&ملأت الهتافات الشارع العربي غداة نجاح المنتخب الجزائري في اجتياز الدور الأول لكأس العالم بالبرازيل، وسادت شبكات التواصل حالة من الالتحام العربي المفرح.
&كامل الشيرازي من الجزائر: هلّلت فعاليات جزائرية لما شهدته العواصم العربية غداة ما فعله محاربو الصحراء في بلاد السامبا، وثمّن كل من نجم الجزائر في ثمانينات القرن الماضي الأخضر بلومي، والناشط البارز خالد بن إسماعيل، والبطل العالمي السابق أحمد دين، الفرح العربي العارم في مصر وتونس والمغرب وسوريا والسعودية والأردن وغيرها، واعتبروا ذلك علامة إيجابية، خصوصًا أن ما حصل أتى ليزيل ترسبات سابقة، في إحالة على ما انتاب العلاقات الجزائرية المصرية من توتر غداة الأزمة الكروية الشهيرة التي نشبت بين البلدين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، في وقت سارع النجم الجزائري سفيان فيغولي إلى رفع العلم المغربي بكل ما يعنيه ذلك من رمزية سامية تعكس عمق الأواصر بين الشعبين الجزائري والمغربي.&
&
تقوية وحدة الصف
&
يتطلع بلومي وبن إسماعيل ودين لأن يتطور التلاحم العربي المونديالي إلى مستوى وحدوي أرقى وأوسع، يشمل منحنيات السياسة والاقتصاد والالتفاف حول أمهات القضايا. وقدّر محدثونا أن ما يحصل في الوطن العربي الكبير تجاوبًا مع الانجاز الجزائري بالبرازيل هو خطوة عملاقة لتقوية الأواصر ومدّ الجسور بين الأشقاء، بعيدًا عن أسباب التوتر والفرقة والتشتت.
&
واعتبر رفيق بحري، أستاذ الاتصال بجامعة الجزائر، أن ما يحدث يؤشر على صحوة شاملة تحبط الانعزالية والفرقة، وترتقي بالعرب نحو أبعاد أكثر تكاملية وتفاعل أكبر قوة، كما شدّد بحري على أن يُلهم التفاف العرب على الجزائر في المونديال، زعامات الدول لنبذ خلافاتهم وتوحيد صفوفهم كـ"خيار استراتيجي يحفظ الوجود والكرامة"، وينتج هبّة عربية لتحقيق وثبة شاملة في مختلف المجالات.
&
على المنوال ذاته، يرى الفنانون محمد عباس وجمال قرمي والعمري كعوان أن التجاوب العربي الحالي ينبغي أن يتطور إلى مستوى فعلي يمس العمق وكينونة الأمة وكبرى رهاناتها، ويدحض خطط التهجين والمسخ بمنأى عن الانقسامات، من منطلق أن الوضع الراهن وجسامة التحديات يستدعي توحيد الصف والكلمة.
&
انتصار سياسي لا كروي&
&
يرى الخبير الاجتماعي الجزائري محمد بوكراس أن التفاعل العربي مع مُنجز الجزائر في البرازيل غير مفصول عن مكانة الجزائر التاريخية، وتموقعها المميّز مؤخرًا في تجربة الربيع العربي وما تمخض عنه، حيث كانت الجزائر رائدة بخبراتها، وتعاملت بدبلوماسية واحترافية مع ما حصل في تونس ومصر وليبيا وبلدان أخرى، إذ لم تتدخل في شؤون الشعوب أو الحكومات، ما جعلها تبقى محترمة من طرف الأشقاء العرب.
&
ما تقدّم، يذهب بوكراس إلى أنّه جعل الشعوب العربية تبقى ممتنة للجزائر، وجعل المسار يسير في ذاك الاتجاه، كما يقحم محدثنا عامل "حاجة الشعوب العربية في الداخل كما الخارج إلى الفرحة والأمل"، لذا رقص العرب على إيقاع ما حققته الجزائر في المونديال، مشيرًا إلى أن تجاوز الجزائريين للروس دغدغ أحاسيس العرب، خصوصًا وأنّ ذلك كسر توقعات أمعنت في التشاؤم وزرعت أملا متجددا في التألق العربي في قمم الكون.
&
ويقول بوكراس إن قوة الفرح العربي تكمن في طبيعته، حيث جرى تقاسمه على نطاق كبير، وتمظهر كسلوك تشاركي تقاسمي اجتماعي وهو ما أعطى قيمة مضاعفة للفرحة، لا سيما مع انبهار العرب بسلوك المناصرين الجزائريين الذين لم يكونوا أنانيين، "فهم لم يرفعوا شعارات اجتماعية ذاتوية مناهضة للوضع القائم في وطنهم، بل حرصوا على حمل علم فلسطين ورددوا شعارات القضية الأمّ وأهدوا التأهل إلى الفلسطينيين، وهذا هزّ العرب، وتركهم يقفون بجلاء على مدى تمسك إخوانهم الجزائريين بالعروبة، ويوقنون بجدارة حضور منتخب محاربي الصحراء كممثل حقيقي للأمة العربية، بكل ما تعنيه المسألة من انتصار سياسي أكثر منه كروي".&
&
أنساهم الهموم&
&
علّق الأديب الجزائري عبد الرزاق بوكبة قائلًا: "براميل الزغاريد والفرح أحسن من البراميل التي تحرق كل يوم أرواحًا بريئة في عالمنا العربي، دعونا نفرح بعد سنوات الدم والدمار"، في حين أبرز الكاتب شرف الدين شكري فرحه بتهاني جميع الأشقاء العرب، ملاحظًا: "حين تأتيك التهنئة ومشاركة الفرحة من سوري أو فلسطيني قلبه انفطر على بلده، فإنّ الفرحة تأتي مضاعفة، لأنّ هذا المقهور وضع كل همومه وبؤسه اليومي على جنب وابتسم ليهنئك ويقاسمك الفرحة، تحية لهذا الرقي وهذه القوة، ونرجو من الله فرجًا قريبًا لهذين الشعبين ولكل الشعوب العربية" .
&
ولفت شكري إلى أن احتفال المصريين بتأهل الجزائر وتنويههم بالمعدن الطيب لمستوى منتخبها، أكّد مجددًا أنّه بين الشعب المصري ونظيره الجزائري حبّ خفي قوي جدًا، "يشبه حب الناجحين في دراساتهم حين يتبارزون على الريادة، وهو حبّ مستحب ومطلوب".
&
وعن إنشاد الجماهير الجزائرية نشيد فلسطين الشهداء بعد المباراة مع روسيا، رأت أسماء أنّها ترى في كل فوز أو تقدم يحرزه محاربو الصحراء انتصارًا لقضية فلسطين، "فرايتها المرفرفة إلى جانب علم الجزائر المفدى في مختلف المحافل الكروية الدولية مساندة معنوية وروح حية نابضة توقع صكا على بياض، مؤداه أن نحن مع فلسطين لأنها جزء منا" .
&
التعليقات