روميو روفائيل من لندن: كان يوم الأحد الماضي الذكرى السنوية الـ39 لسابقة فوز البرازيل على ايطاليا بثلاثة أهداف نظيفة. وأحد المهندسين الرئيسيين للفوز 4-1 في نهائي كأس العالم لعام 1970 كان مهاجمه الاسطورة بيليه الذي انتقد في الأسبوع الماضي أداء المنتخب البرازيلي الحالي في بطولة كأس القارات التي تجري مبارياتها حالياً في جنوب افريقيا.

وقال بيليه في مقابلة، بعدما وضع رسوم بيانية توضيحية تكتيكية، إنه، بالمقارنة مع عصره، أداء لاعبو خط وسط المنتخب البرازيلي كان quot;بيروقراطياًquot;. وهذه ملاحظة قد يؤيده فيها معظم نقاد الكرة، وهي تنطبق على الفريق الحالي أيضاً.

فرحة لاعبي البرازيل في احدى المباريات ولكن فريق المدرب دونغا لا يهتم بهذه الانتقادات، خصوصاً فوزه في كل مبارياته، كما سحق ايطاليا يوم الأحد الماضي، فلماذا إذاً ينبغي عليه أن يهتم بالانتقادات.

سواء فاز منتخب البرازيل بكأس القارات أم لا، أهم شيء هو أنه أثبت جدارته، وفي حقيقة الأمر، سيكون في غضون سنة من الآن واحداً من الفرق المرشحة لرفع كأس العالم للمرة الأولى على الأراضي الافريقية.

دونغا البرازيل، مع جيلبرتو سيلفا وفيليبي ميلوفي في مركز خط الوسط، لا ولن يكونا أبداً مثل بيليه، حتى ولو مع كلودوالدو وجيرسون. والتغيير يعكس تحولاً في فلسفة كرة قدم البرازيلية التي هي رد فعل أمرين: أولاً، ارتقاء كرة القدم في شمال أوروبا في ستينات وسبعينات القرن الماضي، خصوصاً الضغط الذي وضعه الجانب الهولندي عام 1974 على الكرة. وثانياً، فشل منتخب البرازيل ذات المواهب الرائعة في 1982.

والفكرة هي كما يلي: التطوير البدني للعبة جعل من الصعب جداً على الفرق أن تلعب دوراً كبيراً بأسلوب التمريرات القصيرة من وسط الميدان. وبدلاً من ذلك، فإن الفوز في المباريات أو الخسارة يرجع سببها إلى لحظتين رئيسيتين: ركلات من الكرات الثابتة وطريقة انتقال اللاعبين في الملعب (وهذه اللحظات تجرى عندما يغيّر اللاعبين أماكنهم من جهة الملعب إلى الأخرى). وإذا القينا نظرة على عرض منتخب البرازيل في كأس القارات، فإننا سنلاحظ ظهور مدى الاهتمام بهاتين الحالتين. فقد سجل المنتخب الكثير من أهدافه عن طريق ركلات حرة وضربات ركنية.

والبرازيل تعتمد على اللاعبين الذين يمكنهم من توجيه الضربات بسرعة مع وجود لاعبين طوال القامة للاندفاع بالكرة وفسح المجال للخيارات المتنوعة المثيرة للاعجاب، وواحدة من هذه الخيارات كانت من ركلة حرة التي أدت إلى منح ركلة جزاء في اللحظات الأخيرة في مباراة الفوز 4-3 على مصر. وسبق لهم أن سجلوا من ركلة ركنية قصيرة عندما كان دفاع مصر مرتبكاً. وكانت منطقة المربع الأخير للفريق المنافس هي المتوقع استهدافها، ولكن بدلاً من ذلك فإن دانيال الفيش ارسل الكرة إلى الجانب الآخر من الملعب عندما ركلها لوسيو قبل أن تمس الأرض ومنها جاءت ضربة الجزاء.

بل أكثر من ذكاء الكرات الثابتة وفعاليتها، فإن السمة المميزة للجانب البرازيلي الراهن هو أثاره المدمرة أثناء الهجوم المضاد. ربما أنه قد يكون الفريق الوحيد في العالم الذي عندما تكون هناك ركلة ركنية ضده، فإنه يمكن اعتبارها فرصة له لتسجيل هدفاً من الهجوم المضاد.

