قمة الرياض المصغرة تتوّج تفاهمات بصيغة الحد الأدنى عربيًا
جهود مصرية ـ سعودية لإستعادة سورية من أحضان إيران
نبيل شرف الدين من القاهرة: أخذت جهود المصالحة العربية منحى مطردًا خلال الأيام القليلة الماضية،
ووصل الرئيسان السوري والمصري وأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في القمة العربية المصغرة، بحسب التلفزيون السعودي الذي بث نقلا حيا من ارض المطار. وزيارة الاسد الى الممكلة تاتي بعد سنوات من التوتر في العلاقات بين البلدين خصوصا منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 2005.
واستقبل العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز كلا من الاسد الذي وصل اولا، ومبارك على ارض قاعدة الرياض الجوية. وبعيد وصول مبارك، جلس القادة الثلاثة معا في قاعة المطار.
وتأتي هذه التطورات عشية القمة العربية المقررة نهاية الشهر الحالي في العاصمة القطرية الدوحة، تمهيدًا لمصالحة عربية شاملة، تلقي بظلالها على الملفات الشائكة وخصوصًا الفلسطيني، وفي هذا السياق قال حسام زكي الناطق باسم الخارجية المصرية إن هناك قضايا جوهرية تتعلق بالحقوق والمصالح العربية، ليست موضع خلاف، لكنه استدرك مؤكدًا أن بلاده ترغب في إنجاز مصالحة حقيقية من شأنها أن تضع نهاية للخلافات الراهنة، وليست مجرد حلول موقتة.
وتوقّعت مصادر دبلوماسية في القاهرة، أن تسفر القمة الرباعية في الرياض عن تفاهمات ولو في صيغة الحد الأدنى ولكنها تكفي لطّي صفحة الخلافات التي اتسمت بها العلاقات بين العواصم العربية الرئيسة خلال الفترة الماضية، وبالتالي تفتح صفحة جديدة من العلاقات بين القاهرة ودمشق والرياض.
وأكدت المصادر ذاتها أن القمة ستعمل على إعادة quot;المحور السعودي ـ المصري ـ السوريquot; إلى الواجهة بعد أن تراجع سنوات، مشدّدة على اقتصارها على الدول الثلاث، وألمحت إلى أن جهود التقارب تتزامن مع انفتاح أميركي على دمشق ، حتى كاد أن يبدو الأمر كأنّه استقطاب لسورية، وقالت إنه أيا كان شكل المصالحة، فالأكيد أن الأيام المقبلة ستكون مفصلية في العلاقات العربيةquot;، على حد تعبير المصادر الدبلوماسية التي تحدثت مع مراسل quot;إيلافquot; في القاهرة.
وأوضح مصدر دبلوماسي مصري أن هناك مشاورات في هذا الصدد أجريت مع السعودية، ونقلها عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية إلى الرياض خلال زيارتهما الأخيرة، وأن هذه التفاهمات جرت أيضاً مع سورية بشأن الملفات الخلافية لمنع تجدد الخلافات مرة أخرى، ولفت إلى أن هناك تفاؤلاً لدى مصر بإمكانية تحقيق ذلك الأمر في غضون الفترة القليلة المقبلة.
خلاف المشروعين
ويقول مراقبون، ومنهم الدكتور عماد جاد الخبير بمركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والإستراتيجية إن القاهرة والرياض تسعيان لإقناع القيادة السورية بتجاوز تحالفها مع إيران، مقابل تقديم مزيد من الدعم السياسي والاقتصادي واستعادة المحور الثلاثي الإقليمي.
وكانت قمة غزة التشاورية التي عقدت في الدوحة الشهر الماضي أبرزت حجم الانقسام العربي بعدما قاطعتها مصر والسعودية والأردن، في حين شارك فيها الرئيس السوري بالإضافة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وتبع ذلك القمة العربية الاقتصادية في الكويت التي كشفت حجم التباين الحاد في مواقف الدول العربي بعدما أخفقت في اتخاذ موقف موحد من الهجمات الإسرائيلية على غزة، رغم أنه تم التوصل إلى مصالحة ـ بمبادرة سعودية ـ بين قادة كل من السعودية وسورية وبين مصر وقطر على هامش القمة.
وكان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل سلم في دمشق الأسبوع الماضي الرئيس السوري بشار الأسد دعوة لزيارة الرياض من أجل تنقية الأجواء قبل التئام قمة الدوحة، حسب مصادر مطلعة، ثم طار إلى القاهرة السبت في زيارة لم يعلن عنها حاملاً رسالة من الملك السعودي، كما تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن مساع دؤوبة لتهيئة الأجواء قبل القمة العربية الدورية في العاصمة القطرية.
العاهل السعودي والرئيس السوري اليوم |
ويعرب مساعد وزير الخارجية المصري السابق الدكتور عبد الله الأشعل عن اعتقاده بأن تكامل الأدوار العربية في المرحلة المقبلة سيكون بالغ الأهمية حتى لا يظن أحد أن هذه العاصمة أو تلك قد استأثرت بالأمر وحدها، خاصة وأن إشكالية المصالحة تصطدم مرة أخرى في الصف الفلسطيني بالعلاقة مع إسرائيل، فلدينا مشروعان: الأول تمثله السلطة ممثلة في الرئيس محمود عباس، وهو يرى أن التفاوض كفيل بأن يأتي بالحقوق الفلسطينية من إسرائيل، ومن ناحية أخرى فإن مشروع المقاومة الذي تقوده حركة quot;حماسquot; في قطاع غزة يرى أن المقاومة وحدها هي التي تأتي بالحقوق.
ومضى الأشعل قائلاً إنه يرى أنه لا المقاومة وحدها ولا التفاوض وحده، لا بد أن يكون هناك إطار عربي حاضن للخيار الفلسطيني، وأن يجلس الفلسطينيون معاً، كما هو حاصل الآن في القاهرة، وأن تتوافر بيئة مواتية كي يتداولوا في ما بينهم ويحددوا موقفهم من مسألة المقاومة أو غيرها من القضايا الشائكة.
العاهل السعودي والرئيس السوري |
الملك عبد الله خلال تأديته العرضة في الجنادرية امس (نقلا عن الشرق الأوسط)
التعليقات