فيما تقترب المعارك رويداً من قلب العاصمة السورية، يخشى السكان هناك من سيطرة الجماعات الأصولية على مقاليد الحكم، ولهذا السبب تحديداً يبدون تمسكاً في بشار الأسد.


رغم اشتداد حدة الحرب الأهلية واستمرار تلك المخاوف المتعلقة بالأحداث الجارية وما قد يحدث مستقبلاً، إلا أن المواطنين السوريين في العاصمة دمشق ما يزالوا يدعمون الرئيس بشار الأسد. وهم إذ يريدون بذلك الحفاظ على نهج حياتهم اليومي.
وسلطت الأضواء مؤخراً على اللقاء الدافئ الذي عقده الرئيس بشار الأسد مع مجلة دير شبيغل الألمانية يوم الأربعاء الماضي، حيث بدا مبتسماً ومتماسكاً وممسكاً في نفس الوقت بزمام اللغة الإنكليزية التي كان يحاورهم بها.
رحلة العبور لدمشق
وأشارت إلى أنه ونتيجة لإلغاء كافة شركات الطيران الغربية رحلاتها التي كانت تسيّرها إلى العاصمة السورية على مدار الشهور الماضية، بات يتعين على معظم الأشخاص الذين يتوافدون على دمشق أن يسلكوا الطريق البري من بيروت في لبنان.
ورغم أن المسافة تقدر بحوالي 150 كيلو متر فقط، إلا أن الرحلة تتسم بقسوتها بعض الشيء نظراً لقيام الجيش السوري بوضع حواجز كل خمسة كيلو مترات، حيث يطلب من المسافرين النزول من سياراتهم وفتحها وتقديم أوراق إثبات هوياتهم.
وأكدت المجلة، والحديث على لسان مراسليها، أنه وبعد الوصول أخيراً إلى دمشق وقضاء بضعة أيام هناك، كانت تلك الفترة القصيرة كفيلة بتغيير صورتها عن الحرب الأهلية المشتعلة في البلاد، لأن الناس هناك ينظرون اليها بشكل مختلف عن الغرب.
واستشفت المجلة من خلال تواجدها هناك أن هناك خوف من الجميع، بلا استثناء، من الثوار الذي يسعون للإطاحة بنظام الأسد. وهم إذ يخشون مرافقة الأصوليين للثوار، وهو الأشخاص الذي سيأتون ومعهم الشريعة الإسلامية. وأجمع كل الناس الذين تحدثوا مع المجلة على أنهم لا يثقون بالغرب لأن المنطق هناك بسيط للغاية ولأن تلك الدول تتحدث عن معايير أخلاقية أخفقت هي في فرضها أو تطبيقها بأنفسها.
وقال معظم مَن حاورتهم المجلة إنهم ورغم أنهم لا يدعمون الأسد، إلا أنهم يريدون الحفاظ على نهج حياتهم الخاص. وقال أحدهم quot;انظروا لما يحدث في كل من مصر وليبياquot;.
وهي المناقشات التي رأت المجلة أنها تساعد في تفسير سر بقاء الأسد في سدة الحكم كل هذه المدة الطويلة، منوهةً إلى أن شوارع دمشق تعج بالأشخاص الذين يدخنون الشيشة والأشخاص الذي يزاولون أعمالهم والابتسامات مرتسمة على شفاههم.
المصور الخاص
ونوهت دير شبيغل في الوقت نفسه إلى أن الأجواء مازالت مفعمة بالحياة والحيوية في دمشق وتشبه إلى حد كبير نظيرتها الموجودة في بيروت. فالبنات ترتدين بلوزات بدون أكمام، الجامع الأموي يومض في ضوء الصباح والآيس كريم والملابس النسائية الداخلية تباع في مختلف المحلات التي تنتشر بشوارع العاصمة السورية. وذلك بالتزامن مع ما يمكن وصفه بالإجماع على حاجة سوريا إلى بشار الأسد.
ثم نوهت المجلة إلى أن السكان في دمشق يدركون حقيقة اقتراب الحرب منهم، وأن ما يقلقهم ويثير تخوفهم هو أن تصلهم التفجيرات الانتحارية عما قريب في المدينة، وأن تتحول في خلال مدة زمنية قصيرة إلى مدينة شبيهه ببغداد وليس بيروت.
وحرصت المجلة في الأخير على أن تنوه لبعض الشروط التي حددها مساعدو الأسد من أجراء المقابلة معه، ومنها تحديد مدة المقابلة بحيث لا تزيد عن 90 دقيقة، منحهم الصور التي ستلتقطها المجلة أثناء الحوار لكي يراجعوها بأنفسهم ويحق لهم رفض الصور التي لا يرونها مناسبة وإلا فستتم الاستعانة بالمصور الخاص بالأسد وكذلك عدم قيام المجلة بنشر أي صور لضحايا الأسلحة الكيميائية مع المقابلة.