لندن: الصحف البريطانية الصادرة صباح الأحد ركزت عناوينها الرئيسية على موضوع تقدم القوات الإسرائيلية البرية داخل قطاع غزة وتصاعد ضرباتها ضد أهداف تقول إنها لحركة حماس داخل القطاع. العنوان الرئيسي لصحيفة quot;صنداي تايمزquot; مثلا جاء quot;الدبابات الإسرائيلية تتدفق على غزة لسحق حماسquot;. قصف غزة في الإعلام الأميركي
وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة quot;الاندبندنتquot; quot;قتال عنيف بعد عبور الدبابات الحدودquot;. أما صحيفة quot;الأوبزرفرquot; فجاء عنوانها الرئيسي: quot;القوات الاسرائيلية تدخل غزةquot;. وجعلت quot;الفاينانشيال تايمزquot; عنوانها الرئيسي quot;القوات الإسرائيلية تغزو قطاع غزة: أول تحرك أرضي في القتال المستمر منذ 8 ايامquot;. وتحت هذه العناوين تناولت الصحف البريطانية التوغل الاسرائيلي في قطاع غزة من كل جوانبه ومن خلال تقارير مراسليها وكتابات محرريها وافتتاحياتها.
افتتاحية صحيفة quot;الأوبزرفرquot; اليسارية حملت عنوان quot;يجب أن تنسحب اسرائيل من غزةquot;. تقول الافتتاحية إن العملية العسكرية الاسرائيلية التي تستهدف توجيه ضربة حاسمة إلى حماس quot;فرصتها ضعيفة في تحقيق أي شيء ذي معنى سواء عسكريا أم سياسياquot;. وبعد أن تستعرض الافتتاحية ما حدث من قتل وتدمير لمراكز الشرطة في غزة واستهداف قيادات حماس خلال الغارات التي شنتها اسرائيل طوال 8 ايام، وشملت هدم منازل ومساجد، مما أشاع البؤس والرعب في السكان الذين يعانون منذ أشهر من الحصار الاقتصادي، تحذر الافتتاحية من أن اسرائيل قد تندم على هذه العمليةquot;.
وتقول الافتتاحية إن امكانات حماس ربما ستضرر لبعض الوقت لكن أغلب الظن أنها ستتمكن من اعادة بناء قواتها كما فعل حزب الله في جنوب لبنان عام 2006. وتحذر الافتتاحية من أن الفرصة قد تصبح متاحة لحماس لاختطاف جنود اسرائيليين واتخاذهم رهائن، كما أن quot;الأمر الأكثر خطورة بالنسبة لاسرائيل قد يكمن في الضرر الذي سيقع عليها على المستوى الدولي على المدى الطويلquot;.
وتمضي الافتتاحية فتشير إلى أن من المستبعد أن يشعر الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما بالسعادة quot;وهو يتلقى ملف هذه الأزمة المسمومة في السياسة الدولية في أول يوم له في الرئاسةquot;.
وتدعو الافتتاحية اسرائيل إلى الانسحاب من غزة، وتدعو quot;القادة العرب في المنطقةquot; إلى إقناع حماس بوقف اطلاق الصواريخ والالتزام بوقف اطلاق النار، كما تدعو اسرائيل لرفع الحصار عن غزة بدلا من اللجوء لسلوك يدعم الجماعات الاسلامية المتشددة.
quot;مأساة تلوح في الأفقquot;
وتنهي الصحيفة افتتاحيتها بالاستدراك التالي الذي يحمل طابعا تشاؤميا: quot;إلا أن الواقع على الأرض يقول إن اسرائيل أرسلت قواتها وعادت بذلك إلى استراتيجيتها التي فشلت في الماضي. وأصبحت هناك ماسأة أعمق وأكثر فظاعة تلوح في الأفقquot;. أما صحيفة quot;ميل أون صندايquot; اليمينية فقد نشرت مقالا للكاتب بيتر هتشنز بعنوان quot;هل ستتعلم إسرائيل؟ إن كل قنبلة هدية لأعدائهاquot;. يبدأ الكاتب مقاله بالتأكيد على أن إسرائيل quot;مخطئة في الهجوم على غزةquot; ويؤكد أنه يقول ذلك باعتباره quot;مؤيدا صلبا ودائما للدولة اليهودية، يرفض توجيه الادانة المألوفة لكل ما تفعلهquot;. ويمضي بعد ذلك ليستدرك قائلا: quot;ولكن ليس لمجرد أن الفصائل المناهضة لاسرائيل وانصارها يتخذون آليا موقفا ضد القصف يجب أن يتخذ اصدقاء اسرائيل الموقف المعارضquot;.
ويقول الكاتب إن العملية الاسرائيلية لن تحقق الهدف الذي يتطلع اليه زعماء اسرائيل السياسيين، وquot;إن انطلاق صواريخ حماس على سيدروت وغيرها لن يتوقف إلا إذا قامت اسرائيل باحتلال قطاع غزة بأكمله. وهذا مستحيلquot;. ويمضي ليقول إن الهدف الحقيقي من العملية الاسرائيلية هو تحسين موقف اثنين من السياسيين هما تسيبي ليفني وايهود باراك في الانتخابات القادمة.. وإنه quot;لا يجب أن يموت أحد من أجل هذا الغرضquot;.
quot;الانتقام العقيمquot;
ويمضي الكاتب فيقول: quot;يتعين على مؤيدي اسرائيل أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي: ماذا يأمل قادة حماس أن يحققوا من خلال إطلاق الصواريخ على اسرائيل؟ الإجابة الواضحة تماما- كما يقول- هي إنهم يريدون جر اسرائيل إلى هذا النوع من الانتقام العقيم الذي يضر بهاquot;. ويقول الكاتب إن حماس لا يهمها معاناة شعب غزة لأنها تستخدم هذه المعاناة لإضعاف تحالف اسرائيل مع الولايات المتحدو واوروبا، وإن سكان غزة من الممكن أن يصبحوا في وضع أفضل إذا أبدى الأثرياء العرب اهتماما بأحوالهم.
