يمكن لأي عابر سبيل في شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية أن يصد هذا الشعور بالمرارة لدى الغالبية من المصريين، بمن فيهم غير المهتمين أساساً بكرة القدم أو الرياضة أو حتى السياسة، لكنها quot;حالة شوفينيةquot; أشعلت نيرانها آلة الإعلام المصرية والجزائرية معاً.. فالأخيرة اختلقت قصصاً غير صحيحة بالمرة، عن جثث الجزائريين الملقاة في شوارع القاهرة، والإعلام المصري رد برسائل عنيفة، وعير الجزائريين بمساندتهم في حرب التحرير. هناك أيضاً عشرات المراثي الحزينة التي تعج بها صفحات الصحف المحلية المصرية عن انحسار الدور المصري إقليمياً، وكيف أصبح المصريون quot;ملطشة للي يسوى واللي ما يسواشquot;، وأخرى تتحدث عن ضرورة الانكفاء على الشأن المصري والتوبة عن تعاطي quot;مخدر القومية العربيةquot;، أما برامج quot;التوك شوquot; في الفضائيات المصرية فقد تحولت لما يمكن وصفه بسرادقات لتلقي العزاء، والحديث عن مآثر الفقيد.
القاهرة: في التطورات الجديدة لتداعيات الأزمة فقد استقبل الرئيس المصري حسني مبارك الجهاز الفني والإداري لمنتخب كرة القدم (المهزوم) وقال ناطق رسمي إن الرئيس دعا الفريق الوطني لتناول الإفطار معه، quot;تقديرا لهم على ما بذلوه من جهد وما تحملوه من ضغوط خلال مشوار تصفيات بطولة كأس العالمquot;.
أما في الشارع فقد تواصلت حالة الغضب، وشهدت الجامعات المصرية عدة تظاهرات ومؤتمرات تدعو إلى قطع العلاقات مع الجزائر، وتصعيد القضية دولياً، وطرد السفير والطلبة الجزائريين، بينما أعرب البرلمان بأغلبية نوابه عن رفضه لما اعتبره quot;اعتداءات سافرةquot; من قبل الجزائريين على المصريين، وحمّل الحكومة المصرية المسؤولية عنها والتقاعس في حماية المصريين المقيمين في الخارج.
مصر x الجزائر :المعركة مستمرة |
وعاد إلى القاهرة عبد العزيز سيف النصر السفيرالمصري لدى الجزائر، بعد استدعائه للتشاور عقب الأزمة التي نشبت بين البلدين نتيجة أحداث العنف التي تعرض لها مصريون في الخرطوم والجزائر، كما عاد على الطائرة المصرية ذاتها القادمة من الجزائر rlm;150rlm; مصريا من العاملين هناك، وقال العائدون إنهم بسبب ما وصفوه بمحاولة التحرش بأي مصري هناك فقد التزموا البقاء في المراكز الرئيسة للشركات او المعسكرات التي خصصت لإقامتهم، وتقوم قوات الامن الجزائرية بفرض حراسة مشددة عليها، كما ناشد العائدون من الجزائر وسائل الإعلام المصرية وقف الحملات لأنه مع كل كلمة تقال عن الجزائريين يتعرض آلاف المصريين المقيمين هناك لاعتداءات، على حد قولهم.
من جانبه أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أن اجتماع وزير الخارجية مع السفير المصري لدى الجزائر كان يستهدف الوقوف على أوضاع المصريين المقيمين في الجزائر، وقال زكي quot;إن السفير المصري لدى الجزائر قدم تقريرا للوزير، وأطلعه على الوضع في ما يتعلق بالأفراد والشركات والمصالح المصرية ككل في الجزائر، وأيضا في ما يتعلق بنتائج اتصالاته مع الجانب الجزائري والتي تمت حتى الآن، كما وضع الوزير في صورة التفاصيل والوضع بشكل عام في الجزائرquot;.
