ثورة من الفرحة الغامرة انطلق بها ثمانون مليون مصري في كل منزل وحارة وحي ومدينة ومحافظة بمختلف أنحاء المحروسة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، مهللين بفوز غال وثمين تحقق في الثواني الأخيرة لمنتخب بلادهم على نظيره الجزائري بهدفين للا شيء في الجولة الأخيرة من فعاليات المجموعة الثالثة بالتصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم المقبلة في جنوب إفريقيا مساء أمس السبت على ملعب القاهرة الدولي. وعلى الرغم من أن الفوز الذي حققه الفراعنة جاء بفارق هدفين، وكفل لهم خوض مباراة فاصلة مع الخُضر يوم الأربعاء المقبل بالسودان لتحديد المتأهل عن المجموعة، إلا أن الفوز جاء مقترنًا بطعم الترشح المباشر للمونديال لأنه جاء من بعيد بهدف قاتل للبديل عماد متعب من عرضية متقنة للظهير الأيسر سيد معوض في الدقيقة 96 من عمر المباراة، وذلك بعد أن ظنَّ كل من في الملعب وخارجه أن حلم المونديال قد انفرط عقده مع مرور الثواني الواحدة تلو الأخرى في مدة الست دقائق التي احتسبها حكم اللقاء الجنوب إفريقي كوقت بدل من ضائع في شوط المباراة الثاني.
أشرف أبو جلالة - إيلاف :الانتصار والنتيجة رفعا رصيد مصر إلى 13 نقطة بالتساوي مع الجزائر. وتعادل الفريقان أيضًا في فارق الأهداف، ليصلا بذلك إلى مباراة فاصلة تقام الأربعاء المقبل على ملعب نادي المريخ السوداني، وسط آمال تحدو جميع متتبعي وعشاق الكرة المصرية بمواصلة المشوار وتحقيق حلم الملايين. وقد تفاعلت الجماهير مع هذا الفوز عقب انتهاء اللقاء بالانطلاق في مسيرات وتظاهرات احتفالية حاشدة في أشهر شوارع محافظتي القاهرة والجيزة وميادينها، وأصيبت حركة المرور بحالة من الشلل شبه التام، وربما لم يفلح بعضهم في العودة إلى منازلهم إلا في ساعات متأخرة، بسبب الازدحام الشديد الذي شهدته الشوارع من فرط الفرحة الطاغية التي هيمنت على الجميع.
أجمعت كوكبة من النقاد وخبراء التحليل الرياضي في مصر عقب اللقاء على أن الفراعنة لم يكونوا ليستحقوا مغادرة السباق من أجل فارق هدف، وان اعترفوا بأن المستوى الفني كان متراجعًا بعض الشيء، غير أنهم التمسوا العذر في ذلك للاعبين بسبب الضغوط التي تعرضوا لها على مدار الأيام القليلة الماضية لمطالبتهم بتحقيق الفوز بفارق هدفين على الأقل وسط تلك الأجواء شديدة السخونة بين جماهير ووسائل إعلام كلا الدولتين. وربما كان لوقع المفارقة العجيبة التي شهدتها أحداث مباراة الأمس بإحراز هدف في أول دقيقتين ومن ثم التوفيق في إحراز الهدف الثاني في ثوان اللقاء الأخيرة، تأثير وانطباع خاص في نفوس كثير من المصريين، الذين اعتبروا أن مونديال جنوب إفريقيا ينادي على الفراعنة، ويقول لهم quot;أنا بانتظاركمquot;.
فمن جانبه، أشاد حسن الشاذلي، نجم مصر ونادي الترسانة السباق، بشجاعة حسن شحاته في الزج بزكي ومتعب خلال مجريات هذا اللقاء، لافتًا إلى أنه نجح في تأهيلهما فنيًا على الرغم من ابتعاد كليهما عن مستواه لظروف مختلفة مع أنديتهما ( الزمالك والأهلي ) في الآونة الأخيرة. كما أكد على أن إرادة النصر عند اللاعبين كانت كلمة السر التي مكنتهم في النهاية من تحقيق الفوز، وأن شحاته نجح في التعامل بذكاء مع المباراة باستغلاله الأطراف خاصة ًسيد معوض، بينما كان لغياب التركيز عن بعض لاعبي الجزائر في الثواني الأخيرة لتفكيرهم في الاحتفال بالتأهل دورًا في تحقيق مصر هدفها المنشود.