ويحذر الكاتب اسرائيل من أنها بلجوءها إلى هذه العملية العسكرية فإنها تتيح الفرصة لمناهضيها لاتهامها بأنها quot;البلطجي الكبيرquot; بينما هي quot;قطعة صغيرة من الأرض محاطة من جميع الجوانب بملايين المسلمين والعرب الذي يعتقدون أن الدولة اليهودية يجب ان تمحى من على الخريطةquot;.
ومع حرص الكاتب على التفرقة quot;بين الذين يموتون كضحايا للعرب من النساء والأطفال الاسرائيليينquot; وبين المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون دون قصد بشكل عرضي خلال القصف إلا أنه يوجه في نهاية مقاله التحذير التالي: quot;المشكلة الحقيقية أن اقناع الدول العربية والشعوب بقبول أن لإسرائيل الحق في الوجود لن يكون من خلال هذا النوع من الأفعال، بل الحقيقة أن هذا يزيد الأمر صعوبة. وبشكل متزايد فإنني أرى نهاية قاتمة ومريرة لهذه القصةquot;.
quot;التسابق الانتخابيquot;
في صحيفة quot;الاندبندنتquot; يكتب جون ماكارثي مقالا يقارن فيه بين حرص اسرائيل على أن تبلغ وكالات الأنباء ووسائل الاعلام بكل صاروخ تطلقه حماس عليها بينما يقتضي الأمر جهدا للحصول على معلومات عن الناحية الأخرى أي ما تطلقه اسرائيل على غزة.
ويقول إن حماس أطلقت حتى الآن أكثر من 400 صاروخ على اسرائيل بينما حسب المعلومات المتوفرة من لجنة تنسيق الشؤون الانسانية أسقط سلاح الطيران الاسرائيلي 400 قنبلة على الفلسطينيين quot;ليس خلال سبعة ايام بل خلال الدقائق الأولى من اعتدائه المفتوح على غزةquot;. ويمضي ليقول إنه بينما قُتل أربعة إسرائيليين بفعل صواريخ حماس، بلغ عدد القتلى من الجانب الفلسطيني أكثر من 400 شخص.
ويشير المقال إلى التسابق quot;الانتخابيquot; بين قادة اسرائيل. ويقول إن حماس مع ذلك، مستمرة في اطلاق الصواريخ داخل اسرائيل، الأمر الذي يجعل العملية العسكرية تتعمق أكثر فأكثر وتسبب مزيدا من مقتل المدنيين. ويمضي قائلا quot;وبينما يثير رد الفعل (الاسرائيلي) الذي لا يوازي الفعل، دعوات من الأوساط الدولية بضبط النفس، لاتزال اسرائيل تصور نفسها باعتبارها الطرف الأضعف السلبي.
ويقول quot;إن ايهود باراك وصف اسرائيل بأنها quot;قصر وسط غابةquot; أي مكان للحضارة محاط بأناس متوحشينquot;. ويتطرق المقال بعد ذلك إلى كيف تجاهلت اسرائيل طيلة 60 عاما قرارات المجتمع الدولي واستمرت في سياسة الاستيطان والاحتلال وتجاهل حقوق اللاجئين الفلسطينيين. ويتساءل: لماذا لم تتم مساءلة اسرائيل عن أفعالها؟ ويجيب بقوله: الحقيقة البسيطة هي أن اسرائيل لديها التأثير النفسي الأقوى الذي تعتمد عليه، أي عقدة الذنب العالمية إزاء الهولوكوست.
ويقول إن هذا quot;يعني أنه رغم أن العالم قد يقوم أحيانا بالضرب الخفيف على معصم اسرائيل إلا ان لا أحد يجرؤ على أن يمضي بعيدا ربما خوفا من أن يتهم بالعداء للسامية، أو بالهجوم على اناس عانوا تاريخيا في الماضي كثيراquot;. ويتناول المقال احتمالات استئناف عملية السلام، وتحقيق حل الدولتين الذي تعمل اسرائيل على تأجيله إلى أن تحصل على أكبر مساحة من الأرض ممكنة، بينما تضمن أن تكون الدولة الفلسطينية أصغر ما يمكن.
كما يشير إلى أن اسرائيل ماضية في quot;خلق الحقائق على الأرضquot;، ثم يعبر عن أمله في أن يمارس الرئيس الأميركي القادم أوباما الضغط على اسرائيل. وينهي مقاله بأنه quot;يتعين على حماس أن توقف صواريخها، ولكن المؤكد أنه فضلا عن كل شئ، فقد حان الوقت لمحاسبة اسرائيل ودفعها إلى الاعتراف بإرادة المجتمع الدوليquot;.
التعليقات