أكد السفير العراقي في هولندا أن التدخل الخارجي يستخدم النزاع الطائفي والمذهبي من أجل تثبيت أتباعهم في الحكم، الأمر الذي سيعيد العراق الى النفق المظلم. وأشار سيامند البناء أن قضية كركوك بالنسبة للأكراد هي قضية quot;العدالة الإلهيةquot; التي يجب أن تطبق ويعاد الحق إلى نصابه، مؤكدا ان قضية كركوك هي رهان الأحزاب الكردية في الانتخابات وسوف لن يتحالفوا مع أي ائتلاف لا يوافق على ضمها إلى كردستان.
لاهاي: سيامند البناء قبل أن يصبح سفيرا للعراق في الأراضي المنخفضة كان قد قضى أربعين عاما من النضال ضد الديكتاتورية، غادر العراق منذ فترة مبكرة إلى بريطانيا وهناك شارك في التظاهرات التي كانت تقام ضد نظام الرئيس العراقي السابق خصوصا تلك التي كانت تندد بعمليات الأنفال وقصف مدينة حلبجة بالغازات السامة وراح ضحيتها ألاف الأبرياء من الكرد.
كان لإيلاف لقاء معه حول الانتخابات وعمله كسفير في هولندا.
*ما هو دور السفارة العراقية في الانتخابات ؟
لقد قمنا بتوفير ما يحتاجه المفوضون ومندوبو الأحزاب من إجراءات تقنية فحسب، استحصلنا لهم على الفيزا وسهلنا وصولهم الى المطارات وقمنا بفتح حسابات مصرفية لهم في البنوك الهولندية وحضرنا لهم المقابلات مع السلطات الأمنية المختصة من اجل تسهيل عملهم، كما اتفقنا مع بعض المحطات التلفزيونية الهولندية مثل المحطة العربية والتركية من اجل نشر دعاياتهم الانتخابية.
هولندا هي أول دولة في العالم وافقت على كل ما طلبناه منها ووفرت فوق ذلك ساحة كبيرة لوقوف السيارات مجانا بالقرب من المركز الانتخابي في مدينة اوترخت.
لقد عدت توا من الاجتماع الشهري للسفراء العرب وهناك حدثني بعض السفراء، وقالوا كنا نظن انك ستكون مشغولا بالانتخابات فقلت لهم إنني لا شأن لي بالانتخابات أو المفوضية وسوف اذهب للانتخاب كأي مواطن عادي وبعدها سوف اخرج من القاعة.
*لكن يشكو الكثير من المواطنين من تأخر صدور جوازاتهم ما هي المشكلة؟
المشكلة في بغداد وليس في السفارة، نحن لا نصدر أي جواز لأي شخص ما لم تتوفر عنده كل الأوراق الثبوتية، وعندما لا تكون هذه الوثائق متوفرة، نقوم بإرسال المعلومات المطلوبة إلى وزارة الداخلية وهي التي تقرر. من المؤسف أن نقول أن وزارة الداخلية هي من أكثر الوزارات التي يكثر فيها الفساد، واضرب لك مثلا على ذلك، يقوم بعض المواطنين في هولندا بإرسال وثائقهم إلى بغداد مشفوعة بمبلغ يصل إلى 2000 دولار ثم تأتيهم الجوازات عبر البريد وعندما تقوم السفارة العراقية بالسؤال عن هذه الجوازات، لا ترد وزارة الداخلية علينا.
*بين فترة وأخرى تنشر وسائل الإعلام العراقية أخبارا تشكو فيها من هيمنة الأكراد على السفارات العراقية ما صحة هذه الأخبار؟
هذا كذب وافتراء وهذه الأخبار يراد منها الإساءة إلى الدبلوماسية العراقية. للعراق 49 سفارة في العالم يشغل الأكراد ثماني سفارات منها، فأين الهيمنة التي تتحدث عنها هذه الأخبار؟
بالمقابل هناك جاليات كردية كبيرة في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا تصل نسبتها إلى سبعين في المئة لا يعمل فيها أي موظف كردي ولا تترجم هذه السفارات التي يعمل فيها سفراء عرب الوثائق إلى الكردية.
*أنت تتمتع بعلاقات ممتازة مع الكثير من الأحزاب والمكونات العراقية، برأيك ما هي الائتلافات التي تتوقع أن تفوز وتشكل الحكومة الجديدة ؟
أظن أن الناخبين سيصوتون هذه المرة للأحزاب العلمانية لأنهم جربوا الأحزاب الدينية، ولكن ذلك لن يغير كثيرا من الأمور ولن يحدث تغيرا دراماتيكيا. الأحزاب التي كانت في السلطة ستبقى ولكن بعدد اقل من الأصوات لسببين، الأول إن الأحزاب العلمانية ليس لها قدرة كبيرة في إحداث تغير كبير، لأنها تفتقد المال ولا تعمد إلى شراء الأصوات. السبب الثاني هو إن الأحزاب الدينية لديها كل شيء تقريبا ويمكنها التأثير على الناس مذهبيا ولن تتورع من شراء أصوات الناخبين سواء في الداخل أو الخارج، لا تنسى أيضا إن للعاطفة دورا سلبيا في الانتخابات وهو دور مؤثر للغاية.
