هل استعادت اسبانيا بعضا من ألق حقبتها الذهبية بين عامي 2008 و2012؟ سؤال مطروح بإجابة تميل نحو الـ "نعم"، اذ يدخل منتخب "لا روخا" الجولة التاسعة من تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2018، وهو قاب قوسين أو أدنى من انتزاع بطاقة التأهل المباشر للمونديال الروسي عندما يستضيف ألبانيا الجمعة.

الا ان اسبانيا التي لم تهزم منذ نحو عام، تدخل المباراة والهاجس السياسي يسكنها، وتسعى لوضع تداعيات استفتاء استقلال إقليم كاتالونيا خلفها، والتركيز على بلوغ المونديال الذي أحرزت لقبه مرة وحيدة عام 2010.
 
وتتصدر اسبانيا المجموعة الاوروبية السابعة برصيد 22 نقطة من ثماني مباريات قبل الجولتين الاخيرتين، بفارق ثلاث نقاط امام ايطاليا التي تستضيف بدورها مقدونيا، وتسع نقاط امام البانيا الثالثة.
 
ويتأهل بطل كل من المجموعات الاوروبية التسع مباشرة الى النهائيات، في حين تخوض افضل ثمانية منتخبات تحتل المركز الثاني ملحقا قاريا على البطاقات الاربع الاخيرة.
 
- اسلوب قديم وحقبة جديدة -
 
نجح المدرب الجديد للمنتخب خولن لوبيتيغي منذ تعيينه في صيف العام 2016، في ان يعيد بهدوء إطلاق منتخب كان يقال عنه انه على ابواب نهاية حقبة ذهبية أحرز خلالها ثلاث بطولات كبرى في أربعة أعوام: كأس أوروبا 2008 و2012، وكأس العالم 2010.
 
في الأعوام الماضية، بدأت علامات الاستفهام تدور حول المنتخب الاسباني في المحطات الكبرى، لاسيما بعد خروجه من الدور الأول لمونديال البرازيل 2014، وثمن نهائي كأس أوروبا 2016.
 
مع لوبيتيغي، لم يخسر منتخب "لا روخا" أيا من مبارياته الـ 12، وسيبقى في الذاكرة لامد طويل فوزه الكبير على نظيره الايطالي في التصفيات الحالية 3-صفر، وفك الشراكة معه في صدارة المجموعة.
 
وأظهر هذا الفوز ان اسلوب لعب المنتخب الاسباني المعتمد على استحواذ الكرة والتمريرات الارضية القصيرة من لمسة واحدة "تيكي-تاكا"، لا يزال فعالا ولم تجد المنتخبات الأخرى حلا ناجعا له.
 
ويرى مدرب نادي ريال مدريد، الفرنسي زين الدين زيدان، ان المنتخب الاسباني "لم يفقد ألقه (...) ثمة بعض الفترات الحرجة، وهذا امر طبيعي في كرة القدم".
 
أضاف "أنا معجب بطريقة لعبه واللاعبين وكذلك المدرب الذي تسلم المهمة وجعل المنتخب يلعب بشكل جيد (...) أنا مشجع كبير لهذا المنتخب".
 
وشكل أسلوب لعب المنتخب محور اهتمام عالميا في سنوات هيمنته على الألقاب، الا ان المفارقة ان الأسلوب نفسه بدا وكأنه بات يضر بالمنتخب الذي اصبح لاحقا عقيما رغم الهيمنة والسيطرة الميدانية.
 
واختلف الأمر مع لوبيتيغي الذي يرى ان هذا الأسلوب يبقى فاعلا شرط تطبيقه بحذافيره. ويقول في هذا الصدد "يمكن للجميع ان يتوقعوا اسلوب لعبنا في اي لحظة، لكننا نريد ذلك".
 
- شباب ومخضرمون -
 
يبقى المزج بين المغامرة والخبرة حلم كل مدرب، وهذا ما لم يستطع المدير الفني السابق فيستني دل بوسكي القيام به (2008-2016)، بل ظل وفيا لفكرة الاعتماد على الأسماء الكبيرة التي نجح معها في مونديال 2010 والاحتفاظ باللقب الأوروبي في 2012.
 
الا ان لوبيتيغي، المدرب السابق لمنتخب الشباب، فتح لهم باب المنتخب الأول، وبدأ بالتركيز على بناء جيل واعد لا مكان فيه للعديد من المخضرمين مثل القائد والحارس ايكر كاسياس (36 عاما)، بل يقوم على وجوه شابة مثل دافيد دي خيا وايسكو وماركو اسنسيو وتياغو الكانتارا وكوكي وساوول وغيرهم.
 
يتحلق هؤلاء حول نواة صلبة من لاعبين باتوا (أو هم على أعتاب) الثلاثين من العمر، مثل سيرخيو راموس وجيرار بيكيه وسيرخيو بوسكيتس واندريس انييستا ودافيد سيلفا.
 
ومع الاحتفاظ بهؤلاء، يرى زيدان ان "العمود الفقري لا يزال موجودا".
 
الا ان تجديد المنتخب يبقى مسألة حساسة، لا سيما في مركز رأس الحربة أو صاحب القميص الرقم 9، والذي لم يتم حسمه منذ 2012.
 
تلقى المنتخب ضربة موجعة بإصابة مهاجم تشلسي الانكليزي ألفارو موراتا. وفي غيابه، عادت مشكلة رأس الحربة لتؤرق اسبانيا: فدافيد فيا (35 عاما) الذي شكل استدعاؤه في الصيف مفاجأة كبرى، لا يزال يتعافى من إصابة، ودييغو كوستا ليس في أفضل مستوى.
 
وامام هذا الواقع، وجد لوبيتيغي نفسه مرة جديدة مضطرا لاستدعاء "الذهب الذي لا يصدأ"، مهاجم اتلتيك بلباو اريتز أدوريز (36 عاما).
 
نقطة الضعف الثانية في المنتخب هذه الفترة هي سياسية، اذ يجد لوبيتيغي نفسه مرغما على إدارة وضع متشنج في أعقاب استفتاء كاتالونيا.
 
وحال جيرار بيكيه تلخص الوضع برمته: لقد تعرض مدافع برشلونة المؤيد "لحق تقرير المصير" والذي ذرف الدموع على اثر الاضطرابات التي شهدها الاقليم بين الشرطة والناخبين الأحد، لصيحات الاستهجان خلال حصة تدريبية الاثنين.
 
واعرب بيكيه الذي ينوي اعتزال اللعب دوليا بعد مونديال 2018، عن استعداده للقيام بـ "خطوة الى الوراء" اذا كان غير مرغوب فيه، واضطر لوبيتيغي في مواجهة هذا الجدل لأن يأخذ جانب الدفاع عن اللاعب الذي يرتدي قميص منتخب اسبانيا.
 
وأبدى بيكيه الأربعاء رغبته في الاستمرار بالدفاع عن ألوان المنتخب، داعيا الى الحوار في قضية كاتالونيا.
 
ويخشى ان يكون مدافع برشلونة مجددا الجمعة في اليكانتي عرضة للاستهجان في وقت تسعى فيه اسبانيا لانتزاع بطاقة التأهل على حساب منافستها ايطاليا، وذلك من خلال الفوز على البانيا حتى لو خسرت في الجولة الاخيرة لان فارق الاهداف يصب في مصلحتها (+29 مقابل +12 لايطاليا).