد اللاجئين الفلسطينين باضطراد بعد الحرب حيث وصل عدد اللاجئين الى نحو 380 الف فلسطيني في الاردن فقط، نمت حركة فتح في المملكة الهاشمية، زاد عدد مقاتلي فتح الفصيل الرئيس في القتال وهنا حصل التصادم الداخلي والخارجي الاول وجرى ذلك في وقت متزامن.
بدأ المسلحون الفلسطينيون يتدخلون حتى في حركة المرور في الشوارع الاردنية، والسيطرة على المخيمات الفلسطينية والاشتباك مع الجيش الاردني، وتحدي الحكومة الاردنية بانتظام لتقود الاوضاع الى ما سيعرف بايلول الاسود عام 1970 حيث سيرسل الملك الاردني قواته الى العاصمة الاردنية لقمع المنظمة بعد ايام من قصف متواصل لمخيمات اللاجئين حول العاصمة والتي كان يعيش فيها نحو 60 الف فلسطيني وقد نجح الجيش الاردني وتحركات الملك حسين وتدخل عبد الناصر الذي وجد الوقت مناسبًا لتسديد ضربة جديدة لعرفات في ابعاد القوات الفلسطينية الى لبنان وهناك ستبدأ مرحلة جديدة من الاشتباكات.
وضعت تقديرات متحفظة للخسائر الفلسطينية في هذه المواجهة المبكرة التي خاضها عرفات بعد استلامه السلطة في منظمة التحرير حيث وصل عدد قتلى العناصر الفلسطينية الى الفي جندي، على الرغم من أن عرفات وصل الى القاهرة دون خدش وقال فيما بعد ان الجيش الاردني قتل نحو 25 الف فلسطيني.
فعلياً ومع حلول الصيف التالي للعام 1971 نجح الجيش الاردني في اسقاط منظمة التحرير الفلسطينية من على التراب الاردني ولم تعد المنظمة قوى عسكرية في البلاد واهتزت مكانتها كثيراً في مقابل نمو حرب العصابات في لبنان التي بدأت بالحركة بصورة تصاعدية.
وجدت فتح في لبنان المكان الذي لم تكن تعي اهميته من قبل، انفتاح مصرفي غير مسبوق، التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية، والحرية السياسية، ومن هنا توسعت فتح بشكل لم يحدث من قبل ووصل عدد الفلسطينين في البلاد الى نحو 400 الف مثلوا الشريان الرئيسي للمال للمنظمة وبدأ واضحاً بعد فترة قصيرة القوة السياسية التي تمتعت بها في الاراضي اللبنانية تبعته قوة اجتماعية حاضرة بفتح العيادات الصحية والمستشفيات ومراكز الابحاث، وشبكة من المصالح التجارية حولت المنظمة الى quot;دولة داخل دولةquot; فعلاً واستفادت من هذا الواقع لتكتسب في العام 1974 لقب quot;الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينيquot;.
بينما كان ابو عمار يعيش قمة النشوة بحصوله على هذه المرتبة العالمية، بدأت عناصر حركته بتكرار ما فعلوه في الاردن، بدأ باستخدام كل المزايا التي حصل عليها سواء الاعتراف به عالمياً والتمتع بالمزايا اللبنانية في اطلاق يده في التحكم بمستقبل لبنان وهذا ما ترجمته كلمة القاها امام 18 زعيم عربي في اجتماع قد في العاصمة المغربية الرباط حيث قال quot;القضية الفلسطينية هي اما الاسمنت الذي يربط العالم العربي معاً، او القنبلة التي ستفجره الى اجزاء!quot;... وعرفات يؤكد على ان تلك القمة كانت quot;بمثابة حفل زفاف على شرف الفلسطينيينquot; وفيه اطلقت يد الفلسطيين الى ما نهاية واصبح عرفات اول زعيم فلسطيني يدافع عن قضية شعبه امام الجمعية العمومية، واولى نتائج هذا التمثيل كانت تترجم في لبنان.
تصاعد التوتر الفلسطيني اللبناني الى اقصى حد الامر الذي ساعد كثيراً في تفجير الحرب الاهلية اللبنانية وبرغم العداء الكبير من قبل اكثر من فصيل لبناني شارك في تلك الحرب الا ان عرفات نجح في الحفاظ على مقره داخل العاصمة اللبنانية بيروت لعدة سنوات بينما واصلت القاعدة الجنوبية له في جنوب لبنان بالهجوم على شمال اسرائيل.
في الوقت نفسه ظن عرفات انه وبفضل هذا التسليم العربي له لمقاليد الامور قد اصبح الرقم الصعب في اي مفاوضات عربية اسرائيلية لاحلال السلام او البحث عنه في المنطقة وهي ميزة لن يتركه الرئيس المصري انور السادات يتمتع بها طويلاً.
خلال عامي 1977 و 1978 كان الرئيس المصري انور السادات قد أخذ المبادرة مستفيدا من حرب 1973 حيث وجه خطاباً الى البرلمان الاسرائيلي معلناً الاستعداد لفتح محادثات مع اسرائيل فيما رد عرفات على الدعوة بهجمات ضربت مدينة حيفا اسفرت عن مقتل 34 شخصاً واصابت 80 اخرين بجروح فيما بدأت اسرائيل ردها بضرب جنوب لبنان وهو ما ادى الى غضب عربي شامل وعزل السادات ودعمت صورة عرفات البطل في العيون العربية!
المصادر:
ارشيف صحيفة النيويورك تايمز.
مجلة التايم الاميركية.
لقاءات اجريت مع ياسر عرفات في الصحافة الغربية ومنشورة في الارشيف البريطاني للصحافة.
لمراسلة الكاتب: [email protected]
مواضيع سابقة للكاتب: http://www.elaphblog.com/zaidbenjamin
في الحلقة الرابعة:
حنان عشراوي: لم يحدث في التاريخ ان اعطى شخص مبررات وادوات لفشل وفده مثل ما فعل عرفات معنا!
التعليقات