أما عبد العزيز عبد الشافي ( زيزو ) نجم مصر والنادي الأهلي السابق، فقال إن التوتر كان سببًا في ابتعاد بعض اللاعبين عن مستواهم خلال المباراة، مشيرًا إلى أن هذا قد صبَّ ndash; على الرغم من ذلك - في مصلحة الفريق، لنجاحه في تحقيق الفوز وسط هذه الظروف الصعبة. وعن المباراة المقبلة، قال زيزو إنها ستكون مختلفة وأن القاعدة التي سيرتكز عليها المستوى الفني والبدني خلالها ستكون قاعدة نفسية. وأن الاعتبارات والدوافع لدى كل منتخب ستكون مختلفة، ومن بينها عوامل عده في مقدمتها الضغوط، والناحية التكتيكية، والتكافؤ في الفرص، والإضافات التي سيستفيد منها منتخب مصر متمثلةً في عودة اللاعبين ( حسني عبد ربه ndash; محمد شوقي ndash; وائل جمعة ) وكذلك الغيابات لدى منتخب الجزائر متمثلةً في ( حارس المرمى الجاواوي ولموشيه ) ، وكذلك الشكل الجماعي للفريقين وبخاصة منتخب مصر.
بينما قال الخبير الكروي والنجم السابق لنادي الزمالك ومنتخب مصر، أيمن يونس، إن أكبر قدرة على التحمل والمثابرة هو quot;أن تحرز هدفًا في أول المباراة ثم تنتظر الأمل حتى آخر المباراةquot;. ويضيف بقوله :quot; شعرت بالغضب لبعض الوقت خاصةً بعد خروج عمرو زكي ndash; لكنّ شحاته يثبت لنا في كل مرة تفوقه علينا. أما بالنسبة إلى الهدف الثاني، فأقول إن عماد متعب تعامل مع عموده الفقري بعنف وانحنى بالعكس لإحراز الهدف القاتل. ويتعين عليَّ أن أشيد بالجمهور المصري الذي قدم درسًا في الحب والالتزام والوطنيةquot;.
أما الخبير الكروي الكبير ونجم الأهلي ومصر السابق، طه إسماعيل، فطالب بنسيان الفرحة التي هيمنت على الشارع الرياضي عقب اللقاء، والبدء في الإعداد لمباراة السودان، لافتا ً في الوقت ذاتهإلى صعوبة اللقاء، لأن المنتخب الجزائري ليس بالمنتخب السهل، مشيرًا إلى أن لاعبيه أضاعوا العديد من الفرص على مدار المباراة. وتوقع إسماعيل أن تشهد المباراة الفاصلة سيناريو مغايرًا عن سيناريو لقاء الأمس، مطالبًا الفريق المصري بإحداث نوع من أنواع التوازن في التشكيل وكذلك الناحية التكتيكية. في حين رأى طاهر أبو زيد، نجم الأهلي ومصر السابق، أن المباراة افتقدت للمتعة، وإن اتسمت بالإثارة، معترفًا بأن هذه الحال هي عادة ً ما يكون حال المباريات المهمة والمصيرية. بينما قال فاروق جعفر، المحلل الكروي ونجم الزمالك ومصر الأسبق، إن منتخب مصر لعب أول عشر دقائق وأحرز هدفًا، ولعب كذلك في آخر عشر دقائق وأحرز هدفًا آخر، كما أشاد جعفر بالمستوى المتميز الذي ظهر عليه عصام الحضري معتبرًا إياه نجم المباراة، مشيدًا في الوقت ذاته بكريم زياني الذي اعتبره أنه الوحيد الذي حضر المباراة من منتخب الجزائر.