والمدربين في جميع أنحاء العالم سيفكرون في وسيلة لحماية فريقهم ضد هذا الأسلوب الفتاك، ودراسة مسار الركلات الحرة ومحاولة ايجاد سبل لوقف منابع الهجوم المضاد. وقبل العام الجديد سيتعين على دونغا ايجاد بعض الاختلافات. وفي تطويره للفريق فإنه قام بالفعل بتغيير مهم ولافت للانتباه.

في العام الماضي كان منتخب البرازيل يواجه بعض المشاكل الحقيقية عندما كان يلعب على أرضه، أما نتائجه خارج أرضه فكانت لا بأس بها. فالفرق المنافسة كانت تندفع إلى الأمام وتستغل أسلوب الهجوم المضاد. وأمام جماهيره كانت الصورة تختلف، فتعادله سلباً على أرضه مع بوليفيا كان واحداً من أكثر النتائج غرابة في تاريخ كرة القدم في أميركا الجنوبية. ومباراته السابقة التي خاضها على أرضه مع الأرجنتين كانت نتيجتها سلبية أيضاً، وفي المرحلة التالية تعادل صفر ndash; صفر مع كولومبيا.

في أي من هذه المباريات لم يظهر أن منتخب البرازيل سيستطيع أن يسجل هدفاً، والحل كان بتحرير مايكون لينطلق إلى الأمام من جهة الظهير الأيمن، مع قوته الجسدية المرعبة وقدرة تقنيته الكبيرة. وقد تم ذلك من خلال اسقاط لاعب خط الوسط المهاجم (الفعال رونالدينيو) ووضع ايلانو في مركز يمين الوسط لتغطية مايكون، ليكون جناحاً مضاعفاً على جانبي الملعب، أو يقطع من الداخل عندما يتطلب الأمر ذلك.

في المباراتين الماضيتين كان يشغل هذا الدور اللاعب الناشط راميريز، ما أعطى للبرازيل خياراً آخر للانطلاق السريع في الهجوم المضاد، ولكن هذا الأسلوب لم يكن سهلاً وجاء بعد دفع ثمن غالٍ، إذ انسحب لاعب خط الوسط إلى الجانب الأيمن تاركاً مركز الظهير الأيسر غير واقٍ. وهي مشكلة تفاقمت بسبب أن أياً من اندريه سانتوس أو كلبير لم يبديا مقتنعين تماماً في موقفهما. اليوم الخميس سنرى إذا أمكنت جنوب افريقيا من استغلال هذه الثغرة. في مباراة النصف النهائي قد تتذوق البرازيل من quot;أدويتها الخاصة بهاquot; ففريق بفانا بفانا يدربه برازيلي، وعلى أدلة يوم السبت الماضي في المباراة ضد اسبانيا، جويل سانتانا جعلهم يشبهون إلى حد ما بالفريق البرازيلي الحالي.

اسبانيا هو الفريق الذكي في تمرير الكرة بين اللاعبين الذين يتطلعون لاختراق طريقهم بين لاعبي الفريق الخصم ndash; الأسلوب الذي تخلت البرازيل عنه. ولبعض الوقت فإن منتخب جنوب افريقيا كان ناجحاً ضدهم، عندما بدأ بتعبئة خط الوسط مع ثلاثة لاعبين مراقبين الخصوم والسعي إلى التقدم من جانبي الملعب، حيث كان لاعبو مركز الدفاع يتقدمون إلى جانبي الملعب داعمين خط الوسط، تماماً كما فعل مدرب البرازيل دونغا عندما تغلب على الأرجنتين، في الجانب الذي كان يمرر الكرات بالطراز القديم، في نهائي quot;كوبا اميركاquot; عام 2007.

وعلى افتراض فوز البرازيل على جنوب افريقيا واسبانيا تجاوزت الولايات المتحدة، عندها يمكن أن تكون الخطة ذاتها لدونغا في نهائي هذا العام لكأس القارات