ستيفن هوكينغ: «الدار الآخرة» مجرد خرافة

الحمض النووي laquo;دي إن ايهraquo;

العالم البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ ليس جديدًا على إثارة الجدل حول مسألة الخلق من المنظور العلمي البحت. وبعد إعلانه أن قوانين الفيزياء الحديثة تنفي وجود إله، يمضي خطوة أخرى الآن في هذا الاتجاه.

أثار عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ جدلاً واسع النطاق العام الماضي عندما أصدر كتابًا قال فيه إن قوانين الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون، وإن هذا الأخير خلق نفسه بنفسه. وها هو يمضي خطوة أخرى الآن قائلاً إن الإيمان بمفهوم laquo;الدار الآخرةraquo; مجرّد وهم.

ويجدد هوكينغ آراءه في لقاء حصري مع صحيفة laquo;غارديانraquo; البريطانية ويقول إن حديث المؤمنين بوجود خالق عن الدار الآخرة والجنة والنار مجرد خرافات لا أساس علمي لها. ويضيف أن الترويج لهذه laquo;الخرافاتraquo; ينطلق من دافع laquo;الخوف من الموتraquo; بينما الواقع هو أن لا شيء ينتظر المرء بعد اللحظة التي يتوقف فيها الدماغ عن العمل.

ويذكر أن هوكينغ (69 عامًا) أصيب بمرض الحركية العصبية وهو في الحادية والعشرين من عمره. وقال الأطباء إن هذا المرض سيقتله في غضون سنوات قليلة. لكن هذا كان قبل قرابة 50 عامًا وها هو العالم وقد مضى ليقدم انجازات علمية عديدة على الرغم من أنه صار مقعدًا ولا ينطق الا بمترجم صوتي الكتروني لحركة حنجرته.

وفي هذا اللقاء الأخير معه يقول هوكينغ، الذي يدير حاليًا شعبة الأبحاث بجامعة كيمبردج، إنه يعتبر الدماغ laquo;أشبه ما يكون يجهاز الكمبيوتر الذي يتوقف عن العمل عندما تفشل مكوّناته في اداء وظائفها. ولكن لا دار آخرة تنتقل اليها تلك المكونات المعطلة بعد موتها. هذه مجرد خرافات أطلقها أولئك الذين يخشون الظلامraquo;. وهو بهذا يمضي خطوة أخرى على طريق نكرانه وجود مبرر لخلق للكون وهو ما أورده في كتابه الأخير laquo;التصميم (أو المشروع) الكبيرraquo;.

مرصد بلانك الفضائي

وكان هوكينغ ndash; في كتابه الشهير الآخر laquo;تاريخ موجز للزمنraquo;، الذي نشره العام 1988، قد تحدث عن مغزى أن يتمكن العلماء من تطوير laquo;نظرية شاملة لكل شيءraquo; عبارة عن مجموعة من المعادلات التي تصف كل جزيّئ وطاقة في الكون بأكمله.

وكتب يقول وقتها: laquo;سيكون هذا هو الانتصار الأعظم للعقل البشري لأنه سيتيح لنا التعرف على الكيفية التي يعمل بها عقل الخالق نفسهraquo;.

ويذكر أن هوكينغ باع حوالي 9 ملايين نسخة من كتابه هذا الذي قذف به الى أعلى مراقي الشهرة. كما ان أحد أكبر إنجازاته في الفيزياء هي نظريته التي تشرح الآلية التي تبث بها الثقوب الفضائية السوداء إشعاعاتها.

وفي اللقاء الأخير معه يقول هوكينغ إن قناعتنا بأن موت الإنسان هو المحطة الأخيرة التي لا يأتي بعدها شيء يجب أن تحفزنا على القدر الأكبر الممكن من الإنجاز لصالح البشرية خلال حياتنا. وفي إجابته على السؤال: laquo;كيف نعيش هذه الحياةraquo;، يقول ببساطة: laquo;ألا نفعل سوى الخيِّر القيِّمraquo;.

وتحدث هوكينغ عما أسماه laquo;جمال العلوم، مثل لولب الحمض النووي المزدوج ومعادلات الفيزياء الأساسيةraquo;. وكان اللقاء معه استباقًا لمحاضرة يقدمها مساء الاثنين في laquo;غوغل تسايتغايستraquo; بلندن مساء الاثنين بعنوان laquo;لماذا نحن هنا؟raquo;. وسيطرح في هذه المحاضرة قوله إن تقلبات طفيفة في وحدات الطاقة الفيزيائية في المرحلة المبكرة من عمر الكون صارت هي البذور التي نمت لتصبح مجرات وكواكب ونجوما ثم الحياة البشرية نفسها.

ويضيف هذاالفيزيائي قوله: laquo;العلم يتنبأ بأن عددا من مختلف أنواع الأكوان سيُخلق بشكل عفوي من عدم. الأمر كله يعتمد على الصدفةraquo;. وهو يعتقد أن أجهزة البحوث الفضائية الحديثة ndash; مثل مرصد بلانك الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ndash; قد تتيح التعرف على طبيعة اللحظات الأولى لنشأة الكون. ويضيف أن هذا بدوره قد يؤدي الى فهم الكيفية التي تأتى بها كوكب الأرض والحياة على ظهره.

وسيركز هوكينغ في محاضرته على ما يعرف بـlaquo;نظرية إمraquo;، وهي إطار حسابي عريض يحوي نظرية أخرى تعرف باسم laquo;السلسةraquo; يقول العلماء إنها الأمل الأفضل للتوصل الى laquo;النظرية الشاملة لكل شيءraquo;. وتقول نظرية إم إن للكون على11 بُعدًا أحدها الزمان وثلاثة أخرى هي المكانية المعروفة: الطول والعرض والعمق. أما بقية تلك الأبعاد فأصغر من أن نراها.

ويذكر أن العلماء ينظرون الآن في أن تلك النظرية تتنبأ بإمكان وجود ما يسمى laquo;التناظر الكبيرraquo; القائل إن للجسيمات laquo;توائمraquo; ثقيلة لكنها غير مكتشفة بعد. ومن الاكتشافات الأخرى الممكنة أيًضا تبعًا للنظرية نفسها ما يسمى جسيّم laquo;بوزون هيغزraquo; الأولي الذي يعتقد أنه يمنح الجسيمات الابتدائية كتلتها. لكن هوكينغ نفسه يعتقد أن من المستحيل التوصل الى هذا الجسيم داخل المختبر.