أسماء تلمع بهدوء في الطب والفيزياء والكيمياء والآداب والسلام، فتأتي جائزة نوبل السنوية لتخلدها في كتاب البشرية العامر بالمنجزات.


لندن: في مثل هذا الوقت من كل عام، تبرز أسماء عظام في الطب والفيزياء والكيمياء والأداب... والسلام، ينالون شرف حمل جائزة نوبل، الجائزة التي صادق عليها في وصيته ألفريد نوبل، الصناعي السويدي ومخترع الديناميت، ووثّقها في النادي السويدي - النرويجي في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1895.
كان على العظماء حينها الانتظار حتى العام 1901، ليقام أوّل احتفال لتقديم جائزة نوبل في الأكاديمية الملكية الموسيقية في ستوكهولم.
وابتداءً من العام 1902، تردّد الملك السويدي أوسكار الثاني في بداية الأمر في تسليم جائزة وطنية لغير السويديين، لكنه تقبّل الوضع فيما بعد، لإدراكه مقدار الدعاية العالمية التي ستجنيها السويد من وراء ذلك.
ومنذ ذلك الحين، تُسلّم جوائز نوبل في احتفال رسمي في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، وهو يوم وفاة نوبل، على أن تُعلن أسماء الفائزين في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من قِبل اللجان المختلفة والمعنية في تحديد الفائزين لجائزة نوبل. تسلم جائزة نوبل للسلام في مدينة أوسلو، بينما يسلم ملك السويد الجوائز الأخرى في ستوكهولم.
حق الترشيح
للحصول على جائزة نوبل، يأتي الترشيح أولًا لأشخاص على قيد الحياة. حق الترشيح محفوظ لحاصلين على الجائزة من قبل.
والحق في الترشيح في الفيزياء والكيمياء والطب والاقتصاد محفوظ لأعضاء لجنة نوبل الخاصة بكل مجال، ولأكاديمية العلوم، ولأساتذة أي من هذه المجالات في جامعات إسكندنافية معينة، إلى بعض الأشخاص المختارين من أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات الأخرى.
وبالنسبة لجائزة نوبل في الآداب، يمكن تقديم اقتراحات الترشيح من قبل أساتذة الآداب والبحث اللغوي وأعضاء الأكاديمية السويدية والهيئات المشابهة ورئيس رابطة الكُتاب الممثلة.
أما اقتراحات الترشيح لجائزة نوبل للسلام فيمكن أن تأتي من أي عضو من أعضاء الحكومات أو إحدى المحاكم الدولية، ومن أساتذة الجامعة في مجالات العلوم الاجتماعية والتاريخ والفلسفة والحقوق والعلوم الدينية، ومن رؤساء معاهد البحث المختصة بمجال السلام.
حصة ضئيلة
لم يحظَ الوطن العربي بنصيب كبير من جوائز نوبل، إذ فاز ستة عرب فقط بالجائزة، بينهم سيدة. وهيمنت مصر على النصيب الأكبر من جوائر نوبل في الشرق الأوسط ، إذ نالها الرئيس المصري محمد أنور السادات، مناصفة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل مناحيم بيغن، بعد توقيعهما إتفاقية كامب ديفيد، وذلك في العام 1978.
ونال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أيضًا جائزة نوبل للسلام بعد اتفاق اوسلو مع إسرائيل في العام 1994، ونالها الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية.
كما نالتها الناشطة اليمنية توكل كرمان في العام 2011، تقديرًا لجهودها في التغيير الديمقراطي باليمن، لتكون أصغر امرأة تنال الجائزة.
وقد تبرعت كرمان بالجائزة النقدية للخزينة العامة للشعب اليمني، quot;لأنه هو من يستحق الجائزة لما قدمه من نضال حضاري وثورة سلمية خرج فيها الشعب بكل مكوناته للشوارع والساحات سعيًا لإسقاط النظام اليمنيquot;، كما قالت.
في العلوم، حصل الدكتور المصري أحمد زويل على نوبل في الكيمياء وحيدًا، بينما فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب.
ومن عرب المهجر، حصل اللبناني الأصل بيتر مدور على جائزة نوبل في الطب، واللبناني الأصل إلياس جيمس خوري على جائزة نوبل في الكيمياء.
أسماء لامعة
لمعت أسماء كبيرة في سماء نوبل، إذ حاز المناضل العمالي البولندي ليش فاليسا، رئيس نقابة تضامن، جائزة نوبل للسلام في العام 1983، تقديرًا لنضاله السلمي من أجل كسر حدة القمع البوليسي في بولندا أيام النظام الشيوعي فيها.
كما حصل عليها في العام 1993 كل من نلسون مانديلا وفرديريك دو كليرك، اللذين تعاونا لإنهاء حقبة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بعدما كان مانديلا سجينًا ودو كليرك رئيسًا لنظام بريتوريا الحاكم حينها.
وفي العام 2003، فوجئ الإيرانيون بحصول الناشطة الإيرانية شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام، وهي التي ترأست في العام 1975 محكمة تشريعية لتصبح أول قاضية في إيران قبل الثورة، ومنعت من ممارسة مهنة المحاماة بعد الثورة الاسلامية حتى العام 1993.
فازت عبادي بجائزة نوبل للسلام، البالغ قيمتها 1,4 مليون دولار، بفضل نشاطها من أجل حقوق النساء والاطفال في إيران، لتكون أول إيرانية وأول مسلمة تفوز بنوبل. وقد اثار فوزها جدلًا واسعًا في إيران إذ وصفت الصحف اليمينية الجائزة بأنها جزء من مؤامرة أجنبية على إيران.
آداب وعلوم
ومن اللامعات أيضًا في سماء نوبل سلمى لاغرلوف، الكاتبة سويدية الحائزة على نوبل في الأدب في العام 1909، وكانت أول سيدة تفوز بالجائزة، وأصبحت في العام 1914 عضوة في الأكاديمية التي تمنح جوائز نوبل.
ونال نوبل للآداب أيضًا الأديب الفرنسي رومان رولان في العام 1915، وجورج برنارد شو الذي ألّف ما يزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته.
والمعروف أن شو تردد في قبول جائزة نوبل حين عرضت عليه في العام 1925، لكنه قبلها أخيرًا وقال: quot;وطني إيرلندا سيقبل هذه الجائزة بسرور، لكنني لا أستطيع قبول قيمتها الماديةquot;، متبرعًا بقيمتها لتأسيس مؤسسة تشجع نشر أعمال كبار مؤلفي بلاد الشمال إلى اللغة الإنكليزية.
في الطب، لمع كل من البريطانيين ألكسندر فليمنغ وإرنست تشين والأسترالي هوارد فلوري لاكتشافهم البنسلين وآثاره العلاجية في مختلف الأمراض المعدية، وعالم الأمراض الأميركي فرنسيس بيتون روس الذي حصل على نوبل في الطب في العام 1966 لاكتشافه للفيروسات المسببة للسرطان، مناصفة مع الأميركي تشارلس هوغنس، وعالم الأحياء البريطاني روبرت إدواردز، الرائد في مجال البيولوجيا والطب التكاثري والتلقيح الصناعي، وحصل على جائزة نوبل في الطب في العام 2010 لدوره في تطوير الإخصاب خارج الرحم. وقد انتقد الفاتيكان منحه جائزة نوبل وذلك لأنه أدى إلى إشاعة ثقافة تعتبر فيها الأجنة مثل السلع.