نجمة الالعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو دون ان تشارك فيها. كانت قيصرة الزانة الروسية يلينا ايسينباييفا التي كرست نفسها في عز الالعاب المحرومة من خوض غمارها، النجمة الاولى في رياضتها بدون منازع بدءا من الدور الاساسي مرورا بالسحر وانتهاء بالنتائج التي لا شريك لها فيها.

وقالت القيصرة (34 عاما) التي كانت تمني النفس بلقب اولمبي ثالث تعلن بعده اعتزالها، في مؤتمر صحافي الجمعة "يلينا ايسنباييفا توقف مسيرتها اليوم"، مستخدمة ضمير الغائب بهدف الاشارة الى الموقع الذي تحتله في العاب القوى العالمية لا بل الى ابعد من ذلك.

كبيرة ومرهفة، هي واحدة من كنوز العاب القوى. "انها رياضة، لكنها ايضا استعراض، وعندما اشارك في مسابقة حتى لو لم يكن فيها منافسات لي و حيث لا مكان للاثارة، احاول دائما ان اقدم استعراضا"، هذه تصريحات ادلت بها ايسنباييفا وهي فخورة بنفسها عام 2005.

في ذلك الزمن، لم يكن الجامايكي اوساين بولت يشكل املا كبيرا لالعاب القوى ولا حتى نجما كبيرا.

وفي ذلك الزمان، كانت ايسينباييفا تسحر العالم بتفوقها بما يزيد على 20 سنتيمترا على منافساتها.

وصنعت ايسينباييفا المولودة في 3 حزيران/يونيو 1982 في فولغوغراد (ستالينغراد سابقا)، اسلحتها الاولى في رياضة الجمباز الفني في النادي الموجود في مسقط رأسها.

لكن سن المراهقة هو عمر جحود، ونموها المتسارع جدا كان بالنسبة اليها نهاية آمال في هذه الرياضة عندما اصبحت في الخامسة عشرة.

ووجدت الشابة السمراء اليافعة نفسها تمسك الزانة بيدها في منشآت النادي التابع للجيش الاحمر (نادي سسكا) تحت اشراف يفغيني تروفيموف.

انه الخيار الافضل. ولطالما ان هذه الرياضة كانت حتى ذلك الحين حكرا على الرجال، فقد فتحت في منتصف تسعينات القرن الماضي امام السيدات بسبب تطور النفوس والمعدات معا.

 الاولى في 5 امتار 

تألقت ايسينباييفا في نظر العالم عام 2003 وهي في سن الحادية والعشرين عندما حققت رقما قياسيا عالميا هو 82ر4 امتار، الاول في سلسلة ضخمة وصل عددها الى 28 رقما قياسيا منها 15 في الهواء الطلق والباقي داخل قاعة.

وفي 22 تموز/يوليو 2005، دخلت ايسينباييفا التاريخ كأول سيدة تجتاز حاجز ال5 امتار.

وعلى غرار الاوكراني سيرغي بوبكا في عصره، تبنت ايسينباييفا سياسة الخطوات الصغيرة حيث كانت تجد سعادة غامرة في كل مرة تحسن فيها الرقم القياسي سنتيمرا واحدا حتى وصلت به الى 06ر5 م في 2009، وهو ما زال صامدا حتى تاريخه مع كل ما كانت تجنيه في كل مرة من ارباح.

وباظافرها الطويلة الملونة، وتوزيع قبلاتها على الجمهور والمشاهدين، بقوتها في رياضتها وعينيها الزرقاوين الثاقبتين، جذبت الروسية الكاميرات طوال مسيرتها.

وصنعت ايسينباييفا لنفسها مجدا ومكانة بارزة بفضل قدرتها على تحويل المنافسات المشاركة فيها الى سهرات استعراضية يكون دورها فيها اساسيا لا بل محوريا.

وفي هذا الخصوص، يدين لها منظمو العاب بكين 2008 بالشكر والعرفان بعد ان ارتمى الملعب الاولمبي في حضن صمت طويل منذ الصباح مع اصابة نجم سباق 110 م حواجز البطل الصيني تشانغ ليو وفشله في التأهل للدفاع عن اللقب الذي احرزه قبل 4 سنوات في اثينا.

لكن النجمة الروسية ايقظت في المساء المبنى الغارق في الصمت واعادت الروح والحياة من جديد الى ملعب "عش الطائر".

 علاقات واسعة مع الاولمبية الدولية 

ضمنت يومها اللقب بقفزتين فقط وحاجز 85ر4 م، اخذت بعدها الروسية باشعال اجواء الملعب رويدا رويدا، وتجاوزت 95ر4 م في المحاولة الثالثة على هذا الارتفاع وعمدت الى اطالة المنافسة بهدف اسعاد الجمهور.

وكسبت ايسينباييفا في الواقع حق التواجد وحيدة في الملعب، وتسمرت العيون عليها بعد انتهاء جميع المنافسات الاخرى المقررة في تلك الامسية.

وحصلت ايسينباييفا على كل الاضواء، ونجحت بعد فشلين في تسجيل رقم قياسي جديد هو 05ر5 م.

وفي ظل هذا الصعود القوي للقيصرة الروسية، كانت علاقاتها تتوسع مع اللجنة الاولمبية الدولية، وفي 2012 شاركت في العاب لندن بعد توقف لمدة 11 شهرا ولم تستطع قفز اكثر من 70ر4 م فاكتفت بالبرونزية خلف الاميركية جنيفر سور والكوبية ياريسلي سيلفا.

لكن ورغم كل ما احاط بمشاركتها الاولمبية الاخيرة، عادت ايسينباييفا الى الواجهة من جديد واحرزت ذهبية مونديال 2013 الذي اقيم في موسكو قبل ان تتبعها فترة توقف اخيرة قبل اولمبياد ريو 2016.

لكن فاتها القطار الاولمبي وطار الموعد وتبخرت معه آخر الاحلام، بسبب فضيحة المنشطات في الرياضة الروسية.

ورغم ان الفحوص المتكررة التي خضعت لها لم تشكف اي اثر للتنشط، كانت ايسينباييفا احد ابرز ضحايا الاستبعاد الذي طال الرياضيين الروس في العاب القوى من قبل الاتحاد الدولي.

لكن لايسينباييفا مصادرها، فبعد استبعادها من المضمار، مرت الروسية في الكواليس وروجت لنفسها حتى انتخبت عضوة في لجنة الطلاب التابعة للجنة الاولمبية الدولية، مسددة ركلة بالقدم الى انف الاتحاد الدولي لالعاب القوى.

وفي اليوم التالي لانتخابها، اعلنت ايسينباييفا الجمعة وقف مسيرتها، وحيا رئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى البريطاني سيباستيان كو "رياضية ظاهرة"، مؤكدا انه "ينتظر بفارغ الصبر ليعمل معها".