*بوصفك مناضلا كرديا، ما السبب الذي جعل انو شروان ينفصل عن حزب الطالباني، وماذا يريد من ذلك؟
التغيير شيء طبيعي خصوصا عندما يكون لديك استقرار اقتصادي، لكن المؤسفأن هذا الاستقرار الاقتصادي لم يرافقه استقرار اجتماعي أو سياسي. الأحزاب الكردية التقليدية محط انتقاد ألآن من قبل شباب الجيل الجديد الذي لم يتعرض للاضطهاد القومي ولا للظلم السابق، ولكن هناك بطالة وفساد.
انو شيروان استغل خلافاته ووجد الفرصة المناسبة لإعلان انشقاقه عن الاتحاد الوطني ووجد قاعدة شعبية تطمح إلى التغيير، مع ذلك لن يحدث تغير كبير حتى لو حصلت جماعة التغيير على مقاعد كثيرة في الانتخابات، لأنها تصب في النهر الكردي. ظاهرة انو شروان ستخلق معارضة حقيقية وهذا شيء مهم في السياسة الجديدة في العراق، سواء في كردستان أو في بغداد وأنا ادعم هذا التوجه بقوة لأن جماعة التغيير لا تطمح إلى الوصول إلى السلطة بقدر ما تريد مراقبة هذه السلطة من اجل أن لا تحدث أخطاء كبيرة في المستقبل.
*إذن تظن إن الأمور ستسير بشكل طبيعي دون مخاوف؟
أنا أخاف من شيء واحد فقط إذا استمر فإن العراق لن يستقر أو يتقدم أبدا، ليست لدي مخاوف من القاعدة ولا من أنصار حزب البعث البائد ولا حتى من بقاء الأميريكيين، ولكن الذي يخيفني هو التدخل الخارجي من قبل بعض دول الجوار. هناك أكثر من طرف يتنازع على الساحة العراقية وهؤلاء يستخدمون المذهبية والطائفية من اجل تثبيت أتباعهم في الحكم. إذا حدث هذا فأننا سنعود إلى النفق المظلم من جديد وستعود الديكتاتورية وستكون كل الدماء التي سالت من اجل التغيير قد ذهبت هباء.
*هناك رأي يقول إن احد أهم أسباب ضعف العلاقات العراقية - العربية هو وجود رئيس كردي للعراق العربي ووجود وزير خارجية كذلك، ما هو تعليقك؟
وزراء الخارجية العراقية منذ عام 1963 هم من العرب الاقحاح ولكنهم منذ ذلك الوقت لم يستطيعوا تقديم صورة جيدة عن العراق للعرب، متى كانت للعراق علاقات جيدة في الوطن العربي؟ إذا كان التقييم على أساس الانجازات وتقوية العلاقات واكتشاف أرضيات جديدة للدبلوماسية العراقية لننظر إلى سجل السنوات الخمس الماضية. قل لي متى افتتح سفير عراقي مسابقة عالمية مثل الفورميلا quot; 1 quot; ؟ متى افتتح سفير عراقي في تاريخ العراق مهرجانا موسيقيا عالميا ؟ متى كتبت صحيفة عالمية واسعة الانتشار مثل quot;الأوبزيرفرquot; عن سفير عراقي quot; بأنه مفخرة لأي بلد ينوب عنها quot; ؟
أتذكر مقولة للكاتب والصحافي المعروف محمد حسنين هيكل ومن على قناة الجزيرة قال فيها quot;إن حرفية وذكاء زيباري، وزير الخارجية العراقية، ساهمت في كسر الحواجز بين العراق والدول العربية ودول العالم في فترة عصيبة كان العالم ينظر فيها بشماتة إلى العراقquot;.
علينا أن لا ننسى ان العراق يمتد إلى جذور حضارية متعددة، وهو مفخرة لنا وسوف لن يعود ذلك اليوم الذي تنفرد فيه طائفة واحدة بحكم العراق. لقد اثبت السيد زيباري جدارة عالية في تفاعله مع الدبلوماسيين العرب والأوربيين وكان صمام أمان أمام التصريحات الانفعالية لبعض الساسة العراقيين عقب أحداث واجتماعات مهمة ومفصلية في تاريخ العراق الجديد.