ومواكبة مع الحدث، خرجت اليوم الصحف المصرية بعناوين مثيرة تتماشى مع حجم الانتصار ومظاهر الاحتفال الكبرى التي عاشتها القاهرة حتى ساعات الصباح الأولى من صباح اليوم الأحد. فكتبت صحيفة quot;الجمهوريةquot; قائلة ً ( منتخب الساجدين يشكر رب العالمين - وحوش إفريقيا هزموا ثعالب الجزائر 2/صفر - quot;معلمquot; يا شحاتة .. زكي quot;فرحناquot; ومتعب quot;ريحناquot; - بإذن الله .. اليوم الموعود في الخرطوم ) .. وعلى النهج نفسه كتبت quot;الأهرامquot; قائلة ً ( مبروكrlm;..rlm; مصر إلى مباراة فاصلة في السودان الأربعاء المقبل - المنتخب الوطني يهزم الجزائرrlm;2/rlm; صفر بعد مباراة عصيبةrlm; والرئيس مبارك يهنئ الشعب والفريق - عمرو زكي افتتح التسجيل وهدف الإنقاذ أحرزه متعب في الدقيقة الأخيرةrlm; وعصام الحضري تألق في الذود عن مرماه والجمهور نجم المباراة - الملايين تسهر حتى الصباح في الشوارع ابتهاجًا بالفوز بعد مباراة صعبة وعسيرة بكل المقاييسrlm; ). وصدرت صحيفة quot;الشروقquot; اليومية المستقلة في عددها الصادر اليوم بعنوان قالت فيه (مصر تهزم الجزائر 2- صفر .. والمباراة الفاصلة يوم الأربعاء تحدد المتأهل إلى مونديال 2010 ).
تحضيرات للمقابلة الفاصلة:
من المنتظر أن تغادر اليوم الأحد بعثة المنتخب المصري على متن طائرة خاصة إلى الخرطوم، تمهيدًا لخوض اللقاء الفاصل الذي سيقام على الأرجح على إستاد نادي المريخ، المطابق للمواصفات والمعايير التي يحددها الاتحاد الدولي لكرة القدم quot;فيفاquot;. هذا وسيخصص دخل اللقاء بالكامل لصالح الاتحاد السوداني لكرة القدم، وستمنح الجماهير السودانية ألفي تذكرة لحضور اللقاء، بينما ستقسم باقي التذاكر مناصفة ً بين جماهير المنتخبين المصري والجزائري، وسيكون للاتحاد الدولي حق التصرف في حقوق بث اللقاء، أي أنه سيكون الجهة المنوطة بالتفاوض معها حول حقوق بث المباراة.
وعلى صعيد آخر، انطلقت دعوات quot;غير رسميةquot; في القاهرة عقب انتهاء اللقاء بضرورة تشكيل وفدا ً رسميا ً بقيادة رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو رئيس مجلس الشورى لمرافقة الفريق خلال تلك المباراة الفاصلة، كنوع من أنواع الدعم والمؤازرة، على أمل تحقيق الحلم المونديالي والحصول على بطاقة الترشح وتمثيل العرب في جنوب إفريقيا، بعد أن أخفق كل من منتخبي تونس والبحرين يوم أمس في التأهل إلى مونديال 2010 بعد خسارة كل منهما أمام موزمبيق ونيوزيلاندا بهدف نظيف.
في حين وُجِهت مناشدات إلى وزير الطيران المدني المصري، الفريق أحمد شفيق، بتوفير 10 أو 15 رحلة طيران إلى السودان، بعد أن اتضح حجز جميع الرحلات الوطنية المتوجهة إلى الخرطوم حتى يوم الأربعاء، يوم إقامة المباراة. وفي غضون ذلك، بدأ بوادر توجهات إيجابية لدعم المنتخب المصري في اللقاء الفاصل من جانب الحكومة، حيث سارع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بالإعلان عن تخصيص رحلات لألفي مشجع مصري سيتوجهون إلى السودان لمؤازرة الفريق. في الوقت الذي أعلن فيه سيد مشعل، وزير الإنتاج الحربي، عن تخصيص رحلتين للمشجعين لمؤازرة الفريق في اللقاء الحاسم بالسودان الأربعاء المقبل. كما قرر وزير الإعلام، أنس الفقي، تخصيص طائرتين لنقل كبار الإعلاميين والفنانين لحضور المباراة.
التعليقات