أحمد نجيم من الدار البيضاء: وقد وصفت خديجة الرايدي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، محاكمة المدون المغربي محمد الراجي المحكوم عليه أمس الاثنين بسنتين سجنا مع الغرامة، بquot;السياسيةquot; وقالت إنها مس بالحريات، غابت فيها شروط المحاكمة السياسية ولن تتوفر على أبسط شروط المحاكمة العادلة، واعتبرت الحكم quot;جائر وتعسفي وظالمquot;، كما ألقت باللائمة على القضاء، واعتبرته quot;آلية الدولة في ترهيب المواطنينquot;. وأوضحت أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحذر من الوضع الكارثي لجهاز القضاء، مؤكدة على أن الجمعية ستستمر في نضالها من أجل فضح الاعتقال السياسي الذي عاد إلى الظهور منذ أقل من سنة.

وكانت غرفة الجنح التلبسية لدى المحكمة الابتدائية في أكادير أمس الاثنين محمد الراجي بسنتين نافذة وأداء 5 آلاف درهما كغرامة، بعد متابعته من قبل النيابة العامة بتهمة quot;الإخلال بالاحترام الواجب للملك والأسرة الملكيةquot;، وذلك على خلفية مقال نشره على موقع quot;هسبريسquot; بعنوان quot;الملك يشجع الشعب على الاتكالquot;. وهكذا أصبح الراجي أول مدون مغربي يحاكم بالسجن بعد نشره مقالا على جريدة إلكترونية.

وفي علاقة بالموضوع تساءل خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في رده على سؤال حول إساءة محاكمة مثل هذه للمسار الديموقراطي في المغرب: quot;من يسيء إلى البناء الديموقراطي بالمغرب، هل الدولة التي تعمل على احترام القانون أم أولئك الذين يسمحون بأنفسهم بالخدش مباشرة في المؤسسات الضامنة للمسار الديموقراطي واستقرار المغربquot;. وأوضح أن للصبر حدود وأن صبر الدولة فاق التصورات quot;هل هناك دولة تعيش باستمرار في استفزازا من هذا النوعquot;، وأضاف أنه لا يتصور محاكمة في غياب المحامي، من جهته ذهب مصدر مأذون في وزارة العدل إلى التأكيد على أن لمحاكمة المدون المغربي مبررات محلية من طرف القضاء، وأوضح في تصريح أن محاكمة مثل هذه لا دخل للوزارة فيها، وحول تأثير هذا النوع من المحاكمات على مشروع إصلاح القضاء الذي جاء به وزير العدل عبد الواحد الراضي، قال إن هذا المشروع يحتاج إلى وقت طويل. قال المسؤول quot;يجب أن نتتبه فالمطالبة بإصلاح القضاء يتطلب منا أن لا نتدخل في الأحكامquot;.
وقد انتقدت منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; اعتقال المدون المغربي، وصفت قرار سجنه بquot;غير العادلquot; وأضافت أنه ضحية محاكمة غير عادلة لم يستطع حتى الدفاع عن نفسه.

من جهته قال طارق السعدي أحد أشهر صحافيي النت بالمغرب ومدير جريدة quot;الخبرquot; الالكترونية لquot;إيلافquot; أنه يصطف مع الحق في التعبير والحرية في تداول الكلمة والخبر بفضاء الانترنت وخارجه، لأن الحرية أساس الخلق، لكنه أبدى ملاحظات اعتبرها ملامح لبعض أوجه المشكل الجديد القائم بين الحاكم والمدون، وأوضح أن المدونات بحكم طبيعتها الانترنيتية تتمتع بحرية و انسياب رقمي وتكنولوجي يعتقده الكثيرون ايديلوجيا او روحانيا، وانتقد من يريد أن يحولها إلى quot;حق في حين انه ليس الا تقنية تصطدم مع اول واقع محلي لبلد ماquot;، وأضاف أن المدونات وغيرها من مكونات الويب المغربي على سبيل المثال تقع خارج دائرة التشريع القانوني وهو ما يتمنى استمراره الكثيرون من ابناء النت. وأضاف أن مشكلة بعض المدونين انهم وانطلاقا من منابرهم الالكترونية العاجية القابعة خارج التشاريع النصية يطالبون بسن قوانين ووضعيات شبه ثورية خارج النت. وهو ما يبدو متناقضا الى حد ما. وقال إن المدونات خارج التشاريع في حرفيتها النصية لكنها ليست فوق القانون. فإذا كانت في بلدان العالم الغربي تلعب دورا هاما ومتناميا في تشكيل الرأي العام الغربي فهي في العالم العربي فضاء للانفراج النفسي وكسر المكبوت.. وهنا بالضبط تقبع مشكلة وضع التدوين العربي.

وتحدث عن التشريع المغربي وقال أن التدوين المغربي، حسب رأيه الشخصي، ضحية للنقاشات السياسية الدائرة حول جدوى المطالبة بالاصلاحات الدستورية من عدمها وبالخصوص تلك المتعلقة بالفصل 19 من الدستور. فلأن التدوين او بعض المدونيين المغاربة يعتبرون أن للحرية مفهوم خاص على الشبكة، مفهوم بوهيمي فهم يتورطون بحسن او سوء نية في نقاشات كبرى، طبعا لهم الحق كامل الحق في مناقشاتها، لكن الصيغ واللغة والموجه اليه والظرفيات كلها أمور تخون بعض المدونين الشباب. وهي الأمور التي تمرس عليها بشكل جيد ساسة المغرب الأشاوس منهم و المناضلون العاديون، فيحترمون الزمان والمكان لطرحها، وأضاف أن الدولة فانها تسعى من حين لاخر الى quot;ضرب الأمثالquot; وسن حدود وقواعد لممارسة quot;الحريةquot; والتعبير على الانترنت. فلان الانترنت متاح للجميع فان هذه الوضعية بالذات تجعل من الدولة نفسها كالوصي الأمين على ممارسات الأفراد بداخلها. وتساءل في الأخير عن جدوى المطاردات الأمنية للمدونين وغيرهم على ساحة النت، وقال: أليس الأجدر اغراق النت المغربي بساحات الحوار والمعرفة والنقاش السياسي الرصين عوض تحويله الى ساحة وطعم لاصطياد المارقين..؟

ومن المتوقع أن تصدر جمعيات حقوقية مغربية والنقابة الوطنية للصحافة المكتوبة بيانات في هذا الموضوع.