لا ينكر احد بأن طالباني وزيباري ومعهم برهم صالح قد قاموا بدور كبير خلال السنوات الماضية في فتح ساحات دولية وإقليمية جديدة للعراق، أقول هذا دون أن اقلل من دور الدبلوماسيين والساسة العرب في العراق.
*مدينة كركوك والمادة 140. الكرد يطلقون على المدينة quot;قدس كردستانquot; أي دور ستلعبه هذه المدينة في الانتخابات ؟
قضية كركوك بغض النظر عن التاريخ والجغرافيا، والحق أصبحت بالنسبة للكرد قضية مبدأ، فهي تعرب منذ العهد الملكي نظرا لأهميتها. وقبل خمسين عاما قامت الحكومات في ذلك الوقت بنقل عشيرة الجبور إلى كركوك وكانت البداية، واستمرت إلى غاية الستينات في عهد عبد السلام عارف.
وقبل عشرة أيام من سقوط النظام نقلت بعض وكالات الأنباء بالصوت والصورة مشهد تشريد عائلة كردية من المدينة، لقد صدرت قرارات في ذلك الوقت بعدم تمليك الكرد بيوتا في وسط المدينة. أما في عمليات الأنفال فقد أزيلت قرى كردية كثيرة من المدينة واقتطعت أجزاء منها وألحقت بنواح واقضيه عربية.
لقد كانت كركوك منذ الستينات نقطة الخلاف الرئيسية بين الحركات القومية الكردية والحكومات المركزية المتعاقبة، فقد فشلت اتفاقية البزاز - البرزاني عام 1966 بسببها ولاحقا اتفاقية 11 آذار/مارس التاريخية عام 1970، وأخيرا اتفاقية الاتحاد الوطني مع صدام عام 83 - 85. إذن قضية كركوك بالنسبة للأكراد هي قضية العدالة الإلهية التي يجب أن تطبق ويعاد الحق إلى نصابه لان هذه القضية هي جزء من السيكولوجية الكردية وبدون ضمها إلى كردستان ستبقى الأمور مضطربة ومزعزعة.
لكن في النهاية وكما يقول الأكراد أنفسهم، فإن كركوك مدينة عراقية وموطن كل القوميات ويجب على كل العراق الاستمتاع بثرواتها بالتساوي وتطبيق المادة 140 ينبغي أن يحصل بكل الظروف وبشتى الطرق، ولكن ليس بالعنف أبدا. باختصار شديد قضية كركوك هي رهان الأحزاب الكردية في الانتخابات وسوف لن يتحالفوا مع أي ائتلاف لا يوافق على ضمها إلى كردستان.
وماذا عن المالكي الذي يرفض ذلك ؟
دعني أقول لك إن المالكي شخص ممتاز وطيب ومتواضع لكن مستشاريه هم الذين يعقدون الأمور ويشبكونها في أحيان كثيرة، لقد تحولوا إلى ما يشبه المافيا من خلال شبكة العلاقات التي أقاموها مع بعض الأحزاب، ومن خلال هذه الشبكة فهم يؤثرون على الكثير من القرارات التي تصدرها الحكومة. صحيح إن المالكي جاء إلى الوزارة توافقيا كأضعف الإيمان لكن إذا حصل وان فاز بدورة أخرى فلن يعمل معه الأكراد إذا لم يطبق المادة 140.
*وماذا عن علاوي الذي يقال انه المنافس الوحيد للمالكي ؟
علاوي لديه أخطاء كثيرة وحين استلم الوزارة بعد حل مجلس الحكم كان الوضع مستقرا والكتل السياسية متماسكة، وكان بإمكانه أن يحسن الخدمات ويقوي الجيش ويمتن القاعدة العلمانية، لكنه حبس نفسه في المنطقة الخضراء ولم يمد يده للآخرين ورفض أن يتعاون. أما اكبر أخطائه فهو الاستقواء بالأجنبي.
*توجد في هولندا 69 قطعة أثرية صادرتها الحكومة الهولندية من تجار الآثار والحكومة العراقية لم ترسل من يتسلم هذه القطع المهمة حتى ألان، ما مصير هذه القطع ؟
مع إننا ناشدنا المتحف العراقي أكثر من مرة وعلى فترات مختلفة من اجل إرسال خبير لمعاينة القطع الأثرية، إلا أنهم اكتفوا بالقول إن هذه القطع مزيفة من خلال الصور التي أرسلناها لهم. لقد أكدنا لهم مرارا إن الخبراء الهولنديين هم الذين أكدوا أصالة هذه القطع ولو لم تكن أصيلة لما وافق احد اكبر المتاحف في مدينة لايدن لاستضافتها لمدة شهر أمام الجمهور.
نحن ننتظر الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد الانتخابات وسنقوم بتسليمها القطع ،وقد طلبنا من المتحف أن يحتفظ بها لأننا نخاف من ضياعها أو تلفها إذا احتفظنا بها في السفارة.
التعليقات