الموقف الدبلوماسي
أما على صعيد الموقف الدبلوماسي فقد عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية حسام زكي، قائلاً إن عودة سفير مصر لدى الجزائر مسألة تخضع للتقدير السياسي، لافتا إلى أن فترة استدعاء السفير ستنتهي بزوال الأسباب التي أدت إلى الاستدعاء، وأضاف أن استدعاء السفير للتشاور مسألة مفتوحة المدة، والمدة قد تستمر عدة أيام أو تطول لعدة أسابيع أو أشهر، وانتهاء الاستدعاء ينتهي بزوال أسبابهquot;.
ومضى المتحدث المصري قائلاً quot;إن انتهاء الاستدعاء يعتمد على التقدير السياسي لإمكانية عودة السفير، وبالتالي المسألة سوف تأخذ وقتها، وسيظهر في الأفق الوضع الذي سندخل فيه خلال الفترة المقبلةquot;.
وتابع المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية قائلاً : quot;إن السفارة المصرية في الجزائر موجودة وقائمة على الوضع الحالي وتقوم بعملها على مستوى القائم بالأعمال وأن العمل لن يتأثر لكن التمثيل تأثر بأن مستواه انخفض من سفير إلى قائم بالأعمالquot;.
وحول أوضاع المصريين في الجزائر، قال المتحدث quot;الأيام الماضية شهدت شكلا من أشكال الاستقرار في التعامل، والسفارة لم ترصد شكاوي من جانب المصريين تزيد على الشكاوي التي تلت المرحلة الأولي التي أعقبت مباراة السبت قبل مواجهة الخرطوم، وبالتالي في ما يتعلق بالمصريين الوضع مستقر، لكن لا نستطيع أن نقول إنه أفضل بكثير أو نقول إنه تدهورquot;.
واختتم المتحدث باسم الخارجية المصرية قائلاً quot;إن شكوى المصريين في الجزائر لم تعد من نوع أن هناك أشخاصا محاصرين في أماكن أو جموع كبيرة تقتحم أماكن معيشة المصريين، لكن الشكوي بشكل أساسي من أن المعاملة انقلبت تماما، وبعدما كانت فيها مودة وصداقة قبل المباريات اختلفت الأمور، وهناك عداوة وسباب وشتائم وأوضاع ليست مريحة بصفة عامةquot;، غير أنه عاد وأكد أن المصالح المصرية مستقرة ومقار الشركات لم تحدث فيها تدهور خلال الأيام الثلاثة الماضية عقب مباراة السودانquot;.
quot;هل يكره الأشقاء العرب مصر لهذه الدرجة؟ ولماذا، إذا كان الجواب بنعم؟quot;، طرح أحدهم هذا السؤال quot;البسيط - العويصquot; عبر شبكة التواصل الاجتماعي الشهيرة quot;Facebookquot; بعدما أفضت مبارتا الجزائر ومصر في القاهرة والخرطوم إلى أحداث عنف، ربما كانت هي الأسوأ من نوعها ضد مصريين يقيمون في الجزائر، أو سافروا إلى السودان لتشجيع منتخب بلادهم، يقول مصري يقيم في إحدى دول الخليج: أرصد حولي حالة من الشماتة لهزيمة مصر أمام الجزائرquot;، ويضيف أنه يقيم ويعمل وسط جاليات عربية من عدة دول من المحيط إلى الخليج، ثم يستدرك المصري متسائلاً quot;هل هزمت مصر أم فريق كرة القدم المصري؟، ولماذا تتصاعد الرؤى السياسية التي تعتبر المصريين كأنهم أعداء لإخوانهم العربquot;، وهكذا يواصل تساؤلاته المريرة التي تكاد أن تكون السمة العامة في الشارع المصري حالياً.
وتصاعد التوتر بين مصر والجزائر حول مباراتين حاسمتين في التصفيات لنهائيات كأس العالم، وأجريت المباراة الأولى في القاهرة الأسبوع الماضي، في ما كانت الثانية في السودان يوم الأربعاء الماضي، ما أدى إلى مواجهات بين المشجعين من الجانبين، وحملات متبادلة بين شتى وسائل الاعلام المصرية والجزائرية، ما خلق مناخاً سياسياً وشعبياً متوتراً في العلاقات بين البلدين، على نحو غير مسبوق.
التعليقات